"سعد" اسمه الذى لم يأخذ منه نصيبا فى الحياة، فهو ابن الـ9 سنوات الذى لم يجد الحظ الوافر مُنذ ميلاده، فولد بإعاقة تسببت فى حدوث شلل فى الكثير من أجزاء جسده وعدم استطاعته الحركة أو القدرة على الحديث كبقية أقرانه، مع حركات لا إرادية تفاجئه من الحين للآخر، حتى عُرف اسم مرضه بـ"الشلل الدماغى".
"بنجرى بيه من ساعة ما اتولد، ومستعدين نخدمه لغاية آخر لحظة فى عمرى"، كلمات قالتها نادية عمر، الأم المكلومة على ابنها الأصغر، الذى جاء بعد فترة طويلة من إنجاب أخويه الأكبر منه، فقد ولدته فى سن كبيرة تخطت الأربعين، آتية من قريتها بمحافظة الفيوم لتجوب كل مكان يمكن أن تجد فيه الشفاء لابنها، مُتحملة التكاليف الباهظة فى العلاج بالقاهرة، وراضية بالسكن البسيط فى غرفة صغيرة برفقة زوجها مقابل حراسته لعقار تحت الإنشاء.
حالة سعد
"سعد" ولادته كانت مختلفة عن غيرها من الولادات، حيث كان لديه نزيف داخلى فإنه يتقأ دمًا وساكت لا يبكى والأكثر غرابة كان يتبدل لونه ما بين الاحمرار والزرقة، وذلك بجانب جسمه غير المتماسك واللين مع ضمة ركبتيه الشديدة، ولم تحيط المشكلات بالمولود فقط بل والدته أيضا التى تقول: "كانت ولادته صعبة عليا، وجاتلى بعدها غيبوبة"، فعلى الرغم أنها ولادة طبيعية إلا أنها أصابتى بحالة نزيف وتم حجزى فى المستشفى ما يتجاوز الأسبوع لتستقر حالتى مرة أخرى"، وظل هو الآخر حالته غير مستقرة حتى أن أتم شهره الثامن لتبدأ ملاحظة الأهل ليونة عظامه وعدم قدرته على ثباته فى الجلوس، وفقد النطق وعلامات أخرى جعلت الشك يدخل فى قلوب الوالدين الذين لا يعلمون من الطب شيئا أو ما يلزم الذهاب عنده للطبيب.
بداية الرحلة.. نفقات باهظة وتحد للظروف
سعد مع والده
هكذا بدأت رحلة الوالدين مع ابنهما فى معرفة ما يشكو منه، حيث يقول أحمد محمود والد سعد: "الدكتور عمله رسم مخ بـ 280 جنيها وقتها ودفعنا كشف 250 وأشعة رنين 800 جنيه، وبعدها قالى ضمور عضلات وشلل دماغى ورغم المصاريف الكتير، جريت عليه من دكتور للتانى لفيت كعب داير بينهم وعملت جوابات التأمين عشان أعمله عملية تطويل أوتار وفتح حوض فبدل التفاف رجله على بعضها بقيت مفرودة وجسمه مستقيم عشان يقدر يقعد ويقف".
وأضاف والد سعد: "الدكتور قالى أنت تاعب نفسك ليه فى ناس عندها المقدرة ومبتجريش كدة"، مؤكدا أنه يرى أن ابنه الصغير من حقه أن يعيش طبيعيا مثل باقى إخوته الذين تزوجوا وأصبح هو وزوجته مع ابنهما ليرعياه ويقدما له الدعم وهم على أمل فى الشفاء وإن كان تقدم حالته بطيئا.
وعلى الرغم من قلة وعى الأهل وليس فقط قلة سعة اليد، إلا أن سعيهما المستمر جعلهما يتمكنان من التوصل لمركز تأهيل وعلاج طبيعى خيرى يتلقى الطفل به جلسات العلاج الطبيعى، حيث يقدم الخدمة مجانا للمرضى غير القادرين على نفقة العلاج، ويتابع أهله أيضا مع طبيب مخ وأعصاب من أهل الخير الذين يتبنون الحالات مجانا، حيث تقول نادية: "احنا فى دوامة العلاج الطبيعى بقالنا 5 سنين.. احنا بنعمل اللى علينا معه وبنلف بيه فى كل مكان، وبدعى ربنا أن يتحسن ".
الأكل والاستحمام معضلة مع طفل الشلل الدماغى
سعد يأكل طعامه
وتعبر والدة سعد عن جانب من معاناتها مع طفلها: "بتعب علشان أعمله احتياجاته كل يوم، وبيغلبنى فى الأكل"، حيث تحكى الحاجة نادية عما تشعر به يوميًا خلال خدمة ابنها المريض، بداية من استيقاظه ليبدأ الروتين اليومى، حيث إنها كرست نفسها لخدمته دون الاعتناء بشىء آخر، تُجهز له الثياب النظيفة ويساعدها زوجها فى اغتساله، ثم تحضر له الطعام من نفس أنواع الأكلات التى تتناولها مع زوجها وليس طعام مخصص له وذلك لقلة الإمكانيات التى قد تساعدها فى الالتزام بنظام غذائى معين لطفلها المريض.
ونصحت الوالدة كل أم ألا تهمل أبدا فى صحة طفلها، وتحاول اكتشاف حالته مبكرا منذ الشهور الأولى لأن ذلك يساهم فى حالته كثير ويسرع من علاجه.
تتبع طريق الوجع والمرض فى مراكز الشفاء
سعد خلال العلاج الطبيعى
وخلال معايشتنا ليوم فى حياة الطفل سعد، ذهبنا معه لأحد المراكز التى يتلقى فيها العلاج الطبيعى، حيث قابلنا دكتور مصطفى، أخصائى العلاج الطبيعى، المتابع لحالة سعد والذى حدثنا عن تشخيص الحالة تحديدا والتى تسمى بـdyskinetic cerebral palsy"، وهو نوع من أنواع الشلل الدماغى، حيث تشمل جلسة العلاج الطبيعى على التعامل مع حالته، فيعانى من شد فى أطراف جسمه العلوية والسفلية، ويتم تقليل هذا الشد من خلال التمارين ليعود للحياة الطبيعية، ويتمكن من المشى والوقوف والاعتماد على نفسه.
وعن تفاصيل الجلسة، قال الدكتور مصطفى: "سعد بياخد 3 جلسات فى الأسبوع لمدة نص ساعة كل منها وبتكون تمارين لايده ورجله، وأول ما جه سعد كان ركبه ضامه وأطرافه شدة تماما لكن دلوقتى فى تمسك لديه وأقصى حاجة ممكن يوصلها وبنحاول فيها أنه يمشى لوحده، ولكن بوسيلة مساعدة يسند عليها".
عائلة سعد
لماذا يعانى سعد من الشلل الدماغى؟
حالات الشلل الدماغى تحدث بنسبة 5 أطفال كل 1000 طفل وفقا لآخر الإحصائيات العالمية التى أقرتها منظمة الصحة العالمية، والذى يتحدث عن أسبابه الدكتور أشرف جلال أستاذ المخ والأعصاب قائلا: إن له ثلاث أسباب أما مشاكل خلال الحمل أو الولادة أو بعدها".
وتتمثل الأسباب التى تحدث فى الحمل فى تناول أدوية غير مناسبة أو التهاب فيروسى يحدث لها يؤثر على الجنين أو مشكلات فى الولادة أو بعدها، وبالتالى يقل الأكسجين الذى يصل للجنين، ونتيجة لذلك لا يتطور المخ ليصبح مكتمل أو يحدث ضمور فى بعض أجزائه، مؤكدا أن هناك 3 أنواع من الشلل الدماغى منها نوع يعانى من مشكلة فى التوازن ويطلق عليه ترنحى، وآخر تيبسى والنوع الذى يشكو منه سعد ينتج عنه حركات لا إرادية وإعاقة فى الحركة، وتزيد شكوك الأهل حول مشكلة الطفل عندما يظهر عليه فى سن الثمانية أشهر بشكل خاص أنه لا يزحف أو يجلس أو ينطق أى كلمات، وبعضهم يعانى مشكلة فى السمع تبدو فى مدى انتباه الطفل لكلام من حوله".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة