بعد شهر من الآن تكون المقاطعة العربية لقطر قد أتمت عاما كاملا، وسط محاولات ومساعى من الرباعى العربى لمواجهة التدفقات المالية القطرية للجماعات الإرهابية وتعنت الدوحة وإصرارها على مواصلة الرعاية التى توفرها لعناصر تلك الجماعات.
خلال عام كامل تكبد الاقتصاد القطرى خسائر هائلة تحملها المواطنين وسط تعجرف قائدهم الأمير تميم بن حمد آل ثانى، غير أن الأزمة انتقلت إلى مستوى جديد مع اتجاه المؤسسات المالية الدولية للانحياز لدول الرباعى العربى، فذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، الأمريكية، اليوم الأربعاء، أن مصرفى جى بى مورجان وإتش إس بى سى HSBC، أبلاغا الدوحة انسحابهما من إصدار السندات القطرية، ذلك خشية على علاقتهم بالمملكة العربية السعودية.
وأوضحت الصحيفة أنه فى إشارة على جر المصارف الدولية فى النزاع القائم بين دول الخليج، فإن المصرفيين باتوا مضطرون للاختيار بين الجانبين ذلك على الرغم من محاولاتهم البقاء محايدين بين قطر وجيرانها الذين يشكون من دعمها للجماعات الإرهابية فى المنطقة.
وفى أوائل أبريل، أبلغ مسئولون من جى بى مورجان وHSBC المسئولين القطريين بشكل غير رسمى أن بنوكهم لا تستطيع العمل على إصدار السندات المستقبلية للبلاد، ذلك بحسب أشخاص على إطلاع بالأمر، وتوضح الصحيفة أن السبب هو أن مثل هذه العمليات قد تهدد علاقتهم بالحكومة السعودية التى كانت تقوم بترتيبات بيع سنداتها الخاصة، ذلك بحسب الأشخاص الذين تحدثوا للصحيفة شريطة عدم ذكر هوياتهم.
الأمر ليس مفاجئ للدوحة، ففى يناير الماضى كشفت أربعة مصادر مصرفية مطلعة لوكالة رويترز الإخبارية، أن المقاطعة التى فرضتها أربع دول عربية على قطر دفعت HSBC إلى رفض دور رئيسى فى إصدار جديد لسندات دولاريه تخطط له الدوحة، بينما يسير البنك بحذر وسط نزاع سياسى فى منطقة الخليج، غير أنه ما هو جديد هو اتخاذ مؤسسة مالية كبرى مثل جى بى مورجان نفس الموقف.
وقطعت مصر والسعودية والإمارات العربية والبحرين فى يونيو 2017، العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع قطر، بعد رفضها العدول عن ممارساتها من دعم وتمويل الإرهاب فى دول المنطقة، وهو ما أدى إلى الإضرار بالنمو.
وتسببت المقاطعة على الفور فى تخفيض التصنيف الائتمانى لقطر، حيث قامت كل من وكالتى فيتش وموديز وS & P بتغيير توقعاتهم للبلاد من مستقر إلى سلبى.
وخفضت ستاندرد آند بورز تصنيفها طويل الأجل لقطر إلى AA سالب بدلا من موجب، بالإضافة إلى وضع البلاد على مراقبة الائتمان السلبى مع آثار سلبية تشير إلى احتمال بمزيد من التخفيض الائتمانى، فى ذلك الوقت، قالت ستاندرد آند بورز إنها تتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادى، وذلك من خلال تخفيض التجارة الإقليمية ومن خلال تآكل ربحية الشركات، حيث أصبح الاستثمار أكثر صعوبة وتلاشت الثقة.
لوحظت عواقب عزلة قطر سريعا حيث انخفض سوق الأسهم بنحو 10% خلال الأسابيع الأربعة الأولى وخسر نحو 15 مليار دولار من قيمته، قبل أن يصل إلى أدنى مستوياته فى خمس سنوات بحلول منتصف سبتمبر، أى أقل بنسبة 18% من مستويات ما قبل المقاطعة.
وانخفضت أيضا العملة القطرية، الريال، إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق وهو 3.76 فى يونيو، ولا تزال تعانى تقلبا واضحا.
وبينما خططت الحكومة القطرية لأول إصدار لسندات دولية منذ بدء الأزمة وطلبت عروضاً من بنوك فى يناير الماضى لترتيب الطرح، لكن HSBC، الذى رتب كل إصدارات السندات السيادية تقريباً فى منطقة الخليج على مدار العامين السابقين، لن يفعل ذلك هذه المرة مما يعكس نهجاً أكثر حذراً تتبعه البنوك فى المنطقة.
وقال أحد المصادر لوكالة رويترز: "هذه ليست مشكلة HSBC فقط، إنها مشكلة لجميع البنوك العالمية التى لها وجود قوى فى المنطقة كل بنك يحلها بطريقته الخاصة"، وقال متحدث باسم HSBC "نحن لا نعقب بتاتاً على شائعات وتكهنات السوق".
وعندما باعت قطر إصدارها السابق من السندات الدولية فى 2016، الذى جمعت فيه تسعة مليارات دولار، اضطلع HSBC بدور قيادى إلى جانب جيه.بى مورجان وبنك أوف طوكيو- ميتسوبيشى وبنك قطر الوطنى.
وهناك شكوك بشأن قدرة الدوحة على دعم المقرضين داخل البلاد، مما أدى بدوره إلى ضعف قدرة المقرضين على اجتذاب التمويل، وهو ما دفع وكالة موديز إلى خفض توقعات النظام المصرفى القطرى من مستقر إلى سلبى. وتتوقع الوكالة أيضا أن يتباطأ نمو الائتمان المحلى إلى ما بين 5 و7% خلال الأشهر المقبلة أو نحو ذلك، مقابل 15% فى توقعات عام 2015، فضلا عن الخروج المستمر للودائع الأجنبية وغيرها من أشكال التمويل الخارجى. وعلى هذا النحو، فإن احتياطيات السيولة لدى البنوك القطرية قد تتعثر، خاصة مع تراجع الودائع المحلية على خلفية انخفاض عائدات النفط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة