"نفسنا نعيش زى باقى الناس".. بهذه الكلمات يمكن تلخيص معاناة أهالى قرية بلال بن رباح التابعة لمنطقة النوبارية بالبحيرة تلك القرية النائية التى تم إدراجها ضمن أفقر 100 قرية فى مصر خلال مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى "حياة كريمة" تمهيدا لتطويرها وتنميتها بشكل متكامل.
فعلى بعد نحو 20 كيلومترا من مدينة النوبارية التى تقع حدودها على طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوى تباغتك لافتة مطموسة مدون عليها اسم قرية بلال بن رباح إحدى قرى الخريجين التى أقيمت فى مطلع التسعينات والتى يسكنها حوالى 5 آلاف نسمة ونسبة الفقر وصلت بها إلى 79.84% وفقا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.
فعندما تتفقد دروب تلك القرية المنكوبة الواقعة داخل الصحراء لابد أن يقفز إلى ذهنك سؤال أساسى كيف يعيش هؤلاء البشر هكذا؟ فالقرية تضم عدة منازل متهدمة تم تسليمها لشباب الخريجين فى بداية التسعينات وهجروها فيما بعد بسبب انعدام الخدمات، بالإضافة إلى منازل العمال المغتربين الذين نزحوا من أقاصى الصعيد باحثين عن فرص عمل داخل المزارع.
ونجد أغلب منازل القرية مقامة بالطوب الأبيض ومسقوفة بالأخشاب ولاترى أى مظاهر العمران إلا فيما ندر فحتى المنشآت الحكومية تحولت إلى أطلال تسكنها الثعابين والكلاب الضالة مثل الوحدة الصحية التى تم إغلاقها لعدم وجود أطباء أو تجهيزات ومركز الشباب لا نرى منه إلا ملعب ترابى لا يصلح لأى نشاط رياضى.
ومن المفارقات العجيبة أن تنشئ وزارة التعليم مدرسة يابانية بمصروفات داخل القرية التى يعانى أهلها أساسا من ضعف الخدمات التعليمية وارتفاع نسبة التسرب من المدارس بين أطفالها، ولذلك لم يتم تشغيلها حتى الآن لعدم وجود طلاب للالتحاق بها.
فى البداية أكد منصور عبد العزيز - مدرس - على معاناة أهالى قرية بلال بن رباح بسبب انعدام الخدمات الأساسية وكأنها قرية خارج حدود البلاد، مضيفا انه لا يوجد خدمات صحية على الإطلاق داخل القرية لإغاثة الاهالى أو رعايتهم وأن أقرب مستشفى على بعد أكثر من 20 كيلومترا وكذلك لاتوجد إلا مدرسة تعليم أساسى واحدة لا تلبى الزيادة فى أعداد الطلاب ولا يوجد نقطة شرطة ولا مكاتب للبريد والتضامن مما يضاعف من معاناة المواطنين.
وأوضح عبد العزيز أن إدراج القرية ضمن مبادرة الرئيس الجديدة أحيا الأمل فى نفوس الاهالى مرة أخرى بعد معاناتهم الشديدة خلال السنوات الماضية ويأسهم من تغيير أحوالهم.
وقالت فاطمة محمد السيد - عاملة بالمدرسة الابتدائية وتعول 4 أولاد وتسكن بمنزل متهالك بالإيجار: إن ما يعانيه أغلب سكان القرية فوق طاقة البشر فحتى المنازل يتم تأجيرها بمبالغ كبيرة تتعدى 500 جنيه فى الشهر ولا يوجد أى خدمات داخل القرية وكأنها ليست على الخريطة، وأرسلنا الكثير من الشكاوى إلى المسئولين لينظروا فى مطالب أهالى القرية ولكن لا حياة لمن تنادى، فالأمور كما هى لم تتغير من سنوات بعيدة وأملنا أن تكون مبادرة الرئيس السيسى لتطوير القرية فاتحة خير علينا.
فيما أكد محمود على عوض -عامل زراعى- أن أغلب مواطنى القرية من العمال البسطاء اللذين يعملون باليومية داخل المزارع المجاورة للقرية، مضيفا أن مطالب القرية بسيطة للغاية ويمكن تنفيذها بكل سهولة لأنها لا تتعدى توفير الحد الأدنى للمعيشة.
وأوضح محمود، أن هناك مشكلة أخرى يعانى منها المزارعون بالقرية وهى عدم وصول مياه الرى إلى أراضيهم وذلك لوقوعها بنهاية الترع مما أدى إلى تبوير تلك الأراضى وتلف المحاصيل المزروعة.
وأكد حمادة عطية -عامل زراعى- أن مشكلة قرية بلال بن رباح الأساسية تتلخص فى ازدواج تبعيتها فهى إداريا تابعة لمركز ابو المطامير وفى نفس تابعة لهيئة المجتمعات العمرانية ولذلك نجد كل جهة تحمل الجهة الأخرى تقديم الخدمات بها والضحايا فى النهاية هم أهالى القرية البؤساء.
وطالب مصطفى إبراهيم، الدولة، بتقنين أوضاع الأهالى الذين أقاموا منازل لهم على الأراضى الصحراوية بالقرية والموافقة على منح قطع أراضى لهم فيما يسمى بـ"المتخللات" بدلا من إزالة منازلهم البدائية، ومن غير المعقول أن تمتد حملات الإزالة إلى المنازل التى أقيمت بالصحارى فى حين نجد العمارات والفيلات بالمدن لا يقترب منها أحد بحجة تقنين أوضاعها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة