إيران من الداخل.. كسجاد تتشابك خيوطه وعقده وتتنوع معتقداته وأديانه، وعند الحديث عن أهل سنة إيران فأنت تتحدث عن أقلية يئن أتباعها دوما، رغم أنهم يعدون المكون الثانى الأساسى للجتمع الإيرانى، ومعظمهم من أعراق مختلفة من الأكراد والتركمان والعرب والبلوش، الذين يعيشون فى الأقاليم الحدودية من البلاد، وتشير احصاءات غير رسمية إلى أن عدد السنة حوالى 20 مليون نسمة من أهل السنة من مجموع سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون ويقطن طهران فقد مليون سنى.
محاولة التحدث إلى علماء السنة فى الظرف الراهن داخل إيران ليس أمرا سهلا. فقد يكون الأمر محفوف بالمخاطر فى ظل أوضاع متأججة منذ أشهر، وموجة احتجاجات واضطرابات شعبية جراء السياسات الاقتصادية، ممتدة للعديد من المدن بكافة أطياف وأعراق وأقليات إيران، فضلا عن نظرة السلطات إلى هذه الأقلية الدينية حيث ينظر إليهم وللاقليات بشكل عام بنظرة يشوبها القلق، وترى السلطات الأمنية الاقليات والأعراق ثغرات يمكن أن يتسلل منها أعداءها.
ورغم ذلك، ومن منطلق إلقاء الضوء على حياة السنة فى إيران ومعاناتهم التى لم تصبح خافية على أحد بعد أن تعالت الأصوات داخل هذا البلد بتلبية مطالبهم والتى تعد بالأساس حقوقا يكفلها لهم الدستور الإيرانى فى مادته الـ 12ونادت باحترام اتباع المذاهب الأخرى، ولكسر الصورة النمطية عن الحديث عن مشكلات أهل السنة، يغوص "اليوم السابع" أكثر وأكثر فى باطن المجتمع السنى الإيرانى الذى لا يُعرف عنه الكثير، ويذهب إلى أبعد من مشكلاتهم إلى إبراز النماذج المشرفة من شبابهم ممن يتمتعون بكفاءة عالية وتظلمهم سلطات بحرمانهم من المناصب السياسية.. وفى محافظة سيستان وبلوشستان فى جنوب شرقى إيران وبالتحديد فى قرية شاه جمال بمدينة ايرانشهر، بدأ الحوار مع خطيب مسجد شاب لم يتجاوز عمره الـ 30 عاما؛ وإلى نص الحوار..
اهل السنة فى إيران
فى البداية عرفنا بنفسك؟ ولماذا اخترت دراسة العلوم الدينية وهل تمنيت دراستها يوما فى الأزهر الشريف بمصر؟
الشيخ عزيز الرحمن ملازادة، 27 عاما، ولدت فى أسرة متدينة والدى الشيخ مولانا عبد القدوس ملازاده كان من كبار علماء السنة الإيرانيين، إمام وخطيب مسجد بقرية شاه جمال الواقع بمدينة إيرانشهر، درست العلوم الدينية، وأدركت أنه على مدار التاريخ بلغ الإنسان ما بلغ من التطورات الفكرية والأخلاقية والاعتقاد والثقافية والاجتماعية العظيمة ونجا من الظلمات ومهالك الزمن كل ذلك كان كان ببركة القرآن وأحاديث الرسول (ص)، ومن منطلق ذلك ضاعفت جهودى، وأوليت اهتماما كبيرا بهذه العلوم حتى اكتسبتها، ونظرا لحبى للإطلاع عن كتب وسير علماء جامعة الأزهر فى مصر فانى اشتقت كثيرا لرؤية علماء الأزهر ولاسيما جامعة الأزهر عن قرب، أسأل الله أن يوفق جامعة الأزهر دوما وأبدا.
أرى أنك شاب كيف وصلت بسرعة إلى مقام إمامة مسجد فى مدينتك؟ وهل واجهتك مشاكل أو صعوبات فى ذلك؟
نعم وصلت أيضا وأنا فى سن الشباب لإدارة مدرسة دار الفرقان الدينية بالقرية مفسها، وخطيب جمعة مؤقت فى سيستان وبلوشستان، فهى مشيئة رب العالمين وحسن ظن العلماء بى، ثانيا أنا أنهيت دراستى فى عمر الشباب، ومنذ ذلك الحين وأنا منشغل بالتدرس، وتزامن ذلك مع تعيينى خطيب جمعة مؤقت، وبالتأكيد عانيت الكثير من الصعاب لكنها لم تكن مشكلة بل كانت رحمة وسلم لتقدم العبد الفقير.
عزيز الرحمن
كيف يقضى أهل السنة عيد الأضحى فى إيران؟ وفى مدينتكم حدثنا عن طقوس العيد؟
أيام عيد الفطر والأضحى تعد من أكثر مناسبات أهل السنة المليئة بالفيض والبركة والتى تلقى احتراما وترحيبا كبيران لدينا، وتنصب جهود المسلين هنا على إقامة مراسم العيد فى أجمل وأدق صورها، نقيم صلاة عيد الأضحى فى قرية شاه جمال، ومثل كافة مناطق أهل السنة الأخرى فى إيران، العيد هنا له بهجته الخاصة فى المشاركة فى صلاة العيد ومن ثم ذبح الأضاحى.
هل واجهتم معاناة فى صلاة عيد الأضحى؟
عندنا فى سيستان وبلوشستان نصلى العيد دون مشكلة، لكن المشكلة تكمن فى العاصمة طهران، هناك مشكلة كبيرة لأهل السنة فى ذلك اليوم، لا يستطيعون أن يصلون فى مكان واحد سواء فى العيد أو صلاة الجمعة، ويستأجرون منزل للصلاة ويصلون مجموعة مجموعة، ونتمنى ونطالب المسئولين بحل هذه المشكلة الموجودة منذ عمر الثورة فى إيران منذ نحو 40 عاما، ورغم تأكيد الشيخ إسماعيل مولوى زعيم السنة هنا عليها لكنها لم تحل بعد.
حدثنا عن أوضاع أهل السنة فى مدينتكم؟
الحمد لله تتحسن بشكل خاص أوضاع أهل السنة فى مدينة ايرانشهر، وذلك بفضل الفعاليات التى تقوم بها المدراس الدينية فى هذه المدينة، وأبرزها هذه المدارس حقانية وشمس العلوم ودار الفرقان بمنطقة شاه جمال. أوضاع أهل السنة فى شاه جمال الحمد لله تحولت بشكل كبير عن العقدين الماضيين بفضل الفعاليات الخاصة لوالدى الشيخ (مولانا عبدالقدوس ملازاده) رحمه الله وتغيرت كثيرا، فقد أوجد مناخ اسلامى فى قرية شاه جمال عبر تأسيس مسجد جامع مستوحى تصميمه من بيت المقدس، وتأسيس مدرسة دار الفرقان الدينية، ومكتب فاطمة الزهراء الذى يتم داخله تحفيظ القرأن سنويا.
عزيز الرحمن ملازادة
إذن انتم من خيرة شباب السنة فى إيران ما هى مطالب شباب السنة.. هل من الممكن أن تكشف عنها إلى العالم العربى؟
أنا بصفتى أحد شباب ورجال الدين السنة فى إيران، مثل الآخرين أطالب بالتحقيق فى المشكلات الكثيرة التى يواجهها أهل السنة، والتى من أبرزها عدم منح تصاريح بناء المساجد فى العاصمة طهران، وتعيين الأشخاص الأكفاء من أهل السنة فى المناصب السياسية والحكومة.
هل لديك حظر التنقل فى مدن إيران؟
ليس لدي مشكلة فى التنقل بين المدن الإيرانية، فالذى يواجه هذا الحظر هو الشيخ مولانا عبد الحميد إساعيل زهى زعيم أهل السنة.
حدثنا عن تأثير زعماء السنة فى إيران؟ وفى رأيك ما هى أكثر الشخصيات المؤثرة بين أهل السنة هناك والتى تنادى دوما بمطالبكم؟
تاثير علماء أهل السنة منذ بداية الثورة فى إيران عام 1979 وقبلها وحتى الآن كان كبير ومؤثر، وكان بينهم أشخاص غيروا مصير السنة فى إيران، وإذا طالعنا التاريخ فى إيران سنجد اسم مولانا عبد العزيز ملازادة، مؤسس جامعة دار العلوم فى مدينة زاهدان، ومسجد الجامع المكى، وكذلك مولانا محمد عمر سربازى الذى له أكثر من 100 مؤلف، ويستفيد المجتمع السنى بشكل خاص من مؤلفاته، وأحد أكثر كتبه شمولا كان كتاب تفسير تبين الفرقان. وفى الوقت الحالى يعد الشيخ مولانا عبد الحميد إسماعيل زهى والشيخ الحديث مولانا عبد الرحمن ملازهى من أكثر الأفراد ثقة بين أهل السنة فى إيران. ويستمع أهل سنة إيران إلى هؤلاء ويثقون فيهم بشكل كبير، على مدار التاريخ وفى الوقت الراهن عمل هؤلاء على طرح الكثير من مطالب أهل السنة واسأل الله أن يحفظهما.
كيف تثمن تأثير زعماء أهل السنة على مطالبكم؟ هل تلبيها السلطات؟ وما هو رأيك فى التواجد السنى الإيرانى على الساحة السياسية فى هذا البلد؟
ذكرت أن علماء السنة منذ الثورة وحتى الأن كانوا من أكثر الأشخاص تأثيرا فى مطالب الشعب حتى بين الشيعة، لذا يتمتعون بشعبية خاصة بين عامة الشعب الإيرانى.
قرية شاه جمال
حدثنا عن أوضاع المدارس الدينية لأهل السنة فى محافظة سيستان وبلوشستان؟
أوضاع الدارس الدينية فى مدينة سيستان وبلوشستان جيدا جدا ويوما بعد يوم فى تقدم، وهذا بفضل جهود العلماء الدءوبة والتى ذكرتها.
هل تأثر أهل السنة بالأزمة الاقتصادية فى إيران؟
نعم بالتأكيد تأثرنا جميعا، فالأسعار ارتفعت وانخفض قدرة الشراء، ونأمل أن تنتهى على خير فالرئيس قال أننا سنعبر هذه الأزمة إن شاء الله.
اهل السنة
وأخيرا كيف تثمن أوضاع السنة فى عهد الرئيس حسن روحانى؟ وفى رأيك أى من الرؤساء المتعاقبين على إيران استمع لأصواتكم؟
تحسنت أوضاع السنة خلال فترة رئاسة الرئيس حسن روحانى من حيث "حرية التعبير" عما كانت عليه الفترات السابقة، لكن لم تتحقق بعد مطالبنا، ونؤكد أيضا على تحسين الأوضاع الاقتصادية للشعب، فأغلب الشعب الإيرانى فى الوقت الحالى يعيش صدمة اقتصادية طاحنة ومعيشية صعبة، ونتمنى أن تنتهى هذا الظرف بسرعة.
مسجد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة