فى السنوات الأخيرة سجلت العاصمة الإيرانية طهران نسب تلوث عالية للغاية بحكم أنها العاصمة الوحيدة حول العالم المحاطة بالجبال من كل الجهات، وهو ما يمنع حكومتها من مواصلة التنمية والتطوير فى ضوء ندرة الأراضى وهو ما أدى إلى كثافة سكانية من بين النسب الأعلى فى العالم إلى جانب الزحام المرورى المضطرد، وهو ما أدى بالسلطات إلى اعتماد سياسة التوسع فى بناء الجسور وحفر الأنفاق وتعبيد الطرق الجديد خاصة فى ظل وجود محمود أحمدى نجاد ومحمد باقر قاليباف محافظين لطهران على التوالى.
ويأتى ذلك بجانب أن تلك السياسات لم تفلح من الحد فى الكثافات المرورية وزيادة التلوث الناجم عن مخلفات السيارات القديمة المتهالكة على خلفية العقوبات الدولية على البلاد فى الأربعين سنة المنصرمة، ما جعل عدد من نواب مجلس الشورى الإسلامى الإيرانى (البرلمان) يتقدمون بمذكرات لطلب نقل العاصمة من طهران إلى مكان آخر خارجها، خاصة أن البلاد بها مساحات استراتيجية كبيرة للغاية.
الزحام في العاصمة الإيرانية طهران
قديما كانت الأنظمة الإيرانية المتتالية تتخذ من مدن أخرى مركزا للحكم ومنها أصفهان وخراسان وشيراز وغيرها من المدن التى شكلت عواصم تاريخية للبلاد التى تعد من أقدم الحكومات المركزية عبر الحضارة.
فهل تستفيد إيران من التجربة المصرية فى بناء العاصمة الإدارية الجديدة خارج القاهرة؟ وهل يمكن أن تنجح إيران فى تلك التجرية إن استقرت على مكان جديد للحكم الإدارة على غرار تجربة المصريين الأخيرة؟
الكثافات المرورية في طهران
من جانبها ذكرت صحيفة خريدار الإيرانية أن اللجنة المنظمة لمركز الشؤون السياسية والإدارية للدولة برئاسة، إسحاق جهانكيري، النائب الأول رئيس الجمهورية, أشارت إلى ما تعانى منه طهران من مشاكل بيئية وزحام، وهو ما يتطلب البحث عن حلول جديدة للأزمة التى ليس لها حل فى ضوء التموضع الجغرافى التاريخى للعاصمة طهران.
ونقلت الجريدة عن جهانكيرى قوله إن ما يقرب من ربع المجتمع الإيرانى يقطن فى طهران, فى حين أنه ليس بالإمكان التغاضى أو غض البصر عن القضايا المتراكمة فى العاصمة, مؤكدا على أن تنظيم الوضع فى طهران يحتاج إدارة جامعة وموحدة, كما أن التدابير والحلول التى تتم دراستها من شأنها حل قضية المرور فى البلاد.
وأوضح جهانكيرى أن انتقال العاصمة السياسية والإدارية واحدة من أهم أولويات إدارة البلاد, أما فيما يتعلق بالمهام القانونية لانتقال المركز السياسى الإدارى للبلاد خارج طهران, فرأى أنه فى حالة إنجاز هذا الأمر ونقل عاصمة البلاد خارج طهران, فإن ذلك لن يقلل من أهمية ومكانة طهران التاريخية كمركز للثقل الجيوستراتيجى للبلاد الواقعة على الضفة الشرقية من الخليج العربى.
ولفت المسؤول البارز الذى نافس روحانى فى الانتخابات الرئاسية الماضية إلى أن موضوع نقل العاصمة من طهران ليس بالحديث, ففى العام 2017 تم الإعلان عن نقل العاصمة الإيرانية، التى تعانى من مشاكل بيئية وزحام وخطر زلازل، بعد أن بعث 73 نائبًا إيرانيًا رسالة إلى المرشد الأعلى على خامنئي، يطلبون منه فيها دعم خطة نقل العاصمة الإيرانية إلى مدينة أخرى، ومن المتوقع أن تكون العاصمة الجديدة فى مكان قريب من العاصمة طهران وتحديدا فى قزوين أو قم.
مؤشر النمو السكاني في طهران حتى العام 2016
فى غضون ذلك ذكر بيان صادر عن مكتب الرئاسة الإيرانية، أن الرئيس حسن روحانى بعث رسالة لمؤتمر نُظم لمناقشة المشاكل التى تعانى منها طهران، أوضح فيها أن نقل العاصمة من طهران إلى مدينة أخرى، يمكن أن يسهم فى تقليل المشاكل الناجمة عن الكثافة السكانية فى المدينة التاريخية.
ولفت الموقع الرسمى لرئاسة الجمهورية الإيرانية إلى أن مركز التعاون التنموى لرئاسة الجمهورية ووزارة الطرق والتنمية العمرانية سيقدمان التقارير بشأن انتقال العاصمة السياسية والإدارية خلال ستة أشهر من البحث والمطالعة الدقيقة ودراسات الجدوى, ويؤخذ فى الاعتبار آراء خبراء الجامعات والأجهزة ذات الصلة، بحيث تمت مراعاة الأبعاد العسكرية والأمنية والاقتصادية فى العاصمة الجديدة.
وتعد طهران العاصمة الثانية والثلاثون لبلاد فارس، وكانت قديماً عبارة عن قرية صغيرة تتبع مدينة الرى وتقع بينها وبين سفوح جبال ألبرز، وتوجد مدينة الرى حالياً جنوب مدينة طهران وتتصل بها عمرانياً، وأصبحت طهران عاصمة لإيران فى عام 1795 عندما قام ملك القاجار آغا محمد خان بنقل العاصمة إليها من مدينة شيراز.
على كل حال تبدو تلك المحاولة الإيرانية ذات أهمية بالنسبة للمواطن الإيرانى فى العاصمة، غير أنها ستواجه عددا من المشاكل المتعلقة بالتمويل اللازم لها بسبب العقوبات الأمريكية على الجمهورية الإسلامية إلى جانب عدم استقرار النظام السياسى فضلا عن ضعف رؤوس الأموال الداخلية لدى رجال الأعمال بسبب إخراج الكثير منهم ثرواته خارج البلاد على خلفية تدهور العملة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة