كيف مرت هذه الأعوام على ثورة 30 يونيو دون أن نرى فيلما سينمائيا ضخما ملحميا يخلد هذه اللحظة العظيمة فى مسيرة بلدنا، نضالاً ضد الفساد والقهر والديكتاتورية والاستبداد السياسى والدينى معا؟
فى كل مرة، وفى كل موسم من مواسم السينما، سواء فى العيد الصغير أو العيد الكبير أتابع حركة شركات الإنتاج، ونتابع دور العرض السينمائية والأفلام الجديدة التى تطرحها شركات السينما فى مصر، دون أن نرى فى الحقيقة عملا وطنيا كبيرا يعالج ما جرى فى مصر سياسيا وتاريخيا.
أعرف بالطبع صعوبة أن تناقش السينما تاريخا معاصرا، وأعرف أيضا أن هناك الكثير من الملفات التى ربما يخشى السينمائيون لسبب أو لآخر أن يقتحموها بأعمالهم الدرامية، لكننى أعرف أيضا أن التعاون ما بين المؤسسات المختلفة فى مصر، وبين الشركات المنتجة، وبين مؤسسات الدولة، يمكن أن ينتج لنا عملا ملحميا كبيرا، يخلد هذه الثورة ويقدم للأجيال الجديدة قصة كفاح الشعب المصرى ضد استبداد الجماعات الإرهابية، ويضع النقاط على الحروف فى كل الشائعات التى تعرضت لها 30 يونيو سواء فى الداخل أو فى الخارج.
أتصور أن عملا بهذا الحجم يمثل أكبر رد ممكن على عمليات تزييف تاريخ هذه الثورة التى جرت عبر عناصر التنظيم الدولى للإخوان ومموليهم من المخابرات القطرية والتركية، والإعلام القطرى والتركى، والإعلام الموالى لهم فى الخارج.
إن عملا سينمائيا عن 30 يونيو يمثل احتياجا ضروريا، احتياجا تاريخيا لهذا البلد، لا يمثل فقط إنجازا فى مجال السينما، ولكنه أيضا يمثل إنجازا للتاريخ وانتصارا لإرادة الشعب.
أنت تعرف أن ثورة 23 يوليو استطاعت من خلال فكر متقدم وحركة سينمائية وغنائية شعرية وأدبية وصحفية رائدة داخل مصر فى هذا التاريخ، أن تخلد أحداث الثورة، وأن ترد على الكثير من الزيف، وأن تصنع وعيا خاصا بثورة يوليو فى مصر وفى العالم العربى والعالم أجمع. كانت هذه الثورة توصف بأنها انقلاب عسكرى فى الصحافة الغربية، أيضا، وكانت الصحافة الأمريكية والبريطانية فى ذلك الوقت تتحديان حركة الشعب المصرى بعد يوليو، ولكن نجحت الدراما ونجحت السينما فى أن تؤلف قلوب الشعب، ونجحت أيضا فى أن تخلد صورة ذهنية مغايرة تماما لما أراد أعداء هذه الأمة أن يصنعوه ويصدروه إلينا فى الداخل.
نجاح ثورة يوليو إعلاميا وسينمائيا وثقافيا لايزال يؤثر فى المصريين حتى اليوم، الأغنيات التى تمت صياغتها فى هذه الفترة، السينما، الأعمال الدرامية، المسرحيات، الكتب الكبيرة، والأشعار، كل هذه المنظومة الفنية والسينمائية والثقافية المصرية خدمت ثورة يوليو 52 وخلدت هذه الثورة فى القلوب.
الآن ثورة 30 يونيو تعانى من جفاف كبير فيما يتعلق بالأعمال السينمائية والثقافية المساندة لهذه الثورة فى حركة التاريخ، لم نر حتى الآن فيلما واحدا عن أحداث رابعة، لم نر فيلما واحدا عن حركة المصريين وترتيبات ما قبل 30 يونيو، لم نر فيلما واحدا عن هذه اللُحمة والاتحاد الكبير بين الجيش والشعب والشرطة فى هذا اليوم الملحمى التاريخى، لم نر ماذا فعل السياسيون، كيف كانت الأوضاع فى البيوت، كيف كانت الأمهات المصريات فى هذه الأجواء الصعبة فى صدارة المشهد، وفى الصفوف الأولى فى مواجهة بطش وقهر إرهاب هذه الجماعة.
السينما بعيدة تماما عن 30 يونيو، سمعنا عن أعمال كثيرة فى الحقيقة، وسمعنا عن مشروعات عملاقة، لكننا لم نر حتى الآن، عملا سينمائيا أو دراميا ملحميا يتحدث عن هذه الثورة المجيدة، ويتحدث عن هذه السنوات الصعبة، ويعيد ترتيب المشاهد على نحو يصنع صورة ذهنية حقيقية عما دار فى هذا التاريخ.
أتمنى أن يقوم رجال الإنتاج ورجال السينما بدورهم التاريخى، ونرى فى العام المقبل، بدلاً من الكثير من الأفلام الساذجة التى تدخل دور العرض، وكثير من الأعمال السينمائية المسلوقة التى نشاهدها فى صالات السينما، نتمنى أن نرى عملا كبيرا ملحميا تاريخيا عن ثورة 30 يونيو وما قبلها وما بعدها، عملاً يضم الكثير من النجوم.. عملاً يسجل نفسه فى التاريخ، ويسجل الوقائع الحقيقية فى التاريخ أيضًا.
عدد الردود 0
بواسطة:
تامر علي
30 يونيو و أشياء أخرى
مش بس 30 يونيو من تحتاج لأفلام تاريخنا كله محتاج لأفلام جديدة حتى لا ينسى إن أمريكا مازالت تنتج أفلام حديثة عن الحرب العالمية الثانية و نحن متى كان اخر فيلم عن حرب أكتوبر ؟ و أين الأفلام التاريخية و الدينية إن أحدث الأفلام الدينية هو فيلم الرسالة " الأجنبي" لابد من ثورة في الأفلام و القوة الناعمة