صورة صغيرة تحمل ابتسامتها البريئة، وأخرى مغمضة العينين تتألم على سرير المرض وأجهزة التنفس تخفى ذلك الوجه الملائكى، كلمات والدتها تحكى قصتها مع مرض الضمور العضلى الشوكى sma، مشهد كان كفيل بإثارة تعاطف الآلاف عبر مواقع التواصل الاجتماعى مع قصة الطفلة فريدة، نتصل بالأم التى تتشبث بأمل بعيد كغريق ينادى على مركب ضخم فى أقصى البحر ولا أمل يذكر فى أن يصل صوته للنجاة المعلقة على لوحة المياه الزرقاء، علاج الابنة يحتاج 15 مليون كاملة لا تملك منهم سوى بضع الآلاف، من سيتبرع بكل ذلك المبلغ لإنقاذ حياة طفلة واحدة، ما هى الخطة التى يمكن أن تصل بفريدة الراقدة على سرير صغير فى مستشفى بالمهندسين إلى علاج يستقر فى الناحية الأخرى من الكرة الأرضية، تحديدا فى الولايات المتحدة الأمريكية، يتكلف الملايين، الأمر برمته كان يحتاج معجزة متكاملة الأركان.
فى أول مكالمة لى مع والدة الطفلة فريدة لم نكن نتخيل أن المعجزة ستحدث، ننشر القصة على أمل أن تتحرك كرة الثلج، كيف يمكن أن نجمع 15 مليون جنيه لعلاج طفلة واحدة؟!، سؤال صعب، وعقب ساعات من النشر تبدأ الاستجابات، ثم يعرض الإعلامى عمرو أديب قصة فريدة فى برنامجه، ويأتى المتبرعين بالملايين، وفى لحظة يعلن شخص سعودى التكفل بعلاج الطفلة فريدة بالكامل طبقا لبروتوكول تعاون موقع مع الشركة المنتجة للعلاج، من الصعب أن تتمالك نفسك من السعادة فى تلك اللحظة.
تحققت المعجزة وستسافر فريدة لتلقى العلاج، تمر الأيام، ونتلقى عبر خدمة "صحافة المواطن" عشرات الاستغاثات لأطفال يعانون نفس الحالة ولكن مع الأسف لا نجد نفس الاستجابة، وبالأمس تلقينا اتصالا من والدة فريدة من الولايات المتحدة الأمريكية، الطفلة ستحتفل بعيد ميلادها الأول اليوم، العلاج ينجح والطفلة تشفى، تطالبنى برسالة للطفلة مثل عدد من الذين دعموها فى رحلة المرض، أوافق، وأسأل عن الطفلة فأجدها تعود للحياة التى كانت تتوقف فى جسدها الصغير، استعادت وزنها وجانب من ابتسامتها، المعجزة تتحقق لفريدة، فيتجدد الأمل أن نجد الحل لآلاف المرضى الآخرين.
يتجدد الأمل أكثر حينما تخبرني السيدة سارة غانم، والدة فريدة، أن الدواء الآن لم يعد معجزة، ومعظم دول العالم أصبحت توفره لمواطنيها، عن طريق عقود واتفاقات مع الشركة المنتجة له، موضحة أن كثير من المرضى العرب الذين خاضوا رحلة العلاج معها، عادوا لبلادهم الآن لأن العلاج أصبح متوفر بها، ولكن كل هذا يحدث فى ظل غياب كامل لدور وزارة الصحة المصرية، وعدم تواجد لها على مائدة المفاوضات لجلب دواء سينقذ حياة آلاف الأطفال، وتضيف "هناك أيضا علاج جديد سيتم طرحه قريبـا، وهذا يعني أن العلاج الحالى أسعاره ستنخفض، ويمكن التفاوض للحصول على أفضل أتفاق مع الشركة المنتجة له".
قبل فترة قصيرة لم يكن يتواجد علاج من الأصل لمرض الضمور العضلى الشوكى، وكان الحكم على كافة المصابين به إما بالموت، أو بحياة قريبة إلى حد كبير من الموت، وفى أواخر عام 2016، وافقت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية على أول دواء لعلاج مرض ضمور العضلات الشوكى، وقد تبين أن مادة نوسينرسين (سبينرازا) تقلل من خطر الوفاة أو التنفس الصناعى الدائم، وقد ثبت أيضا مساعدة الرضع على تحقيق تقدم كبير.
وتتابع الأم بصوت مليء بالأمل، أن فريدة تلقت حتى الآن 4 جرعات من العلاج، الجرعات الثلاثة الأولى كان الفرق بينهم أسابيع، أما الجرعة الرابعة كان الفرق بينها وبين الثالثة 4 شهور، ولم يظهر التحسن سوى بعد الجرعة الرابعة بشهر، والآن بدأت تحرك يدها بدرجة تقترب من الطبيعية، وقدميها هى الأخرى بدأت تتحرك ولكن بصورة بسيطة، وبدأت تتحسن وبدأت جميع أرقامها ووزنها يصبح طبيعى.
عمليات العلاج
وتضيف أن فريدة وصلت للعلاج فى اللحظات الأخيرة، فحالتها كانت صعبة جدا، والأطباء مبهورين من نسب التحسن التى تصل لها، وإذا واصلت تحقيق هذا التقدم ستوضع فى الأرقام القياسية وستضاف لتاريخ العلاج الذى مازال فى بدايته، موضحة أن فريدة مازالت عضلات رئتها ضعيفة ولا تتنفس بدون أجهزة ولولا ذلك لعادات بها لمصر ولن تعود إلى أمريكا إلا لتلقى الجرعة التالية من العلاج وتضيف "الدواء سحر، ولن تتخيل كمية الأطفال المصابين به، والمكالمات التى تصلنى يوميا من آباء يستغيثون لتلقى العلاج".
وتتابع سارة، أن الدواء يعتبر طفرة علمية لأن أمراض الجينات ليس لها علاج فى العالم، وهذا أحد أخطر أمراض الجينات فى العالم والآن وجد له علاج، وجميع دول العالم مهتمة بالأمر وسط غياب كامل لهذا الاهتمام فى مصر فهل سنتحرك لإنقاذ الأطفال؟!.. سؤال تختم به السيدة حديثها معلقة معه آلاف الأحلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة