فيما يعد كارثة اقتصادية جديدة تطال الأرجنتين، تلك البلاد التى كانت قبل نحو 10 أعوام واحدة من أهم الاقتصادات فى العالم وثالث أكبر اقتصاد فى أمريكا اللاتينية، واصلت العملة المحلية "البيزو" انهيارا تاريخيا أمام العملات الأجنبية على خلفية الديون الدولارية وسياسات الرئيس، ماوريسيو ماكرى، غير الواقعية.
لماذا تم رفع سعر الفائدة؟
فقد رفعت الأرجنتين أسعار الفائدة إلى مستوى عالمى غير مسبوق، فى إطار السعى إلى مساعدة صندوق النقد الدولى لإنقاذ البيزو، فى أعقاب مواصلة العملة المحلية خسائر مروعة بعد زيادة البنك المركزى بمقدار 15 نقطة، وتأتى تلك الخطوة بعد يوم من طلب ماوريسيو ماكرى، رئيس الأرجنتين، لصندوق النقد الدولى عن دفعات أسرع لسد العجز الرهيب فى سعر صرف العملة.
وقالت وكالة بلومبيرج الأمريكية المتخصصة فى الشؤون الاقتصادية، إن أزمة العملة فى الأرجنتين ازدادت يوم الخميس، حيث انخفض البيزو بنسبة 20 فى المئة فى هبوط متسارع بعد أن حاول البنك المركزى تعزيز الثقة مع زيادة طارئة فى أسعار الفائدة.
ورفع البنك سعر الفائدة إلى مستوى عالمى بلغ 60 فى المئة، وهو أحدث محاولة من جانب صناع السياسة النقدية للدفاع عن العملة التى فقدت أكثر من نصف قيمتها هذا العام، وقبل ذلك بيوم واحد، صدم الرئيس ماوريسيو ماكرى البلاد بدعوة للحصول على دفعات أسرع من صندوق النقد الدولى، الذى قال إنه يدرس الطلب.
اضطراب مالى
ولفتت الوكالة إلى أن الأرجنتين تتعثر مرة أخرى اقتصاديا وسط نوع من أنواع الاضطراب المالى الذى يفترض أن تكون حكومة ماكرى قد حلته تماما، بينما يفقد المستثمرون الثقة فى أن الرئيس الذى جاء إلى السلطة فى ديسمبر 2015 بعد أكثر من عقد من الخطاب الشعبوى المعادى للميزانية، يمكن أن يدعم الاقتصاد ويجلب العجز المالى والتجارى فى الأرجنتين، ومعدل التضخم فيها، إلى مستويات يمكن التحكم فيها.
معدلات العملة الأرجنتينية
غير أن ماكرى وعد بحل سلس وتدريجى، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وقال إدوين جوتيريز، رئيس الديون السيادية فى الأسواق الناشئة فى لندن لدى "أبردين ستاندرد إنفستمنتس": "لا يمنحهم السوق خيارًا.. إنه يجبرهم على التخلص من كل الخيارات الأخرى باستثناء رفع سعر الفائدة".
وأوضحت الوكالة، أن الأزمة المتتالية فى الأرجنتين بعد هزات من خلال الأسواق الناشئة الأخرى، التى اهتزت فى الشهر الماضى بسبب تحطم مماثل ومستمر فى تركيا، حيث انخفضت الليرة بنسبة 4.4٪ يوم الخميس، كما سجلت العملات من المكسيك إلى جنوب إفريقيا خسائر أيضًا، فى حين تدخل البنك المركزى البرازيلى لدعم الودائع مع مزادات مبادلة إضافية.
أكبر قرض فى التاريخ
هذا حدث فى الوقت الذى كان لدى الأرجنتين بعض الدفاعات النقدية التى يمكن استثمارها، بعد الحصول على أكبر قرض من صندوق النقد الدولى فى التاريخ، وتمت الموافقة على حزمة ائتمانية بقيمة 50 مليار دولار فى يونيو، كما أن البلاد لديها مستويات منخفضة نسبياً من الديون بالعملات الأجنبية، بعد أكثر من عقد من التمويل العالمى للبلاد.
معدلات البنك المركزي الأرجنتينى
لكن بوينس آيرس عادت إلى الأسواق فى مقطع سريع تحت حكم ماكرى ذلك الذى أضاف أكثر من 50 مليار دولار من الديون الدولارية فى غضون عامين، مع معدلات تضخم فوق 30 فى المئة ومن المقرر أن يتسارع التضخم أكثر فأكثر بعد انخفاض البيزو.
وكانت الحكومة تهدف إلى تخفيض العجز الإجمالى فى الميزانية إلى 5.1 فى المئة من الناتج المحلى الإجمالى هذا العام من 6.5 فى المئة، إذ إنها تتوقع بالفعل انكماشًا اقتصاديًا هذا العام بنسبة 1٪ وهو تدهور حاد من النمو بنسبة 3٪ الذى كان متوقعًا فى بداية هذا العام.
محاولة للسيطرة على التضخم
فى غضون ذلك رفع البنك المركزى فى الأرجنتين سعر الفائدة القياسى إلى 60 بالمئة اليوم الخميس فى محاولة للسيطرة على تضخم جامح بينما هوت العملة المحلية البيزو إلى مستوى قياسى منخفض جديد أمام الدولار الأمريكى، ومن المتوقع أن ينكمش ثالث أكبر اقتصاد فى أمريكا اللاتينية هذا العام.
ورفع البنك المركزى سعر الفائدة القياسى من 45 بالمئة لمكافحة تضخم بلغ 31 بالمئة فى الاثنى عشر شهرا حتى يوليو. وأصدر البنك المركزى بيانا يقول فيه "إنه استدعى لجنته للسياسة النقدية إلى اجتماع خاص صوتت خلاله بالإجماع على رفع سعر الفائدة الرئيسى للرد على مشكلة سعر الصرف الأجنبى ومخاطر ارتفاع التضخم"، وفقا لرويترز.
وقال متعاملون إن البيزو هبط 18.8 بالمئة إلى 42 مقابل الدولار وهو مستوى قياسى منخفض جديد. وفقدت العملة الأرجنتينية حوالى 54 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام الحالى وهو ما يجعلها العملة الأسوأ أداء فى العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة