بعد مضى نحو عام ونصف على توليه الحكم، يواجه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أزمات متزايدة فى الداخل، فى الوقت الذى يسعى فيه إلى كسب زعامة أوروبا، وقد أثرت هذه الأزمات على شعبيته بشدة.
فخلال الأيام الماضية، وجد ماكرون، الذى تمتع بشعبية كبيرة مع وصوله إلى الإليزيه فى مايو العام الماضى، نفسه فى مواجهة محرجة أخرى مع أحد الناخبين الشباب واستقالة محرجة أخرى من أحد أعضاء حكومته، بحسب ما قالت مجلة فورين بولسى الأمريكية.
وتشير المجلة إلى أنه لم يكن من المفترض أن يكون الطريق هكذا للسياسى الذى جاء للحكم على أمل التغيير. فعندما تولى مسئولية الرئاسة الفرنسية استطاع أن يكون الرئيس الذى لا ينتمى إلى اليمين أو اليسار لكن يحظى بتأييد كليهما. وتم الاحتفال بهزيمته الكاسحة لمنافسته اليمينية المتطرفة مارى لوبان حول العالم، حيث أثبت أنه قادر على فعل ما لم تستطع الماكينات السياسية تحقيقه فى الولايات المتحدة وبريطانيا، وهو مواجهة الشعبوية وكبح جماح القومية واتخاذ طريق وسط بينهما. وكانت شعبيته قبل عام ونصف تصل إلى 62% وهى نسبة أعلى مما حصل عليه الزعماء الذين تم انتخابهم ديمقراطيا.
لكن يبدو أن كل هذا يتراجع الآن، ويبدو أن ماكرون يخسر حب الناخبين الشباب، وهى الفئة التى كان دعمها دوما غير ثابت، وذلك بعد واقعتين الأولى حدثت فى الصيف الماضى عندما طالب أحد الشباب الذى كان يتحدث معه بأن يخاطبه قائلا: سيدى الرئيس. والثانية حدثت فى الأيام الأخيرة عندما قال لناخب آخر اذهب وجد وظيفة.
كما يبدو أن ماكرون يخسر حب حكومته التى تضم سياسيين من اليمين واليسار وذلك بعد استقالة وزير البيئة نيكولاس هولن الشهر الماضى وأعلن استقالته على الهواء مباشرة، كما استقال وزير الداخلية جيرارد كولومب هذا الشهر، وأعلن عن خطته للترشح لمنصب عمدة مدينة ليون وفى الانتخابات التى ستجرى فى عام 2020 ويبدو أيضا أنه يخسر شعبيته التى تراجعت إلى 30%.
مظاهرات معارضة لماكرون
وكان ماكرون قد فاز فى الانتخابات الرئاسية العام الماضى بنسبة66.1% بسبب مشروعه الإصلاحى لتطوير منطقة اليورو، إلا أن العديد من فئات الشعب المختلفة الذين صوتوا له انتقدوا سياساته قائلين إنها تصب فى صالح خدمة الشركات والأغنياء.
وتقول "فورين بولسى" إن البعض قد يفترض أن السبب وراء هذا التراجع هو حدوث صدام بين التوقعات والحقيقة. فالترشح بأجندة تستند إلى مشروعات إصلاحية هائلة كما فعل ماكرون يترتب عليه أن يكون السبب وراء عدم شعبيته هو عدم القدرة على تنفيذ الوعود. لكن بعد الكشف عن خطة لتطوير نظام الرعاية الصحبة الفرنسة هذا الأسبوع، وخطة لبناء "إسلام فرنسى" الأسبوع الماضى وإدخال إصلاحات فى خدمة السكك الحديدية وقوانين العمل، يتبين أن المشكلة لا تتمثل فى إخفاق الرئيس بوعوده. وترى المجلة الأمريكية أن المشكلة التى يواجهها ماكرون هو أن الإصلاحات التى يقوم بها لم تعد ذات جاذبية، فالسياسات الطموحة للغاية التى أذهلت الناخبين، لم تعد ترضيهم الآن.
وضربت الصحيفة مثالات بالإصلاحات التى قام بها ماكرون لخلق فرص العمل والنمو الاقتصادى. وقالت إن الرئيس الفرنسى اعتقد أن تخفيف القيود المفروضة على أصحاب العمل والسماح لهم بالعمل بمرونة أكبر سيجعل البلاد أكثر جاذبية للصناعة. لكن الأمر أسفر عن تسريح مفاجئى لعشرات اللآلاف من العمال، فيما اعتبر دليلا على فشل إصلاحاته الاقتصادية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة