ربما حان الوقت أن تراجع الولايات المتحدة الأمريكية فلسفتها تجاه الشرق الأوسط، فهل تبدو إسرائيل هى هذا الحليف الذى لا بديل عنه هنا فى المنطقة؟ وهل تستحق إسرائيل الآن أن تحظى بكل هذا الدعم وكل تلك الرعاية التى تغدق بها الولايات المتحدة على الدولة العبرية؟
هذه الأسئلة تؤرق أصحاب الضمائر الحرة فى أمريكا الذين يعتبر بعضهم أن إسرائيل هى السبب الأساسى فى كل المشكلات العاصفة التى تواجهها أمريكا مع أصدقائها هنا فى هذا الإقليم، وأن واشنطن هى الخاسر الوحيد دائما فى معادلة «الصداقة والتحالف» مع إسرائيل، أمريكا تحارب من أجل إسرائيل، وأمريكا تخاصم من أجل إسرائيل، وأمريكا تدفع دائما ثمن كل الخطايا التى ترتكبها إسرائيل.
انظر مثلا لهذا الضابط الأمريكى الحر «فيليب جيرالدى»، هذا الضابط الذى خدم بلاده فى الجيش الأمريكى، ثم صار خبيرا فى مكافحة الإرهاب داخل المخابرات المركزية الأمريكية CIA، هذا الرجل بخلفيته العسكرية والاستخباراتية يعتبر أن إسرائيل ليست صديقة أو حليفة للولايات المتحدة على الإطلاق، لكنها دولة انتهازية تعمل فقط على استغلال القوة والنفوذ الذى تتمتع بهما الولايات المتحدة فى العالم لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب مصالح الشعب الأمريكى.
جيرالدى يقول إن الإسرائيليين فرحوا أكثر من المتطرفين الإسلاميين فى أحداث 11 سبتمبر، وينقل عن بنيامين نتنياهو نفسه أنه قال إن سقوط البرجين فى مانهاتن هو «أعظم وأهم يوم فى تاريخ إسرائيل»، هذا هو كلام جيرالدى وليس كلامى أنا المواطن العربى الذى يحلم بأن يتخلص «الصديق الأمريكى» من هذا العبء الإسرائيلى المخيف إذ إن صداقتها للعرب هى الأبقى والأصلح والأهم على المستويين الرسمى والشعبى.
لم يكن جيرالدى مثقفا مدنيا غاضبا، أو عضوا فى هيئة تدريس فى جامعة يطلق نظريات من خارج النظام السياسى والأمنى لأمريكا، لكن الرجل كان ضابطا مرموقا وفى مواقع شديدة الحساسية، ومن ثم تأتى هذه التصريحات الشجاعة والمتكررة فى مناسبات ومؤتمرات مختلفة لتؤكد أن كثيرا من ضباط الجيش الأمريكى يشعرون بأنهم يعملون فى خدمة إسرائيل وليس فى خدمة المصالح الأمريكية العليا، العداء للعراق كان فى سبيل إسرائيل، العداء لسوريا كان من أجل عيون إسرائيل، التهديدات والصراعات والمناوشات والحروب التى خاضتها الولايات المتحدة فى هذا الإقليم كانت تحقق مصلحة إسرائيل فى المقام الأول وليس مصلحة الولايات المتحدة، هكذا يقول فيليب جيرالدى، الضابط وخبير مكافحة الإرهاب الأكثر اطلاعا على تعقيدات وتحديات الأمن الأمريكى من خلال عمله فى المخابرات المركزية الأمريكية.
يرى جيرالدى أن إسرائيل تقود أمريكا فى حالة «سكر سياسى» كاملة فى الشرق الأوسط، وأن أصدقاء إسرائيل واللوبى الموالى للدولة العبرية فى الإدارة والكونجرس والميديا يزيفون الحقائق لتبقى أمريكا «سكرانة» بحب إسرائيل، و«سكرانة» بحماية مصالح إسرائيل أولا حتى لو كان الثمن من دماء الشعب الأمريكى وأمواله، حدث ذلك، كما يقول جيرالدى، عبر أزمنة مختلفة من الصراع العربى الإسرائيلى، ومن خلال أخطاء معلوماتية متكررة، كهذا الذى حدث فى العراق وغيرها من بلدان الإقليم، اللوبى يتحرك لتقود أمريكا حروبا لا شأن لها بها، مع بلدان يمكن أن تصبح صديقة للولايات المتحدة وتكون أكثر نفعا من إسرائيل ومصالحها الخاصة.
أمريكا من وجهة نظر جيرالدى يجب أن تنظر للإقليم مرة أخرى، فالأصدقاء الحقيقيون هم فى العالم العربى، العرب لا يكرهون الولايات المتحدة، والعرب لا يكرهون الشعب الأمريكى، العرب يقدرون أمريكا أكثر ولديهم استعداد أكبر للتعاون مع أى إدارة أمريكية باحترام ومودة ومصالح مشتركة، المشكلة الوحيدة بين العرب وأمريكا هى إسرائيل، ولا مشكلة سواها، ومشكلة إسرائيل أنها تكون الرابح الوحيد دائما، تخسر أمريكا، ويخسر العرب، وتربح فقط إسرائيل.
هل يمكن أن يأتى هذا اليوم الذى تعلو فيه أصوات مثل جيرالدى لتقود أمريكا إلى إعادة النظر فى هذه المفاهيم، وتعرف أن العرب هم الأقرب والأخلص، وأن إسرائيل لم تقدم لأمريكا سوى الحرب والصراعات بلا ثمن وبلا خطيئة؟
هل يمكن أن يأتى اليوم الذى تكتشف فيه الولايات المتحدة أن أقصر الطرق للسلام الشامل والعادل أن تتوقف عن القيادة فى حالة سكر تحت تأثير خمور المصالح الإسرائيلية التى يبيعها اللوبى الموالى للدولة العبرية فى الكونجرس والميديا والبيت الأبيض؟
جيرالدى يفتح باب الأمل.
عدد الردود 0
بواسطة:
مصراوى
فعلا عنوان من محترف مثلك..
اسرائيل ممكن تقول الاب الروحى. توأم. ولاية أمريكية.العقل المدبر لامريكا.وهكذا....
عدد الردود 0
بواسطة:
حازم
لا ده ولا ده
امريكا دولة خاضعه للاحتلال الاسرائيلي - فكريا (فاغلب علمائها ومخرجيها ومنتجيها ووسائل الاعلام يسيطر عليها يهود) واقتصاديا (كل رجال الاعمال والميارديرات يهود) وسياسيا (مجلس الشيوخ والمحافظين وصناع القرار يهود) وليسوا يهود عاديين بل يهود صهاينة - وليست امريكا وحدها المخترقة ولكنها العديد من الدول ولكن بطرق اخرى مثل تهديد بعض رؤساء الدول اما بمسك ذلل عليهم او شراء ذممهم او حتى تهديدهم بالقتل اما المادي او المعنوي وذلك بابقائهم بالسلطة او خلعهم منها.