"زينون المقارى" الراهب الذى مات بالدير المحرق فترك خلفه بحرا من الأسئلة.. من يقف وراء نشر بيان كاذب منسوب للدير محل الواقعة؟.. وكيف أثر الحادث على قضية مقتل الأنبا ابيفانيوس المنظورة بالمحاكم

الأحد، 30 سبتمبر 2018 11:00 م
"زينون المقارى" الراهب الذى مات بالدير المحرق فترك خلفه بحرا من الأسئلة.. من يقف وراء نشر بيان كاذب منسوب للدير محل الواقعة؟.. وكيف أثر الحادث على قضية مقتل الأنبا ابيفانيوس المنظورة بالمحاكم زينون المقارى
سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ممسكا ببطنه المتألم فجرًا يصرخ ويطلب الاستغاثة فى قلايته، حتى يأتيه من ينجده ويصحبه لمستشفى الدير فى مدينة أسيوط التى تبعد ساعة عن الدير المحرق بالقوصية، ثم يموت فى الطريق هكذا بشكل غامض يرحل الراهب القس زينون المقارى المنضم حديثا لدير الأنبا مقار بوادى النطرون بناء على قرار من لجنة الأديرة التى قررت أن تعيد النظر فى دير الأنبا مقار بعد الخلافات والصراعات التى وقعت قبل وبعد مقتل الأنبا ابيفانيوس داخل الدير وبين رهبانه فى يوليو الماضى.

أسئلة الغموض والحيرة بعد وفاة زينون المقارى
 

توفى زينون بشكل مفاجئ تاركا خلفه بحرا من الأسئلة، لا تنفك إلا بوجوده، أما وقد مات فقد دفنت الكثير من الأسرار معه، لم يكن زينون المقارى أول من يتوفى بشكل غامض فى دير الأنبا مقار، فقد حاول زميله "إشعياء المقارى" المتهم الأول فى قضية مقتل الأنبا ابيفانيوس الانتحار بالسم أثناء التحقيق معه.

السموم والمبيدات الزراعية أكثر ما يتوفر فى الأديرة المتاخمة للأراضى والمزارع الشاسعة حيث يشرف الرهبان بأنفسهم على أعمال الزراعة، أما المتهم الثانى فى قضية الأنبا ابيفانيوس فهو الراهب "فلتاؤس المقارى" وقد حاول الانتحار أيضًا بقطع شريانه مرة ثم بسقوط من أعلى مبنى عيادة دير أبو مقار فى الدور الرابع مرة أخرى، ونظرا لكونه مريض سكرى فإن السقوط من أعلى وارتطام جسده بكتلة رمال أسفل عيادة الدير قد أصابته بسجحات وجلطات دموية، ومن ثم غرغرينا فشلت معها الحلول الطبية وقد تستلزم قطع الساق مثلما يقول مصدر بمستشفى القصر العينى، حيث يرقد فلتاؤس بعنبر المحبوسين متهما ثانيا فى القضية التى هزت الرأي العام المصرى.

بعد ليلة قاسية عاشها رهبان الدير المحرق فى أسيوط، وهم يودعون رجلًا مات فى ديرهم، جاء زملاء "زينون" وأخوته من رهبان دير أبو مقار يقطعون المسافة الكبيرة من صحراء وادى النطرون حتى صحراء أسيوط، يتسلمون جثمان "زينون" من مشرحة مستشفى جامعة أسيوط، ويعودون به إلى ديره مرة أخرى، يحضر بجثمانه تسبحة الفجر قبيل قداس عيد الصليب فى اليوم التالى.

من يقف وراء تسريب بيانات كنسية كاذبة؟
 

يقول راهب بدير الأنبا مقار شهد تلك الليلة القاسية، إن الدير لم يتيقن من شبهة انتحار "زينون"، رغم علمهم بأن وفاته تمت بشكل غامض، ومن ثم فإن حرمانه من الصلاة عليه وهو ذاهب للحياة الأخرى مع الله تعنى التيقن من انتحاره وهو ما لم يثبت حتى اليوم، فماذا تفعل الكنيسة إن لم يكن زينون منتحرا ودفن هكذا دون صلاة؟، يقول: سوف نندم كثيرًا إن دفن دون صلاة وكانت وفاته طبيعية أو دون أن يقتل نفسه بنفسه، فاخترنا أن نصلى ونترك الحقيقة لله وحده، وللجهات الأمنية التى تحقق فى الموضوع.

تواصلت ردود الأفعال على حادث وفاة زينون، وأحاط الغموض، ووسط كل هذا تتوه الحقيقة، وتبرز رغبة من يريدون الصيد فى الماء العكر، خاصة وأن زينون كان من مجموعة الـ17 راهبا الذين شكلوا جبهة عدائية ضد الأنبا ابيفانيوس رئيس الدير المقتول.

نشرت صفحة أبناء البابا شنودة المعروفة بمعاداتها للبابا تواضروس مساء أمس، بيانا نسبته للدير المحرق، ثم نفى القس بولس حليم المتحدث باسم الكنيسة القبطية صحة هذا البيان وقال إن الدير لم يصدر عنه شيئا حتى اليوم.

البيان المزعوم قال إن الرهبان وجدوا زينون فى حالة إعياء شديدة وآثارا لقىء دموى على الأرض وذلك من أجل التأكيد على فرضية انتحاره أو على الأقل تناوله السم سواء بنفسه أو بواسطة آخرين.

ثم يشير البيان إلى أن الراهب ترك الدير يوم الثلاثاء الرابع من سبتمبر دون إذن رئيس الدير ثم عاد مرة أخرى واعتذر واستلم قلايته (مكان سكنه) وأشرف عليها بنفسه، حيث أرسل له الأنبا بيجول رئيس الدير رسالة يحثه فيها على العودة فلما عاد احتضنه وسلمه مسكنه الجديد.

 

الكنيسة رسميا: الدير المحرق لم يصدر أية بيانات تخص وفاة زينون
 

نفت الكنيسة صدور هذا البيان عن الدير المحرق، بينما تواصل الصفحات الإلكترونية التى حذرت منها الكنيسة حملتها لتوجيه الرأى العام نحو الهجوم على البابا من ناحية وعلى تركة القديس متى المسكين ورهبان دير الأنبا مقار من ناحية أخرى.

بينما ينتمى زينون المقارى للرهبان الشنوديين الذين أدخلهم البابا شنودة لدير الأنبا مقار ورقاهم بعد وفاة متى المسكين، على طريقة "ذهب المعز وسيفه"، تحاول الصفحات الإلكترونية التى دأبت الهجوم على البابا تواضروس ومتى المسكين وتيارهم الإصلاحى أن تبرأ ساحة البابا الراحل من الخطأ الإدراى الذى ارتكبه عامى و2010 ، 2009 حين زار الدير وقرر السيطرة عليه بعد وفاة متى المسكين خارجا على مدرسته الرهبانية التى اتسمت بالشدة فى مقابل مدرسة أخرى تبناها البابا الراحل أكثر لينًا مع الرهبان، حتى أن البابا شنودة يذكر فى فيديو مسجل "أن رهبانا كثر يهربون من دير الأنبا مقار ويأتون إليه فى دير الأنبا بيشوى القريب منه، بل وأن البعض الأخر يعالج نفسيا من جراء تلك المعاملة القاسية"، فى المقابل يقول تلاميذ متى المسكين ومن بينهم القس يوئيل المقارى فى تسجيل صوتى إن رهبان كثر تركوا دير الأنبا مقار ولم يستطيعوا الاستمرار فى الحياة الرهبانية الحقيقية، حياة الآباء الأوائل وقد قارب عددهم الـ35 شخصا بين استمر أكثر من 80 راهب مع الأب الروحى للدير يتعلمون منه ويكتبون الأبحاث ويمارسون رهبنتهم التى يحبون حتى جاء البابا شنودة ووعدهم بالخروج من القمقم".

كيف تتحكم العداءات التاريخية فى واقع الكنيسة؟
 

لم يكن القمص متى المسكين شرًا مستطيرًا كما تحاول تلك الصفحات والتيارات المتشددة تصويره، فتتهمه بالهرطقة تارة والخروج عن تعاليم المسيحية تارة أخرى، بل إن أصل العداء يعود للخلاف الشخصى الذى وقع بينه وبين البابا شنودة ونتج عنه حالة الاستقطاب التى مازالت قائمة حتى اليوم.

كان الأنبا ابيفانيوس كأحد تلاميذ القمص متى المسكين يؤكد دائما أن دير الأنبا مقار تحول لساحة احتراب داخلى بسبب نزاعات بين الرهبان على المناصب الكنسية والدرجات الكهنوتية وهو ما رأى فيه شرا على الكنيسة كلها وعصفا بفكرة الرهبنة نفسها، الأمر الذى دفعه لتقديم ورقة لإصلاح حال الرهبنة للبابا تواضروس عام 2013 ثم تحولت تلك الاقتراحات لقرارات من المجمع المقدس بعد مقتله.

كشفت قضية مقتل الأنبا ابيفانيوس النقاب عن الخلافات بوضوح، فلم تكن مجرد حادثة عادية بل تشبه إلى حد كبير ما جرى فى الكنيسة الكاثوليكية فى العصور الوسطى، من احتدام داخلى وصراعات على عدة مستويات لا ينظر منفذوها لمستقبل الكنيسة ووحدتها رغم إنها صامدة منذ أكثر من ألفى عام قوية فى وجه الانقسامات صامدة بقوة التاريخ وبصلوات قديسيها وآبائها.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة