فى جنوب محافظة البحر الأحمر، وتحديدا بداية من مرسى علم وأوديتها المختلفة حتى حلايب الغالية نجد لشهر رمضان طقوساً مختلفة لقبائل البجا والعبابدة قاطنى تلك المنطقة، الكثير يتسائل عندما يقوم بزيارتهم كيف يمر اليوم فى الصيام هنا مع ارتفاع درجات الحرارة، وماذا يأكلون ويشربون بسبب طبيعة المكان .
شهر رمضان الكريم فى جنوب البحر الأحمر، وتحديدا فى حلايب وشلاتين له طقوس وعادات وتقاليد تتمسك بها القبائل هناك، من بينها الوجبات المختلفة التى تعد فى الافطار والسحور، والتهنئة بشهر رمضان وطبيعة اليوم كيف يمر فى رمضان.
مع شدة الحرارة وخاصة فى تلك المنطقة بداية يوم فى رمضان يبدأ بسكون كبير لا يوجد أحد يسير فى الشوارع من شدة الحرارة الا للضرورة، الكثير عندما يقابل أحد يقول له "أو ترق هوى شبوبنا" وهى تعنى " مبارك عليكم الشهر الكريم " الا أنها بلهجة البجا، القبائل القاطنة هناك .
" السلات " فى حلايب وشلاتين
وفى الظهيرة ترى المساجد ممتلأة وتجدهم حريصين على تلاوة القرأن الكريم وتجد آخرين الذين يبحثون عن النوم بداخلها، لوجود أجهزة التكييف بها التى تقيهم من حرارة الشمس بالخارج .
يقول الحسن أدم، شاب من أهالى مدينة الشلاتين: الرواج الحقيقى قبيل الافطار فتبدأ الحياة تعود لطبيعتها من جديد تزدحم شوارع الشلاتين وحلايب بسكانها لأحضار والتجهيز لوجبة الأفطار، وكذلك التجهيز للوجبة الأساسية على الافطار والتى تشتهر بها المنطقة وهى " السلات " شوى لحم الضأن على احجار البازلت، وكذلك تجهيز لمشروب الجبنة.
ووصف الحسن، تجهيز وجبة " السلات " شوى لحم الضأن على احجار الكوارتز، أن فى عصارى رمضان، يقوم أهالى المنطقة بتجهيز أكوام أحجار الكوارتز لتجهيز وجبة الافطار المفضلة وهى " السلات " والتى لا تدوم طوال شهر رمضان لارتفاع أسعار اللحوم حيث دائما ما تكون فى المناسبات وأول رمضان وفى ولائم الافطار .
اضاف الحسن أن "السلات" هى عبارة عن لحم الأغنام أوالماعز، والتي يتم طهيها عن طريق وضعها على أحجار الكوارتز بعد وضعها في وسط الأخشاب والأعشاب المشتعلة بالنيران ويتم تقليبها لمدة ساعة ووضع البهرات المختلفة عليها وسميت سلات لأن حجر الكوارتز يعمل على سلت الدهون من اللحوم .
وأضاف الحسن ل اليوم السابع أن تشبه عملية السلات في طهيها حد كبير طريقة شواء اللحم على الفحم الا أن فى السلات الكوارتز بديلاً للفحم، وتجد أمام كل منزل موقد لإعداد السلات، ويبدأ الطهى والأعداد له من بعد العصر.
شوى لحم الضأن
على الجانب الآخر وعند تجهيز أفراد العائلة لوجبة الافطار فى رمضان يقوم أحد افراد العائلة بتجهيز مشروب " الجُبنة" وهو المشروب المفضل والذى يقوم اهالى المنطقة بتناوله لمرات كثيرة ما بين الافطار والسحور .
من جانبه قال حامد الهيص من قبيلة العبابدة، جنوب البحر الأحمر: فى عصارى رمضان يحرص الجميع وخاصة الرجال فى تجهيز المشروب المفضل لأهالى المنطقة " الجبنة" بدق البن والحبهان لتجهيزة للإفطار، مؤكدا أن مشروب الجبنة، هو المشروب الرسمى لقبائل الجنوب حيث فى أيام غير شهر رمضان يوجد فى العمل وفى المنزل وفى جلسات الأصدقاء ومن الممكن أن يشرب منه 40 أو اكثر من فنجان على مدار اليوم .
وأضاف الهيص أن ما بين فترة الفطار والسحور يشرب أهالى حلايب وشلاتين أكبر كمية من الجبنة حتى لا يصابوا بالصداع أو العطش خلال الصيام فى اليوم التالى .
وعن عملية تجهيز الجبنة قال حامد الهيص: يتم احضار البن الأخضر، وتحميصه ودقه جيدا، داخل إناء مصنوع من الفخار، حتى يتحول لون البن الأحمر إلى بنى غامق، وتستغرق عملية التحميص 3 دقائق، وأثناءها يضاف إلى البن قليل من حبات القرنفل أو الحبهان أو الزنجبيل حسب النكهة المطلوبة وطحن ودق تلك المواد جيدا.
وتابع : أن الأدوات التى تستخدم في الجبنة متواجده فى كل بيت من بيوت أهالى الجنوب وكأنها شئ أساسي، وتلازمهم تلك الأدوات فى كل مكان عند رعى الجمال والأغنام فى الإودية الجبلية بالنسبة لراعايا الجمال وكذلك مع صيادى الأسماك يصطحبونها فى مراكبهم التى تستمر الرحلة بها ما يقرب من 10 أيام فى عرض البحر.
وأكد الهيص أن فى ليل رمضان، إلى أن يحين وقت السحور و مع طول الليل وجلسات السمر مع الأهل والجيران وأبناء القبيلة لا تطفاً نار ميقد " الجبنة " كلما فرغ أمتلأ من جديد ألى أن تنتهي السهرة، وفيها قد يتناول الفرد الواحد من الجبنة أكثر من 40 فنجاناً.
تجهيز السلات قبل المغرب فى حلايب
وعن وجبة السحور فى حلايب وشلاتين والتى تسمى " الأوتم " تعد وجبة السحور الدائمة بين أهالى حلايب وشلاتين وهى عبارة عن دقيق مغموس في الماء يوضع على النار مع تقليبه باستمرار، وبعد الاستواء يضاف إليه لبن الإبل.
وقال حامد الهيص أن تلك الوجبة تساعد على عدم الشعور بالعطش والحوع فى نهار رمضان هى الوجبة الأساسية للسحور وكذلك سهلة التحضير .
ويختلف فى الأودية الجبلية بحلايب وشلاتين الخبز المقدم عن قاطنى المدينة حيث أن ظروف البادية القاسية تجبرك على صنع الخبز الرسمى للرعاة وقاطنى الأودية، وهو " الجابورى" خبز قبائل البشارية والعبابدة بجنوب البحر الاحمر، وهي عبارة عن دقيق وماء ويعجن ثم توقد نار علي الأرض لتسخن الأرض ثم يطب بالعجينة علي خشبة صلبة ويتم اظهار الوقود من الأرض الساخنة ويوضع الفحم الموجود علي الجانب الأخر علي العجينة لمدة ثوان حتي لا تحترق العجينة ثم تدفن العجينة بالأرض الساخنة مع وضع بعض الوقود المفحم عليها.
تجهيز مشروب الجبنة قبل الفطار
ومن جانبه قال أحمد سويلم موظف بالشلاتين، من أهالى المنطقة أن خبز الجابورى، هو طعام العاملين بالرعى فى الوديان الصعبة، لسهولة صنعه، مؤكدا على ان الراعى لا يحمل فى خرج جمله سوى مواد " الجبنة " من بن وسكر وأدوات، ليستخدمها فى أى مكان كان وكذلك الماء واللبن والدقيق لصنع خبز الجابورى.
وأضاف سويلم ل اليوم السابع، أن لمة شباب القبائل فى افطار رمضان وشيوخهم شئ ملحوظ جدا حيث يقوم شباب كل قبيلة بالتجهيز للافطار سويا، لتطبيق مبدأ " اللمة بتأكل " حيث يأكل الجميع من أطباق كبيرة وكل صنف من الطعام يقدم فى طبق كبير ليأكل الجميع من طبق واحد.
قعدة الجبنة فى الشلاتين
خبز الجابورى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة