كان المشهد فى ذلك الوقت من منتصف عام 2009 درامياً، داخل مستشفى سجن ليمان طرة، فقد هرول فريق من الأطباء إلى أحدى غرف المستشفى، فى محاولة بائسة من جانبهم لإنقاذ حياة السجين شريف كمال حافظ صاحب الـ55 عاماً، والذى كان يصارع الموت بعد إصابته بهبوط حاد فى الدورة الدموية، انتهت بتوقف عضلة قلبه، ومن ثم وفاته وانتهت كافة محاولات الأطباء بإنقاذه.
شريف حافظ المتهم
قبل ذلك المشهد بعدة أشهر وتحديداً فى أواخر عام 2008، لم تكن أوضاع البورصة على خير ما يرام، فقد أصيبت العديد من الأسهم بحالات هبوط وصعود مفاجئة، وفى ظل تلك الحالة، كان المهندس شريف حافظ، يعيش أصعب لحظات حياته، فقد أصيبت قيمة الأسهم التى يضارب عليها بإنهيار تام، ولم ترتفع خلال 3 شهر، عاش فيها على أمل تعويض خسارته، ولكنها أمال مكسورة ذهبت أدراج الرياح.
محيط المنطقة التى شهدت الجريمة
لم يعد "حافظ" قادراً على تدبير احتياجات أسرته، وأصبحت ظروفه المعيشية سيئة للغاية، فخشى على أسرته آلام الفقر، بعد أن كانوا يعيشون فى مستوى راق، وبعد أن عجز تفكيره عن وسيلة يخرج بها من أزمته، سيطر الشيطان على عقله، وقرر أن يعود بكل شيئاً إلى نقطة البداية، ولكنها كانت نقطة لا رجعة فيها، فقد قرر التخلص من ابنائه وزوجته، والانتحار واضعاً حداً لتلك الحياة المأسوية التى رأى انها تطارده إينما ذهب بعدما خسر كل ما يملك من مال، وأصبح الفقر والحاجة هما مصيره المحتوم.
فى ساعة متاخرة من الليل، كانت الأوضاع هادئة بشارع المعتز أحدى شوارع حى النزهة الكبرى، نسمات الهواء تداعب نوافذ المنازل، وأصوات العصافير تزقزق فوق الأشجار، مضفيةً على المشهد جواً من الإثارة والغموض، فى ذلك الوقت التقط "حافظ" بلطة حديدية، ومر على غرف أبنائه وأحدةً تلو الأخرى، فقتل ابنه وسام وابنته دالياً بضربهم على رؤوسهم، فسقطوا غارقين فى دمائهم، ومن ثم توجه لغرفة زوجته "عبلة" ووجه لها ضربة قوية قتلتها فى الحال.
محكمة
ظل "شريف حافظ" بجوار الجثث لأكثر من 10 ساعات؛ ومن ثم قرر الانتحار بقطع شرايين يده، ولكن جريمته قد تم اكتشافها عن طريق شقيق زوجته، الذى حاول التواصل مع اخته كثيراً خلال الساعات الأولى من صباح يوم الجريمة فلم تجبه، فتوجه مسرعاً نحو منزلهما، وتمكن بمساعدة البواب من كسر باب الشقة، وفوجئ بشقيقته وزوجها وابنائهم غارقين فى دمائهم.
بعد عدة أشهر من مداولة القضية قانونياً والتحقيق مع المتهم شريف كمال الدين حافظ، بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، أحيلت القضية لمحكمة جنايات شمال القاهرة، وأمام المحكمة وقف المحامى الموكل للدفاع عن "حافظ" أمام هيئة المستشارين باحثاً عن ثغرة ومخرج قانونى، ينقذ موكله من حبل المشنقة، فلم يجد غير سبيل المرض النفسى، فأدعى أن موكله لم يكن فى قواه العقلية أبان ارتكابه الواقعة، وانه يعانى من مرض نفسى يجعله غير مسئولاً عن تصرفاته.
ليمان طرة
لم تكن حجة الدفاع على هوى المتهم، فقرر مقاطعته وطلب من المحكمة الكلمة فأذنت له، فقام ودحض بنفسه كافة حجج محاميه مؤكداً سلامة قواه العقلية، وارتكابه الجريمة بمحض إرادته الحرة، فكانت تلك الاعترافات كفيلة لأن تنتهى القضية فى جلستين، بعدها قضت المحكمة بإعدامه شنقاً، عقب أن تصديق مفتى الجمهورية، وبعد 7 أيام من صدور الحكم، توفى "حافظ" داخل مستشفى سجن ليمان طرة، نتيجة إصابته بهبوط حاد فى الدورة الدموية أدى إلى توقف عضلة قلبه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة