بخطوات مثقلة بالمشكلات السياسية والاقتصادية توجه الشعب التركى صباح اليوم، الأحد، نحو صناديق الاقتراع للإدلاء بصوته فى انتخابات رئاسية وتشريعية مصيرية ستحدد مستقبل البلاد والنظام المقبل، دعا لإجرائها بشكل مبكر الرئيس الحالى والمرشح الرئاسى رجب طيب أردوغان قبل عام ونصف من تاريخها الأصلى، وتعد هذه هى الخطوة ثانية التى يخطوها النظام نحو حكم الرجل الواحد فى تركيا، وذلك عقب تمرير تعديل دستورى مثير للجدل فى 16 أبريل 2017، منح لأردوغان صلاحيات واسعة ومهد الطريق للتحول لنظام رئاسى.
عمليا ستتحول تركيا عقب تلك الانتخابات التى - يخوضها 6 مرشحين هم رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية، ومحرم انجه زعيم الحزب الجمهورى اليسارى، وميرال أكشنار زعيمة حزب الخير، وصلاح الدين دميرتاش مرشح حزب "الشعوب الديمقراطي" الموالى للأكراد، تامال كارا موللا أوغلو ، مرشح حزب "السعادة" المحافظ، ودوجو بارينجاك، مرشح حزب "الوطن" القومى- إلى نظام رئاسى تتركز فيه كافة الصلاحيات فى يد الرئيس.
ويبرز السؤال الأهم وهو : ماذا لو فاز أردوغان وحزبه فى الانتخابات الرئاسية التركية؟.. ويقول معارضون إن فوز الرئيس التركى الحالى برئاسة البلاد سيقوض الديمقراطية بشكل أكبر فى تركيا العضو فى حلف شمال الأطلسى ويرسخ حكم الفرد الواحد، ووعد أحد أشرس المنافسية لأردوغان وهو محرم إنجه خلال حملاته الانتخابية بإنهاء توجه تركيا نحو الحكم الاستبدادى فى ظل أردوغان، وقال فى إحدى حملاته الإنتخابية "لو فاز إردوغان سيستمر التنصت على هواتفكم.. وسيستمر الخوف سائدا.. إذا نجح أنجه ستكون المحاكم مستقلة"، وأضاف إنه سيرفع حالة الطوارئ السائدة فى تركيا في غضون 48 ساعة من انتخابه.
التحول لنظام رئاسى استبدادى واستمرار حالة الطوارئ وقمع المعارضة
ويرى مراقبون أن فوز أردوغان سيكون بداية النهاية للنظام التركى، إذ ستتركز كافة الصلاحيات فى يد الرئيس بموجب التعديل الدستور لعام 2017، إذ سيتم دمج الجهات التشريعية الثلاث فى سلطة تنفيذية بقبضته، وسيتولى صلاحيات تنفيذية وقيادة الجيش، ويحق له تعيين الوزراء وإقالتهم وتعيين أكثر من نائب كما سيحق له اختيار 4 أعضاء فى المجلس الأعلى للقضاة، وإعلان حالة الطوارئ، إضافة إلى أن يد الرئيس ستكون أثقل على المعارضة، وفى حال فوز أردوغان سيزداد القمع والتنكيل بمعارضى أردوغان فى الداخل وملاحقتهم وتصفيتهم فى الخارج، والتضييق المستمر على الحريات والاعتقالات.
اقتصاد كارثى وتراكم الديون وتراجع الليرة
ويواجه الملف الاقتصادى تحد كبير خلال السنوات الأخيرة، بعد أن حقق طفرة كبيرة على يد أردوغان وجعلت منه بطلا شعبيا، انقلب إلى تدهور كبير بفعل سياسيات الرئيس التركى فى دعم الجماعات المتطرفة، والتى ألقت بظلالها وأثرت بشكل سلبى على سعر الليرة التركية، وباتت الظروف الراهنة أكثر صعوبة مع تدهور فى قيمة العملة التركية وازدياد كبير فى التضخم، وهروب رؤوس الأموال، وتراجع القوة الشرائية للمواطنين بفعل التضخم الذى زاد على 11 بالمائة سنويا منذ ثلاث سنوات تقريبا، ومغادرة المستثمرين الأتراك بلدهم خلال العام الماضى إلى الخارج، وارتفاع البطالة إلى أكثر من 12% بشكل عام وإلى نحو 20% فى صفوف الشباب، وتراجع السياحة، ورأى مراقبون أن سياسات الرئيس التركى ساهمت بشكل كبير إلى الوضع المتردى الذى وصلت إليه تركيا، وفى حال فاز أردوغان فسوف يسوء الوضع الاقتصادى وينتقل من السئ إلى الأسوء.
الليرة التركية
دعم وتمويل المتطرفين والجماعات المسلحة فى المنطقة
واصل أردوغان السنوات الأخيرة دعم المتطرفين والجماعات المسلحة فى سوريا والعراق ومناطق النزاع وإمدادهم بالمال والسلاح لتنفيذ أجندة تركية واضحة تصب فى مصلحة التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية، وعلى مدار السنوات الماضية، كانت تركيا قبلة الجماعات الإرهابية التى اتخذت منها بوابة للعبور إلى سوريا والعراق والقيام بجهاد مزعوم أمام حكومات البلدان العربية، وبحسب مراقبين فإن فوز أردوغان فى الانتخابات سيمنحه قبضة حديدية فى الداخل وقوة فى الخارج وستجعله يرفع من دعم وتمويل هذه الجماعات.
نهاية حلم تركيا فى الانضمام للإتحاد الأوروبى
سياسات وإجراءات القمع والاستبداد التى قام بها أردوغان السنوات الماضية، ساهمت بشكل كبير فى ابتعاد الدولة التركية عن حلمها فى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، ولم يسلم النظام التركى من توجيه قادة الاتحاد سهام نقدهم إلى أردوغان، وبات الأخير وجه قبيح لا يرغب قادة الدول الأوروبية فى رؤيته داخل الاتحاد، لذا ففوز أردوغان سيبعد تركيا عن هذا الحلم، وسيعرقل مفاوضات الانضمام المتعثرة على غرار السنوات الماضية، وأيدت تقارير سابقة للاتحاد الأوروبى انتهاك حقوق الإنسان فى العديد من القضايا فى تركيا كانتهاك حقوق المساواة وخطاب الكراهية الموجة للأقليات والعنصرية والتمييز الجنسى.
مخاوف من اندلاع حرب أهلية فى الداخل
فوز أردوغان أيضًا سيعزز من حالة الانقسام والتشرزم السياسى الذى يمزق الداخل التركى على واقع التناحر بين التيارات السياسية، حيث تشهد بلاده فى الداخل حالة انقسام بين النظام الحاكم وورثة أتاتورك المتمثلين فى حزب الشعب الجمهورى المعارض من ناحية، وتكميم للأفواه وممارسات قمعية يشنها النظام على معارضيه، وتجاوز مؤخرا أعداد المعتقلين الـ77 ألف، الأمر الذى يقوى من اندلاع حرب أهلية فى الداخل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة