خالد صلاح يكتب: من يتعاطف مع الحكومة الأردنية؟ من يوافق على ما يقوم به الغاضبون فى المملكة من تحطيم ممتلكات بلادهم لأنهم يرفضون دفع السعر الرسمى للبنزين فى بلد ليس لديه موارد نفطية؟!

الإثنين، 04 يونيو 2018 10:00 ص
خالد صلاح يكتب: من يتعاطف مع الحكومة الأردنية؟ من يوافق على ما يقوم به الغاضبون فى المملكة من تحطيم ممتلكات بلادهم لأنهم يرفضون دفع السعر الرسمى للبنزين فى بلد ليس لديه موارد نفطية؟! الكاتب الصحفى خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ملك الأردن
 
إذا غضب الناس من الأسعار، فلا أحد يتعاطف مع الحكومات أبدًا،
 
هل سمعت هنا من تعاطف مع الحكومة الأردنية؟
 
هل سمعت من قال كلمة واحدة يشرح فيها للناس كيف يعانى اقتصاد المملكة من ارتفاع أسعار النفط عالميًا، وكيف تعانى المملكة من قلة الموارد فى مجال الطاقة؟
 
لا أحد يتحدث إلى الشعب الأردنى، ولا أحد يلوم الشارع، الأسهل دوما أن تلوم هؤلاء الذين يجلسون على مقاعد السلطة، وكأن رئيس الوزراء الأردنى يستطيع أن يضرب بعصاه الحجر فتنفلق منه اثنتا عشرة عينًا من النفط فى أرض المملكة، أو يبتهل إلى السماء فتهبط على الشعب الأردنى موائد المن والسلوى، وتهبط على سياراتهم جالونات البنزين المجانية، وفواتير كهرباء مدفوعة مقدمًا.
 
هذه هى القاعدة التاريخية فى الإعلام وفى العمل السياسى فى بلادنا العربية، شعوبنا هنا فى العالم العربى ترى أن الحكومات هى المسؤولة عن الإنفاق، الحكومة هى (الأب) الراعى، والحكومة هى (الزوج) صاحب الولاية، وما دامت الحكومة تستحوذ على السلطات العامة، فعليها أن تتحمل الإنفاق العام، ليس إنفاق الدولة فقط، بل يجب أن تتحمل أيضًا جزءا من نفقات العائلة، كذلك السيارة والتكييف والمسكن والملابس الفاخرة وبنزين السيارة وكهرباء التليفزيون، يظن الناس أن رفاهيتهم أيضا جزء من المسؤولية الرسمية للحكومة.
 
هذه هى مأساة ثقافتنا السياسية هنا فى الشرق الأوسط، حتى هؤلاء الذين يطلبون ديمقراطية على الطريقة الغربية، لا ينظرون أبدًا إلى التوصيف الوظيفى للحكومة فى الغرب، مقابل الابتذال فى مسؤوليات الحكومات هنا فى العالم العربى، هذه قضية خطيرة يجب أن نواجه فيها الناس بصراحة، ولا تحتمل المزيد من نفاق الشارع، أو الخوف من غضب الذين يريدون التمتع برفاهية مجانية دون سداد فواتيرهم الخاصة.
 
 
الحكومات فى الغرب هى إدارة تنفيذية لإرادة وثروات الشعوب ، فإن كانت الشعوب غنية، فستبقى الدولة غنية، وإن كانت الشعوب منتجة فستكون الدولة عفية فى الاقتصاد والسياسة، وإن كانت الشعوب فقيرة، فإن حكوماتها ستكون فقيرة أيضًا، لا توجد حكومة غنية لشعب فقير، ولا توجد حكومة قوية لشعب ضعيف، فى الغرب الحكومة هى تجسيد لحالة الشعب سياسيا واقتصاديا..
 
 
هنا فى بلادنا العربية، تكون الشعوب فقيرة، لكنها تريد من حكوماتها أن تكون غنية وتنفق على الناس، يا أيها الناس، يا أيها الشعب، أنتم أصحاب الأرض، وأنتم من تنفقون على الحكومات، الحكومات ما هى إلا إدارة لثرواتكم، ومنظم عام لعلاقاتكم القانونية، الحكومة لا تصرف رواتبها من السماء السابعة، ولا تحصل على معونات من سكان الكواكب الأخرى فى المجرة، الحكومة هى حصاد عملكم وضرائبكم ومدفوعاتكم، الحكومة لا يمكنها أن تنفق عليكم، ولا أن تشترى لكم سلعكم الأساسية أو الترفيهية، الحكومة فقط تضمن لك وجود السلعة فى وقتها، وأنت فقط من تتحمل ثمن السلعة.
 
هل يسمع أحد ذلك هنا فى العالم العربى؟ هل تظن أن أحدا من الغاضبين فى الأردن الذين خرجوا يحطمون الممتلكات العامة يفهم هذا المنطق؟ الناس خرجت غاضبة لأن الحكومة تبيع البنزين بسعره فى العالم، الناس كسرت المنشآت والحدائق والمحلات العامة، ظنا منها أنها تعاقب الحكومة على رفع الأسعار، لكن الحكومة لا تملك رفعا أو خفضا، الحكومة فقط تطالب كل من يحصل على سلعة أن يسدد ثمنها كما هى، فقط، هذا ما فعلته حكومة الأردن، قالت للناس إن كنتم تركبون السيارات فمن فضلكم ادفعوا ثمن البنزين، لا أكثر ولا أقل، لكن الناس اعتادت على أن تسدد الحكومات العجز فى الموازنة، ولا ترى عيبا فى أن تستدين حكوماتهم من الخارج لتغطية أسعار الكهرباء والبنزين للسيارات فى الشوارع ووسائل الرفاهية فى البيوت.
 
الناس لا تصدق أن الحكومة تطالبها بدفع ثمن السلعة، الناس لا تريد أن تدفع ثمن الكهرباء، هذه مسؤولية الحكومة، وهذا دور الدولة، أن تدفع لنا الكهرباء والبنزين؟
 
يا إلهى، كيف وصلنا إلى هذه المعادلة غير المنطقية؟
 
وكيف نخجل من أن نواجه الناس بالحقيقة؟
 
كيف صار الشعب يثير الفزع فى الحكومات، فتضطر الحكومات لإفقار البلد، وإغراقها فى الديون، لأنها لا تستطيع أن تواجه الناس بالحقيقة؟
 
المأساة ستقع فى النهاية، لن تجد الحكومة الأردنية رصيدًا فى البنوك تنفق منه على الناس، ولن تجد موارد تشترى بها النفط، أو موازنات تغطى بها ثمن السلعة التى يريد الغاضبون ألا يسددوا ثمنها، وأن تسدد الحكومة الثمن بدلا عنهم، هذا عبث كلى، وهذا سرطان ينهش فى جسد البلدان العربية، سيؤدى فى النهاية إلى انهيار الحكومات، وسقوط وإفلاس الدول، وانهيار الشعوب بالكامل.
 
من يجرؤ أن يقول ذلك الآن أمام هذا الغضب العبثى فى الأردن، وأمام هذا العدوان على الممتلكات العامة، وأمام هذا الرعب الذى يبثه الناس فى قلب حكومتهم بلا وعى أو منطق أو تفكير فى المستقبل؟
 
الحكومات تحتاج أحيانًا لمن يشفق عليها، ويتعاطف معها، أو يمد يده فى بضعة جنيهات يضعها فى جيب الحكومات، خوفًا من أن تنهار هذه الحكومات وتنهار معها بلاد بأكملها بلا رجعة؟
 
اسمح لى أن أكمل لك القصة غدا..
 
غدًا سأعرض لك حقائق بالأرقام عن الاقتصاد الأردنى
 
وعن أسعار النفط فى المملكة، ولماذا اضطرت الحكومة أن تطبق الأسعار العالمية..
 
يتبع غدًا
 

 
محطة وقود
خالد صلاح









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة