قبل أيام قليلة من نهاية شهر أبريل الماضى أعلن حى بولاق قرب الانتهاء من 98% من أعمال الهدم بمثلث ماسبيرو، وهو ما يعنى أن العد التنازلى لأعمال التطوير التى تلى الهدم قد بدأ بالفعل، ولكن فوجئ عدد من سكان عقارات شارع 26 يوليو بقيام الحى بوضع ملصقات على العمارات بأنه تقرر البدء فى إخلاء وهدم العقارات المطلة على الشارع بالإضافة إلى العقارات المطلة على كورنيش النيل والمحصورة بين وزارة الخارجية وكوبرى 15 مايو باعتبار منطقة مثلث ماسبير منطقة إعادة تطوير.
إعلانات الحى تسببت فى حالة من الذعر لسكان العقارات المطلة على شارع 26 يوليو وكورنيش النيل، خاصة وأن بعضها عقارات تراثية وبحالة جيدة، وليست من العشوائيات وإنما عمارات كبيرة.
أحمد الحلوانى شاعر وكاتب وعضو اتحاد كتاب مصر، يسكن أحد العقارات المميزة التى تطل على كورنيش النيل مباشرة، يقول لليوم السابع أن هذه الإعلانات تم لصقها بشكل مفاجئ على العقارات فى نهاية شهر يونيو الماضى، رغم أن قرار محافظ القاهرة بتطوير ماسبيرو صدر عام 2015 ويحدد المناطق التى ستم هدمها، وهو ما يعنى ان هذه العقارات لم تكن ضمن خطة الهدم.
ويروى عادل اسماعيل من أقدم سكان العمارة التى تحمل رقم 58، حيث تم بنائها عام 1948 وصممها المهندس الشهير ميشيل باخوم، وكان أول مالك لها عائلة جيوشى حربى ومغاورى حريى، وهى الآن ملك عائلة الحلوانى التى ينسب إليها قيادة المقاومة الشعبية ضد الحملة الفرنسية فى ثورة القاهرة الأولى، وقد سكن بها كبار المشاهير، ومنهم الفنان الراحل رشدى أباظة، ومدام إيزابيل خياطة الملكة ناريمان، والمصور الشهير أنترو وهو مصور الرئيس السادات.
ويرفض سكان هذا العقار 58 هدمه أو التنازل عن ممتلكاتهم والحصول على تعويضات، مؤكدين أنه يحمل تاريخ كبير، كما أنه ليس عشوائيا ولا فى شكله ولا بنائه، فهى عمارة كبيرة من 10 أدوار بمدخل رخامى ومصعدين كهربائيين.
ويقول أحمد عبد الفتاح أحد سكان العقار: "الحكومة بتطور العشوائيات ونحن لسنا عشوائيات.. عمارتنا قوية تعيش 100 عام أخرى ونرفض التنازل عن ممتلكاتنا".
وبحسب عزة فايز إحدى ساكنات العقار وتعمل بالتليفزيون المصرى، أنهم فوجئوا بإعلان الحى ضرورة الإخلاء دون أى حوار مسبق بما يعنى أن هذه العقارات لم تكن ضمن الخطة، وهى ذات موقع استراتيجى، وليس من العدل هدمها وتعويض ملاكها بنفس القيم التى حصل عليها ساكنى العشش بمثلث ماسبيرو.
ووجه الأهالى استغاثة إلى رئيس الجمهورية الحفاظ على العقارات التراثية والعقارات ذات النسق المعمارى المميز، خاصة وأنهم عندما توجهوا إلى الحى أخطروهم أن التعويضات هى نفس قيمة المصروف للبيوت المهدمة فى مثلث ماسبيرو والتى قرروا أنها عشوائية، وتم تقديرها بمبلغ 60 ألف جنيه للغرفة.
أحمد البندارى مؤرخ معمارى والخبير بمركز توثيق التراث الحضارى والطبيعي سابقا، أكد لليوم السابع أن التطوير لا يعنى بالضرورة الهدم، خاصة وأن العقارات الواقعة فى شارع 26 يوليو لا تستدعى الهدم وهى مبانى ذات طراز معمارى مميز لابد من الإبقاء عليها.
سعيا لتهدئة الأهالى نظم محمد المسعود عضو مجلس النواب جلسة بين ممثلين عن سكان عقارات 26 يوليو ورئيس الحى ونائب محافظ القاهرة.
خلال اللقاء طالب المسعود بتشكيل لجنة فنية من التخطيط والإسكان وهندسة القاهرة لمعاينة العقارات وتحديد حالتها واتخاذ القرار المناسب لكل عقار حفاظا على الأرواح، ولا يتم تنفيذ أى إزالات بدون انتهاء عمل هذه اللجنة.
وقال محمد أيمن نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية، أنه لن يتم هدم العقارات التراثية إلا إذا كانت حالتها غير صالحة للاستمرار، وهذا يتطلب شطب توثيقها ونشر القرار فى الجريدة الرسمية حتى تتسنى عملية الهدم، وسيتم تشكيل لجنة لدراسة حالة كل عقار على حدة واتخاذ القرار المناسب لحالته، باستثناء العقار رقم 54 الذى سيتم هدمه نظرا لأن أعمال حفر المترو تؤثر عليه وتعرضه للانهيار، وسيتم تعويض ساكنيه مثل مثلث ماسبيرو، معلنا أنه سيعاد النظر فى كافة العقارات وخلال أسبوع تتحدد جميع الأمور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة