بخطى ثابتة ورغبة جادة في هزيمة التعصب والتشدد المذهبي في الكنيسة القبطية، يسير قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية نحو التقارب مع الكنائس الأخرى، إذ يفتح قلبه لما يسميه "الوحدة المسيحية"، فالكنائس كلها أعضاء في جسد المسيح الواحد مثلما يقول البابا، لذلك فإن قرار البابا ببدء الحوار مع كنيسة الروم الأرثوذكس يتسق تمامًا مع المسيرة التى بدأها مصليًا في الكثير من كنائس الطوائف الأخرى، فاتحًا قلبه للمحبة والعيش المشترك دون أن ينظر لنقاط الخلاف.
عن كنيسة الروم الأرثوذكس
كنيسة الروم الأرثوذكس هي كنيسة أرثوذكسية تتبع الكنيسة اليونانية، تشتركُ معها بالكثيرِ مِن الطقوس؛ وتعني بصفةٍ عامّةٍ تسميةُ الروم الأرثوذكس بأنهم روم (أي الروم البيزنطيّين نسبة للامبراطوريّة البيزنطيّة) وأرثوذكس أيْ أنّهم مُسْتقيمو الرأيِ (باليونانية)، وهي كنيسة متواجدة في مصر منذ قرون تصلي باللغة اليونانية، ويرأسها حاليًا البابا ثيؤدورس بابا الإسكندرية منذ عام 2001 وهو البابا رقم126 في سلسة البابوات للروم الارثوذكس وهو بابا وبطريرك الاسكندرية وسائر افريقيا وحاصل علي الجنسية المصرية، ويبلغ عدد بطريركيات وكنائس الروم الأرثوذكس في العالم27 بطريركية، وعدد أتباعها800 مليون علي مستوي العالم ايضا وبطريرك الإسكندرية هو الوحيد من بين كل بطاركة الروم الأرثوذكس الذي يحمل لقب بابا
أما في مصر، بعد قيام ثورة23 يوليو1952 كان تعداد الروم الأرثوذكس التابعين لبطريركية الإسكندرية في مصر فقط حوالي النصف مليون وبسبب الهجرة إلي الخارج, بعد تأميم الثورة للمصانع والأراضي والممتلكات للشركات والأفراد، قل عدد الروم الأرثوذكس في مصر حتي وصل اليوم إلى25 ألف أرثوذكسي ،وجميعهم من الروم الأرثوذكس المصريين، وأكثريتهم ذوو أصول شامية والأقلية ذوو أصول يونانية.
الباباوان
علاقة البابا تواضروس بالبابا ثيؤدوروس
بين قداسة البابا تواضروس الثاني، والبابا ثيؤدورس علاقة صداقة ، إذ يحملان الاسم نفسه، فكلمة تواضروس باليونانية يعني ثيؤدورس والاثنان بالعربية يعنيان "عطية الله"، إذ حرص البابا تواضروس على بناء علاقة وطيدة ببطريرك الروم الذى يبادله التهاني والزيارات في الأعياد والمناسبات، كذلك فإن مجلس كنائس مصر الذى أسسته الكنيسة القبطية وتبرعت بمقر له، قد حظى بعضوية كنيسة الروم الأرثوذكس مما يساعد في تسهيل مهمة الحوار بين الكنيستين.
القس دماس كينوس كاهن كنيسة الروم الأرثوذكس بالظاهر، اعتبر أن الدعوة للحوار بين الكنيستين تأخرت جدًا إذ يشتركان في الكثير من نقاط التقارب وينتميان لعائلة كنيسة واحدة هي العائلة الأرثوذكسية الأمر الذى يجعل رؤيتهما مشتركة في غالبية القضايا.
وعول دماس كينوس، كثيرًا على دعوة البابا تواضروس للحوار مع كنيسته إذ اعتبرها محاولة لتجاوز تاريخ طويل من الفروقات والشقاق متوقعًا أن يحظى الحوار اللاهوتي بتنسيق مشترك بين الباباوين اللذين تربطهما علاقة الصداقة والمحبة الأخوية.
الحوار جاء في وقته بعد ترتيب الأجواء في المجمع المقدس
البابا-تواضروس2
فيما رأى الكاتب المتخصص في الشأن القبطي كمال زاخر، أن قرار الحوار بين الكنيستين أمرًا متوقعًا بالتوازي مع توجهات البابا تواضروس الانفتاحية تجاه الكنائس الأخرى، إذ عمد إلى فتح النوافذ ومد طرق التقارب مشيرًا إلى أن الإعلان عن تلك الخطوة يأتي بالتزامن مع ترتيبات عقدها البابا بالمجمع المقدس للكنيسة القبطية عين بموجبها الانبا ابيفانوس رئيس دير أبو مقار، وتلميذ القمص متى المسكين مراقبًا باباويًا للحوار، وهو الرجل الذى يتمتع بسعة أفق وإطلاع ورؤية مسكونية وهو خريج مدرسة متى المسكين التي أسست لفكرة وجود حوار مع الكنائس الأخرى.
ولفت زاخر إلى أن التغييرات التى أجراها البابا تواضروس في الكنيسة القبطية، واحدة من الدعامات التي تدفع هذا الحوار، فلن يبدأ الحوار وهناك من يحاول أن يثبت من صاحب العقيدة الصحيحة ومن المخطئ بين الكنيستين.
محاولة الوصول لنقاط اتفاق
وأضاف: هدف الحوار في الأساس هو محاولة وجود نقاط اتفاق وفهم مشترك،مؤكدًا أن الكثير من نقاط الاختلاف يرجع لاختلاف الثقافات بين المدرسة اللاتينية واليونانية في القرون الأولى لافتًا إلى أن البابا حين قرر بدء الحوار مع الكنائس المختلفة في الإيمان بدأ بالدائرة القريبة وهي الكنيسة الأرثوذكسية الشقيقة، ثم يتجه نحو الكنائس الأخرى.
وأشار زاخر إلى أن البابا تواضروس حين حاول تمرير اتفاقية قبول معمودية الكاثوليك قد انطلق نحو قفزة في المجهول ومن ثم جاءت بنتائج عكسية، لكن الحوار مع الروم الأرثوذكس مدعوم بالكثير من الأمل فهناك مطران جبل لبنان، جورج خضر، من أهم المفكرين في كنيسة الروم الأرثوذكس وسوف يعمل على إنجاح الحوار.
وأكد المفكر القبطي، أن التقارب بين الباباوين والثقة المتبادلة سيؤدي إلى الاقتراب في الرؤى مضيفًا: الشيطان يسكن في التفاصيل ولكن الاقتراب من القمم يسهل الكثير، والاقتراب على مستوى الأساقفة والمطارنة يدعم فكرة التواصل أيضًا خاصة، مع وجود بعثات شبابية ترسلها الكنيسة لكليات اللاهوت في اليونان ستعزز من فكرة التقارب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة