سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 يوليو 1956.. أمريكا للسفير المصرى فى واشنطن: «لن نساعدكم فى بناء السد العالى واقتصادكم لن يتحمل هذا المشروع»

الخميس، 19 يوليو 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 يوليو 1956.. أمريكا للسفير المصرى فى واشنطن: «لن نساعدكم فى بناء السد العالى واقتصادكم لن يتحمل هذا المشروع» السفير المصرى فى أمريكا الدكتور أحمد حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
 وصل السفير المصرى فى أمريكا الدكتور أحمد حسين إلى واشنطن عائدا من القاهرة التى كان يقضى فيها إجازة للتشاور، حسب محمد حسنين هيكل فى كتاب «ملفات السويس»، مؤكدا أنه فور وصوله طلب موعدا عاجلا مع وزير الخارجية الأمريكى «جون فوستر دالاس»، وأجيب إلى طلبه، وتحدد موعده فى الساعة السادسة مساء الخميس 19 يوليو «مثل هذا اليوم» 1956 فى واشنطن، وحسب الموعد، دخل «حسين» يصافح «دالاس»، ووفقا لهيكل: «قال له إنه يحمل أنباء طيبة»، ثم أضاف: «طيبة جدا»، ولم يتركه دالاس يستكمل حديثه، وإنما قال له «إن لديه هو أنباء يريد أن يخبره بها»، وجلس حسين ليعرف.
 
كان «حسين» يريد إبلاغ «دالاس» ما قاله عبدالناصر له وهو فى القاهرة وهى وفقا لهيكل، أنه يقبل كل شروط الأمريكان لتمويل بناء السد العالى، ويوضح سامى شرف مدير مكتب عبدالناصر، فى الجزء الأول من مذكراته، قصة التمويل من بدايتها قائلا: «بعد أن تقرر تنفيذ مشروع السد سافر الدكتور عبدالمنعم القيسونى، وزير الاقتصاد، إلى العواصم الغربية، وأجرى مفاوضات أسفرت عن اتفاق من حيث المبدأ أعلنته الخارجية الأمريكية فى 16 ديسمبر 1955، ويقضى بأن يتولى البنك الدولى وأمريكا وبريطانيا تمويل المشروع بتكلفة مليار و300 مليون دولار، لكن العرض اقترن بثلاثة شروط هى: أن تركز مصر برنامجها التنموى على السد العالى بتحويل ثلث دخلها القومى ولمدة عشر سنوات لهذا المشروع مع فرض رقابة على المشروعات الاقتصادية الأخرى، ووضع ضوابط للحد من زيادة التضخم والإنفاق الحكومى، وفرض رقابة على مصروفات الحكومة المصرية وعلى الاتفاقيات الأجنبية أو الديون الخارجية، وألا تقبل مصر قروضا أخرى، أو تعقد اتفاقيات فى هذا الشأن إلا بعد موافقة البنك الدولى، والاحتفاظ بحق إعادة النظر فى سياسة التمويل فى حالات الضرورة».
 
أثارت هذه الشروط غضب عبدالناصر حسبما يؤكد «شرف»، مضيفا: «تأكد الرئيس من أن أمريكا لن تساعد فى تنفيذ المشروع، لكنه حرص على تفادى المواجهة لآخر لحظة، وفى هذا الإطار استقبل «يوجين بلاك» رئيس البنك الدولى، ويضيف: «بعد مفاوضات وافق عبدالناصر على أن يكون للبنك حقوق معقولة فى تفقد الإجراءات التى ستتخذها مصر للحد من التضخم، وعقد اتفاق يوم 8 فبراير 1956 يقدم البنك بموجبه قرضا قيمته مائتان مليون دولار، على أن يتوقف تنفيذه على التوصل إلى اتفاق آخر مع لندن وواشنطن حول الشروط التى أعلنوها لتقديم المساعدة».
 
فى يوم 8 يوليو 1956 استقبل عبدالناصر السفير أحمد حسين الذى اصطحبه محمد حسنين هيكل إلى استراحة برج العرب، ووفقا لهيكل، فإن «حسين» ألح على عبدالناصر بأن يقبل ببقية الشروط الأمريكية لتمويل السد، وكان عبدالناصر يرد عليه أن أمريكا لن تشترك فى التمويل، لكن حسين أصر على أن «دالاس» لم يغير رأيه فى تمويل المشروع، ويذكر هيكل: «وصل عبدالناصر إلى حد أن قال للدكتور أحمد حسين: سوف أريحك لأنى أريد أن أريح نفسى، وأريح الكل، سافر إلى واشنطن واطلب مقابلة «دالاس» وقل له: «إنى قبلت كل شروطهم، وسترى إذا كانوا على استعداد أو أنهم غيروا رأيهم فى عرض التمويل»، ويؤكد هيكل أن عبدالناصر قال لحسين: «قبل أن تسافر إلى واشنطن اشترى من أى مكتبة كتابا عن قناة السويس واقرأه».
 
سافر عبدالناصر إلى يوغسلافيا يوم 12 يوليو، لحضور القمة الثلاثية بينه وبين الرئيس اليوغسلافى تيتو ورئيس وزراء الهند «نهرو»، وسافر حسين إلى واشنطن يوم 19 يوليو، واجتمع فى نفس اليوم مع «دالاس»، ووقعت المفاجأة التى بعث حسين بتقرير عنها إلى عبدالناصر، جاء فيه حسب مذكرات سامى شرف: «أن دالاس فاجأه عندما هم بالجلوس بقوله، أن الولايات المتحدة ياسيادة السفير ستصدر بيانا الآن، وأننا نأسف لأننا لن نساعدكم فى بناء السد العالى، وأن بلاده قررت سحب عرضها، لأن اقتصاد مصر لن يستطيع تحمل هذا المشروع، وهنا حاول حسين أن يحتج لكن دالاس واصل قراءة ماهو مكتوب من ورقة أمامه قائلا: إن الولايات المتحدة تعتقد أن من يبنى السد العالى - أيا كان - سيكسب كراهية الشعب المصرى، لأن الأعباء المترتبة عليه ستكون مدمرة وساحقة، وليس فى وسع الشعب المصرى أن يتحمل عبء تنفيذ هذا المشروع الضخم، فمتطلباته تتجاوز ما تستطيع مصادر مصر احتماله خاصة بعد التزامها بشراء الأسلحة «يقصد صفقة الأسلحة التشيكية»، وأننا فى الولايات المتحدة لا نريد أن نكون مكروهين فى مصر، وسنترك هذه المنفعة للاتحاد السوفيتى إذا كان يعتقد أنه يريد أن يبنى السد العالى».
 
وتواصلت الأحداث فى اليوم التالى









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة