وقع الفنان محمد عبدالوهاب عقدًا مع ليلى مراد لتلعب أمامه بطولة فيلم«يحيا الحب»عام 1938، ووفقًا لصالح مرسى فى كتابه «ليلى مراد»: «كان هذا العقد بمثابة اعتراف صريح من أشهر أصوات الرجال فى عالم الغناء، اعتراف من النجم الوسيم الرخيم الصوت، بأن ليلى مراد جديرة بأن تشاركه الغناء، علنًا، وأمام الناس فى فيلم سينمائى.. الأجر الذى تقاضته عن أول أفلامها لم يتجاوز الثلاثمائة جنيه، وكانت ليلى سعيدة، كانت سعيدة إلى حد الجنون، إلى حد الشلل وعدم التصديق، لا لأنها سوف تصبح نجمة سينما، ولأنها سوف تغنى من ألحان عبدالوهاب شخصيًا، ولا لأنها سوف تغنى من ألحان عبدالوهاب شخصيا، ولا لأنها سوف تمثل أمام معبود النساء والفتيات فى مصر، وأن فالنتينو عصره سوف يقع فى حبها ولو تمثيلًا، لا لشىء من هذا على الإطلاق.. كانت ليلى سعيدة، لسبب آخر شديد الغرابة، ذلك أن دورها كان دور بنت الباشا، أى باشا، حتى لوكان باشا ممثل، إن هذا بالذات سوف يردها إلى عالمها الخفى، إلى مدرسة «نوتردام دى زابوتر»، إلى الصديقات والزميلات بنت الحسب والنسب، إلى الترتيل فى الكنيسة كل صباح، إلى أحلام الطفولة المبتورة، إلى سعادة تمنتها بكل ما فى القلب من أمل - لكنها - وأسفاه - أعطتها ظهرها ذات يوم لتقيم أود عائلة بأكملها، وهى لا تزال فى عمر الزهور».
يذكر الكاتب والناقد الفنى أشرف غريب فى كتابه «الوثائق الخاصة لليلى مراد»: «كانت ليلى سادس مطربة تظهر كممثلة على شاشة السينما بعد نادرة بطلة فيلم «أنشودة الفؤاد» إخراج «ماريو فولبى» سنة 1932، ومنيرة المهدية بطلة فيلم «الغندورة»إخراج«ماريو فولبى»أيضًا سنة 1935، ونجاة على بطلة فيلم «دموع الحب» 1935 إخراج محمد كريم، وأم كلثوم بطلة فيلم «وداد» إخراج «فريتز كرامب»، ورجاء عبده بطلة فيلم«وراء الستار»إخراج كمال سليم 1937، لكن المطربة الناشئة «مواليد 17 فبراير 1918» لم تكن حققت شهرة المطربات الخمس بل تفوقت عليهن جميعًا سينمائيًا».
يؤكد «غريب» أنه باستثناء محمد عبدالوهاب، فإن أحدًا لم يكن يتوقع نجاح ليلى مراد فى السينما بعد «يحيا الحب» الذى عرض بدار سينما «رويال» فى 24 يناير عام 1938، حيث ظن الجميع أن مصير هذه الفتاة ذات العشرين ربيعًا، لن يكون أفضل من مصير بطلتى عبدالوهاب السابقتين فى فيلمى «الوردة البيضاء» و«دموع الحب» سميرة خلوصى ونجاة على، والغريب أن هذا الظن الذى ثبت خطؤه لم يكن فقط من الجماهير والنقاد، وإنما كان أيضًا من محمد كريم مخرج الفيلم، الذى لم يكن راضيًا فى بادئ الأمر عن ترشيح عبدالوهاب لليلى ولا عن أدائها التمثيلى بوجه عام».
ينقل «غريب» عن مذكرات محمد كريم: «اختار عبدالوهاب أن تكون البطلة التى تعمل معه فى فيلم «يحيا الحب» مطربة، ورشح آنسة اسمها ليلى مراد، وتمنى أن تعجبنى لاسيما من ناحية القوام، ولما رأيتها فى منزله وافقت على قوامها باستثناء جزء من جسمها لاحيلة لها فيه، وتذكرت أننى رأيتها فى حفلة خاصة تغنى على تخت من بعض الآلاتية، وأننى سررت من صوتها، وكان والد الفتاة وهو المطرب زكى مراد، قد زارنى وأوصانى بابنته.. ووجدت ليلى خجلى إلى أبعد حد، ولكنها تمتاز بالظرف والأدب، ولم تكن لديها حاسة التمثيل ولابد من تعلمها طريقة التعبير بالوجه والحركة».. يضيف«كريم»: «كانت ليلى مراد آنسة وديعة خجولة إلى أبعد حد، ضعيفة فى التمثيل إلى أبعد حد أيضًا، ولعل سبب ضعفها كان راجعًا إلى خجلها اللامتناهى، كانت تخجل حين تضحك، كانت تقول الكلام ثم تنفرج شفتاها عن ضحكة خافتة، فاضطر للاستعانة بفتاة من الكومبارس أسجل لها صوت الضحكة، وأضعه على صورة ليلى مراد.. وكانت تعتقد أننى قاس عليها، وكانت تتصور فى كل ملحوظة أبديها لها ضربا من ضروب قسوة التى لامبرر لها».
يؤكد «غريب»، أن الحاضرين فى 24 يناير 1938 طالعوا للمرة الأولى وجه المطربة ليلى مراد على شاشة سينما رويال بالقاهرة، وطالعوا فى تلك الليلة أيضًا ما كتبته ليلى فى الكتيب الدعائى للفيلم«بريس بوك»، حيث قالت: «أنا أحب السينما كثيرًا، وكنت أهتم بألا يفوتنى فيلم من الأفلام ولكن ماكان يخطر على بالى أنى سأظهر يومًا على الشاشة البيضاء، إلى أن دعيت لتمثيل دور البطلة فى فيلم«يحيا الحب»مع أستاذنا الكبير عبدالوهاب، فداخلنى شعور غريب هو مزيج من الفرح الشديد والرهبة الشديدة.. أدركت عندما وقفت أمام الكاميرا لأول مرة أن خوفى كان فى محله، وأن السينما فى الواقع متعبة ومرهقة، وآية ذلك أنه أغمى علىَّ أثناء التمثيل خمس مرات لكنها فى الوقت نفسه لذيذة.. مغرية ساحرة.. النجاح فى السينما - مثل كل عمل فى الدنيا - ليس أمرا هينا، وأظن أنى نجحت وليس هذا رأيى وإنما ذلك ما رآه مخرجنا كريم».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة