اليأس ضعف وخوف جبان والنور مكانة فى القلوب، أحضن خيوط شمس الغروب، يا تكون بطل قد الحياة يا تعيش وحيد وسط الدروب.
بعيداً عن السياسة، بعيداً عن كل شىء وفى قلب الإنسانية كان اللقاء داخل مقر نقابة العلميين فى الإسكندرية وحفل تكريم لبعض الأطفال النابغين من ذوى القدرات والاحتياجات الخاصة، وأيضاً تكريم بعض معلمات الظل الذين يرافقون هؤلاء الصغار ويُدرسون لهم بكل تفانى وإخلاص، مؤمنين برسالتهم وقيمة ما يقدمونه حتى وإن تضاءل ما يحصلون عليه من أجر واهتمام من وزارة التعليم والمسئولين عن هذا الملف الهام، أمسية رائعة كانت كافية جداً لأن يخفق القلب ويتعلم العقل دروساً ربما غابت عنه كثيراً وسط زحام الحياة وهمومها وهى دروس غائبة عن مجتمعنا بأسره فى سنواتنا الأخيرة، وخاصة عن عقول ووجدان شبابنا الصغير، حيث تعلو قيمة الأمل وعظمة الإنسان حين يُدرك أنهُ سر الوجود وأقوى المخلوقات ومعجزة الله على هذه الأرض ..!!
انها طاقة النور التى انبعثت من وجه هذا الطفل الملائكى النابغ وهو يقرأ آيات من القرآن الكريم كأبدع ما تكون التلاوة، ثم يُنشد فى حب الرسول كما لم يُنشد كبار المنشدين من قبل، وأخيراً يغنى للوطن هو ورفاقه من صغار السن أصحاب الابتلاء كبار الهمة فتشعر أنك لا تستمع لفرد ولكن تستمع الى وطن يغنى بكل شعبه وأرضه وتاريخه وعظمته ...!!
هزمنى هذا الطفل صاحب العشر سنوات او يزيد قليلاً وألجمنى الصمت وأرغم العقل الزاخم بهموم السياسة وأوجاع الوطن على الاسترخاء التام والتفكير فقط فى قيمة اللحظة ومعناها، وأجبر جميع الحضور على الانحناء احتراماً وتقديراً لقيمة النور الذى يحمله والأمل الذى يعيش به والحياة التى تنبعث من قسمات وجهه كأنه قد عرف ما غاب عن الأسوياء بدنياً وأدرك حقيقة الوجود ومعنى البصيرة حتى وإن غاب البصر، عرِفَ العقل فلان القلب ورضى بقضاء الله فأبدع وتفوق وسيطرت الروح النقية المتصالحة على كل الجوارح لتجعلها طائعة مستسلمة لعقل سليم وقلب مستنير فصغرت أمامه الخطوب وهانت الإعاقة وسمت النفس عن اليأس والضجر، فكان هذا المبدع الصغير مثالاً وقدوة لكل الكبار الذين شاهدوه ..!!
أبهرنا محمد أحمد حسن الطالب بمدرسة النور للمكفوفين بمحافظة الإسكندريه والذى حصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية فى حفظ وتلاوة القرآن الكريم، وكرمه السيد رئيس الجمهورية تكريماً خاصاً وهو الحاصل على 3 إجازات فى قراءة وتلاوة القرآن الكريم من الأزهر الشريف رغم فقدان البصر وصغر السن، أعطانا هذا الفتى الصغير ابن مصر الصامد فى وجه اليأس والإعاقة درساً عظيماً هو وكل زملائه من متحدى اليأس والانهزام وأصحاب القدرات الخاصة، وعلمتنا مدرساتهم قيمة الغخلاص فى العمل وإتقانه لا من أجل المادة ولكن من أجل الإنسانية وابتغاء لمرضاة الله ورفعة شأن الوطن ..هكذا تكون الحياة وهكذا تكون القيمة والمعنى، فتحية لهؤلاء العظماء على ما علمونا اليوم، وتحية إلى من احتضنهم ورباهم واعتنى بهم ليتحولوا إلى أشخاص مفيدين لأنفسهم ولمجتمعهم بعيدا عن كلمات اليأس والضجر ورفض الواقع الذى يسقط فيه معظم شباب الوطن حالياً لمجرد أزمات عارضة أو مشاكل قابلة للحل، فأصبحنا نسمع كثيراً الآن عن حالات الانتحار والانسحاب وضعف العزيمة وانكسار الهمم لشباب فى عمر الزهور لم يُدركوا بعد قيمة ما يملكون من قوه كامنة داخل عقولهم وأبدانهم السوية، لنتعلم جميعاً من هؤلاء معنى أن تكون كما تريد لا كما أرادت لك الظروف أن تكون، فهنا الاختلاف وهنا قيمة الإنسان، حفظ الله شباب مصر من اليأس والعجز والكسل ..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة