كانت مصر ترسل كسوة الكعبة إلى الأراضى المقدسة لأعوام طويلة، وبمناسبة موسم الحج تواصل اليوم السابع مع ابن آخر علمدار حمل راية محمل آخر رحلة حملت كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة.
السيد الشريف يسرى بن السيد عبد المجيد بن السيد مصطفى بن السيد خليل العقبى صاحب الـ71 عاما يفتح قلبه لليوم السابع فيقول" والدى كان آخر علمدار او بيرقدار" ومعناه حامل لواء المحمل المقدس إلى مكة المكرمة، وكان من المفترض أن أرث منه تلك المهنة وأن أتشرف بحمل الراية من بعده لولا الخلافات بين مصر والسعودية فى عام 1952 وجعل المملكة تبدأ فى صنع الكسوة هناك وتتوقف مصر عن إرسالها.
صورة قديم للمحمل
ومهنة "علمدار" فى مصر أو البيرقدار" فى سوريا وكانت تشريفا من الدولة ووظيفة مقصورة على الأشراف أبناء الصحابى الجليل سيدى "عقبة بن عامر" حامل لواء الإسلام فى الفتوحات الإسلامية، وهذا ينطبق على بيرقدار المحمل الشامى يجب ان يكون من عائلة سيدى عقبة بن عامر وكانت تورث إلى أكبر الأبناء وكان لها راتبا من الدولة ولكن كان الراتب رمزيا.
صورة شخصية لآخر من حمل لواء المحمل
ابن آخر علمدار يصف الرحلة المقدسة
الكسوة كانت تصنع فى البداية فى القاهرة بدار الكسوة بالخرنفش. ثم يتبعها عدد كبير من الحجاج الذين يبدأون فى زيارة مقبرة "السيدة فاطمة الأنوار" أخت السيدة نفيسة رضى الله عنها وبنت الامام حسن الانوار بن محمد الباقر بن على زين العابدين كما يزورن قبر سيدنا عمرو بن العاص الذى أوصى بدفنه على طريق الحجيج، هنا فى مسجد سيدى عقبة، ثم يحمل المحمل على جمل ويطوف شوارع الفسطاط ثم يعود إلى هنا ويبدأ الرحلة إلى الأراضى المقدسة والتى كانت تستغرق وقتا طويلا قبل أن يدخل القطار إلى مصر والبواخر، حيث كان الحجاج يتبعون المحمل فى طريق طويلة إلى الأراضى المقدسة وكان الميسورون من الحجاج يقطعون الرحلة على مطاياهم من الدواب والخيل والإبل أما الفقراء ممن كتب لهم الله زيارة بيته فكانوا يقطعونها سيرا على الأقدام، وكان الطريق مليئا بالاستراحات.
بعد ذلك دخل القطار إلى مصر فكانت تنقل الكسوة مع المؤن والمساعدات التى كانت ترسلها مصر إلى التكية فى السعودية على متن القطار ثم تنقل إلى الباخرة أما عند وصولها إلى المملكة فكانوا يتنقلون على ظهور الإبل عبر المدقات الصحراوية بين الجبال حيث كانت الطرق غير ممهدة .
السيد يسرى عبد المجيد العقبى يحكى قصة وظيفة العلم دار
وظيفة العلم دار أو "البيرقدار" التى تحولت فيما بعد الى العلمدار هو منصب شرفى لا يناله الا الاشراف من بنى عقبه بن عامر الچهنى رضى الله عنه..وهى وظيفة هامه فى الدولة فى موسم الحج وتتبع نظارة الداخلية "وزارة الداخلية فى ذلك الوقت"، وكان يتقاضى العلم دار من الدولة أجرا زهيدا كل شهر مقابل تلك الوظيفة الشرفية.
وكان من صفات العلم دار أن يكون ملما بتفاصيل رحلة الحج، كما كان يتم دريبه على طرق التعامل فقد كان يقود الزفة أمام جلالة الملك قبل بدء الرحلة، كما كان يتدرب لفترة طويلة على حمل الراية على ظهر الإبل.
ولم ينازع أبناء الصحابى الجليل فى مصر او الشام أحدا على هذا المنصب طوال الفترة الطويلة وظل المنصب الشرفى فى عائلة اشراف بنى عقبه بن عامر رضى الله عنه الملقبون فى مصر بالعلمدار وفى ىسوريا بالبيرقدار .يتوارثها الابناء إلى ان تصل السيد يسرى العقبى الذى كان من المفترض ان يرث تلك الوظيفه وبذلك يكون السيد الشريف الشيخ عبد المجيد العقبى هو آخر علمدار للمحمل المصرى
السيد يسرى مع محرر اليوم السابع
ولم يكن البيرقدار او العلمدار فقط هو ممثل الدولة فى تلك الرحلة ولكن كان هناك أمير رحلة الحج وكان يتم اختياره من بين الوزراء وكبار رجال الدولة وهو المسئول عن الرحلة والدليل الذى كان يوجه الرحلة عبر المدقات الصحراوية فى المملكة.
وكانت هناك حراسة من الدولة من رجال الجيش والشرطة فيتبعون الرحلة لحمايتها من الأخطار وكانوا يعزفون الموسيقى العسكرية طول الرحلة.
جمل المحمل وأطرف حكاياته
أما عن جمل المحمل والذى كان يحمل الهودج إلى مكة المكرمة فقد كان يتم اختياره بعناية، حيث إنه لابد أن يكون قويا كفاية ليقطع تلك المسافة الطويلة كما يتم تدريبه لفترات طويلة وتجهيزه لهذه الرحلة.
وكان المصريون يحترمون جمل المحمل لقدسية المهمة التى كان يقوم بها فكانوا ينثرون عليه الورود والحلوى أثناء الزفة التى كانت تجوب شوارع الفسطاط قبل الانطلاق لبدء الرحلة المقدسة.
ومن أغرب الحكايات التى حكاها الشيخ عبد المجيد مصطفى خليل العقبى لإبنه السيد يسرى العقبى : أن رجلا أمسك بجمل المحمل وكان على وشك الانطلاق لبداية الرحلة ورأسه وألف سيف أن يكتب له ورقة لتعود إليه زوجته الغاضبة عند أهلها منذ 3 أشهر، وقد تعب السيد مصطفى خليل ليقنع الرجل أن كل ذلك بيد الله عز وجل إلا أن الرجل أبى ، فقال له السيد خليل فى الورقة "إن رجعت مراتك رجعت وإن ما رجعتش إن شالله مارجعت" وطوى له الورقة ووضعها فى جيبه، وبعد العودة من رحلة الحج وجد الرجل فى انتظاره وأخذ يشكره بحرارة على أن الورقة كانت سببا فى عودة زوجته إلى المنزل، فأخبره بما كتب فيها ولكن الرجل أبى أن يصدق.
وكان العلمدار يتقدم الرحلة يحمل العلم المزين ببعض الآيات القرآنية تتبعه بعض الأعلام للطرق الصوفية فى المؤخرة ولم يكن لعلم الدولة "مصر" مكانا فى هذه الرحلة حيث إنها كانت رحلة دينية فى المقام الأول، وكل ما يمثل الدولة هو بعض جنود وعساكر الدولة الذين يقومون على حماية الرحلة من الأخطار، حيث إنها تعرضت فى بعض الفترات لهجمات من الوهابيين بزعامة عبد الله بن مسعود الذين كانوا يعترضون على اصطحاب الموسيقى العسكرية والرايات مع الرحلة، وقد اشتبكت فى بعض الأحيان مع حرس الرحلة الذين استطاعوا أن يصلوا بالرحلة إلى الأراضى المقدسة سالمين، أما عن شعور وإحساس السيد يسرى بعد إلغاء رحلة المحمل فيقول إنه شعر بالحزن.
اللوحة التعريفية لمسجد سيدى عقبة بن عامر
لوحة تعريفية لمقابر الشهداء
صورة قديمة للمحمل
السيد الشريف يسرى بن السيد عبد المجيد بن السيد مصطفى بن السيد خليل العقبى
السيد الشريف يسرى بن السيد عبد المجيد بن السيد مصطفى بن السيد خليل العقبى
محررا اليوم السابع مع السيد يسرى
ابن أخر من حمل لواء المحمل
صورة قديمة للمحمل
مسجد السيدة حسن الأنوار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة