د.داليا مجدي عبد الغني تكتب: للحُزْن أحيانًا فوائد

الجمعة، 17 أغسطس 2018 08:00 م
د.داليا مجدي عبد الغني تكتب:  للحُزْن أحيانًا فوائد د. داليا مجدى عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هل يمُكن لأحد أن يُصدق أن للحزن أحيانًا جدوى، فمن منا يمكن أن يحب الحزن، أو يقتنع بأنه نافع، ولكن وللأسف الشديد، لقد أثبتت التجارب العلمية أن الإنسان جُبِلَ على الحزن، فهو أساسه وبدايته ونهايته، فالطفل يولد وصرخته ملازمة له ، ولحظة صعود الروح للسماء، يكون الإنسان في أقسى درجات الحزن ، إما لفراقه أحبابه، أو لأنها خرجت مُصاحبة للمرض، أو لخشيته من لقاء المولى عز وجل ، أو لندمه على ما اقترفه من آثام، وصدق الله العظيم، عندما قال في سورة "البلد" : ( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ) . والأهم من ذلك ، أن الحزن أحيانًا هو الذي يُعيد الإنسان إلى صوابه ورُشْده ، ويجعله يُعيد حساباته ويعرف طريق الحق ، ويترك طريق الغي ، وهو الذي يجعله يعرف أحبابه من أعدائه، وهو الذي يسمح للدموع بالنزول، لتطهر القلب والروح، وصدق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، عندما قال : "كثرة الضحك تُميت القلب" . وهذا يذكرني بقصة، تؤكد أن الحزن له فوائد فسيولوجية، بجانب فوائده السيكولوجية.

فيُحْكى أنه كان هناك ملك ، شديد الثراء ، ولكنه كان يُعاني من مرض السمنة المفرطة، حتى أنه قد أصبح عاجزًا تمامًا عن الحركة ، فقرر أن يتخلص من هذا الوزن الزائد، فما كان منه إلا أنه طلب أحسن الأطباء إلى مجلسه، وعرض عليهم المشكلة التي يعاني منها، فما استطاعوا أن يجدوا له علاجًا أبدًا، فدخل عليه رجل، اشتهر بالذكاء والحكمة، فقال له الملك: "دُلني على طريق العلاج، وسوف أجعلك أثرى الأثرياء، وأغدق عليك الكثير من الأموال والمُجوهرات"، فأجابه الرجل: "أطال الله عمرك أيها الملك الطيب، ولكنني على علم جيد بالتنجيم، فاتركني حتى الصباح أفكر وأنظر ماذا باستطاعتي أن أقدم لك".

وفي صباح اليوم التالي، جاءه الرجل خائفًا مفزوعًا، قائلاً: "الأمان الأمان أيها الملك"، تعجب الملك، وقال له: "لك الأمان، أخبرني ماذا حدث؟!"، فقال الرجل: "لقد نظرت في طالعك ليلة البارحة، ويالهول ما رأيت، فقد رأيت أنك لن تعيش سوى شهر واحد، وسوف ترحل، إنك ميت لا محالة، فإن أردت أن تتأكد من صحة كلامي، احبسني عندك، وإن لم أصدق، اقتص مني"، فأمر الملك السجان بحبس الرجل، وانفرد الملك بنفسه، واحتجب عن رؤية الناس، وظل يفكر يومًا بعد يومًا، وازداد كآبة وضيقًا مع مرور الوقت، فهزُل جسمه، وخف وزنه، حتى أصبح هزيلاً ضعيفًا، وفي اليوم الثامن والعشرين، أمر بإحضار الرجل، وقال له: "ما ترى في قراءة طالعي؟"، فأجابه الرجل: "أعز الله الملك، هل تراني أعلم الغيب، أو أكذب على الله، حاشا لله، لا يعلم الغيب إلا هو، ولكن لم يكن عندي أي دواء أفضل من الغم والحزن أجلبه لك، فهو أفضل ما يُزيل اللحم، ويُذيب الشَّحْم"، فكافأه الملك، وأغدق عليه العطايا والأموال؛ جزاءً له على شدة ذكائه وفطنته، ولأنه خلصه من مرضه.

وبالقطع ، هذه ليست دعوة للحزن ، ولكنها دعوة لتقبل الحزن، ومُحاولة رؤية الحكمة منه، والنتائج الإيجابية، التي أحيانًا ما نحصدها، بسبب أحزاننا، فهل اقتنعتم الآن، أن للحزن أحيانًا فوائد.

 

 

 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة