قرأت تصريحا لافتا للسيد الأستاذ طارق سعدة، وكيل نقابة الإعلاميين يبشر به السادة أعضاء النقابة، بأن اللجنة التأسيسية للنقابة ستخاطب وزارة المالية لتخصيص بدلات نقدية لأعضاء النقابة بعد اقتراب عدد أعضاء الجمعية العمومية من 1000 عضو، ويتزايد عدد الأعضاء ليضم كل العاملين فى القطاعات الإعلامية من مذيعين ومخرجين ومصورين ومهندسى صوت إلى آخر قائمة العاملين فى هذا القطاع فى استوديوهات التليفزيون المصرى ومدينة الإنتاج الإعلامى، وغيرها من المؤسسات الإعلامية الأخرى.
أفهم بالطبع أن النقابة قد تعتمد على منح حكومية لتأسيسها وتنظيم العمل النقابى فى البداية لحين استقرار النقابة مؤسسيا وماليا، لكننى لا أفهم أن يكون كل عضو فى نقابة الإعلاميين له «راتب خاص من الحكومة تصرفه وزارة المالية»؟، ولا أفهم أن يكون ترويج العضوية عبر إغراء الأعضاء بالبدلات النقدية التى قد تصرفها وزارة المالية للأعضاء؟
أعرف طبعا أن هذه السنة المذهلة بدأت فى نقابة الصحفيين، إذ تصرف الحكومة بدلات نقدية للصحفيين بمجرد عضويتهم فى النقابة تحت مسميات مختلفة، وقد ارتبط صرف هذه البدلات بفترات محددة خلال عصر مبارك بعد أن كان أى مرشح للنقابة من كبار الصحفيين يضمن مكانه على مقعد النقيب بمجرد الإعلان عن البدل، أو عن زيادة البدل، ورغم أننى أتفهم بالطبع كيف يسهم هذا البدل فى تأمين معيشة صغار الصحفيين، ما زلت لا أفهم لماذا تصرف الحكومة رواتب منتظمة لأعضاء نقابة، أى نقابة، لا لشىء إلا لأنهم أعضاء فى هذه النقابة!!
الصحفيون فى نهاية الأمر أوضاعهم المالية أسوأ كثيرا من العاملين فى قطاع الإعلام، ويوجد صحفيون توقفت مؤسساتهم عن العمل بالكامل ويعيشون على بدل النقابة، لكنه فى النهاية عبء على ميزانية الدولة، ويبدو أن هذا الوضع الذى استقر فى نقابة الصحفيين لأسباب «مفهومة فى التاريخ السياسى خلال عصر مبارك» قد أغرى النقابة الأخرى العاملة فى مجال الإعلام بأن تحصل على نفس المميزات فى زمن سياسى واقتصادى مختلف، فما الذى يفرض على الدولة أن تقدم راتبا ثابتا لعضو فى نقابة الإعلاميين أو أى نقابة أخرى لا لشىء سوى حصوله على بطاقة العضوية، رغم أن حصوله على هذه العضوية يجب أن يرتبط بأنه يمارس العمل الإعلامى، ويتقاضى راتبا ثابتا محترما، وتشمله مظلة التأمين الاجتماعى والطبى فى المؤسسة الإعلامية التى ينتمى إليها؟
ما الذى يجعل هذا البدل الثابت من وزارة المالية فرضا على الحكومة لصالح نقابة الإعلاميين، ويتساوى فيه الذين يعملون فى مؤسسات عامة أو هؤلاء الذين يعملون فى محطات فضائية خاصة؟
ثم لا أفهم، كيف تحولت مفاهيم العمل النقابى إلى هذا الحد؟ فالنقابات من المفترض أن تتشكل لخلق مؤسسة تضامنية بين أعضائها، يجمعون الاشتراكات للإنفاق على رعاية بعضهم البعض، ويواجهون أزماتهم سويا، ويتضامنون فى مواجهة ما يهدد حقوقهم القانونية إن حدث ذلك لا قدر الله، لكن لا أفهم أن تتشكل نقابة ليكون أكبر إغراء تقدمه هو صرف راتب خاص من الحكومة، بلا سبب، وبلا معنى؟
نحن ابتذلنا منطق العمل النقابى من الأساس؟
والبعض حول النقابات من كيانات تسهم فى المجتمع المدنى وتخفف العبء على الدولة إلى كيانات «عالة» على الدولة وعلى الموازنة العامة للبلاد بلا قيمة مضافة للمواطن أو للبلد.
أعرف أن هذا الرأى سيغضب الكثير من الزملاء.
لكن الحق أحق أن يتبع..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة