فى مثل هذا اليوم تمر علينا الذكرى الـ 48 لمذبحة بحر البقر، التى وقعت حين هاجم الطيران الإسرائيلى مدرسة بقرية الصالحية بمركز الحسينية بالشرقية، هذه المذبحة التى أودت بحياة 46 تلميذا وإصابة نحو 50 آخرين، من إجمالى 130 تلميذا كانوا بالمدرسة التى أضحت بعدها مسواة بالأرض.
فى هذه الفترة كانت حرب الاستنزاف قد وصلت إلى ذروتها، وبدأت إسرائيل ضرب ما عرف بـ "الأهداف العميقة" داخل مصر، ردا على الغارات المصرية فى عمق سيناء، وكانت إسرائيل قد بدأت تستهدف مواقع مدنية، مثل الغارة التى وقعت فى فبراير على مصنع أبو زعبل والذى أودى بحياة 70 شهيدا من العمال، كما شهدت مدن التل الكبير، وأحياء داخل القاهرة مثل "المعادى" غارات إسرائيلية.
الأهرام تتناول مذبحة بحر البقر
ويقول الفريق محمد فوزى، وزير الدفاع المصرى الأسبق، إن العدو استخدم أسلوب القصف المفاجئ والهرب السريع مستغلا الثغرات الرادارية جنوب السويس، بحثا عن مواقع صواريخ سام 3 للدفاع الجوى، التى وصلت من الاتحاد السوفيتى، فى إطار قيام مصر ببناء منظومة جديدة للدفاع الجوى، وهى ما جعلت إسرائيل تضع استراتيجية "بريها" لضرب الأهداف العميقة.
المدرسة بعد الغارة
وفى صباح يوم 8 إبريل من عام 1970، وفى تمام الساعة التاسعة والنصف، قصفت إسرائيل مدرسة بحر البقر والتى كانت فى هذا الوقت مدرسة صغيرة مكونة من دور واحد فقط ولا يزيد عدد تلاميذها عن 150 تلميذا، كان حاضرا منهم فى وقت القصف 130 تلميذا، الأمر الذى أدى إلى استشهاد 46 منهم.
أحد الأطفال المصابين فى بحر البقر
وفى كتابه "حرب الثلاث سنوات" يقول الفريق محمد فوزى، إن رد القوات الجوية على هذه الهجمات كانت ضربا مركزا وبعدد كبير من الطائرات فى عمق سيناء، وفى الفترة من 18 إبريل وحتى 28 ابريل تمت 6 هجمات جوية مركزة فى 11 يوما، لقصف مراكز القيادة الإسرائيلية فى سيناء، ومناطق تجمع الدبابات والأفراد وإدارات القوات الجوية، وهى الغارات التى كانت دليلا على إثبات قدرة القوات الجوية المصرية على الردع وتحدى طائرات العدو واستعادة الثقة بالنفس.
الأطفال المصابون
أما فى كتاب "تاريخ حروب اسرائيل" لأستاذ العلوم السياسية الإسرائيلى "آرون بريجمان"، فيعترف أن تلك الضربات أوجعت اسرائيل حيث تسببت فى مقتل حوالى 400 جندى إسرائيلى، وإصابة 2000 آخرين.
بعد الحادث قالت اسرائيل إنها اعتقدت ان المدرسة كانت منشأة عسكرية، وقال وزير الدفاع الإسرائيلى موشيه ديان إن المصريين قد يكونوا وضعوا طلابا فى قاعدة عسكرية، كانت الهجمة من القوة بحيث وضعت اسرائيل قرارها بتعليق العملية "بريها".
وضع حجر أساس إعادة إعمار المدرسة
فى خطاب الرئيس جمال عبد الناصر بعد المذبحة بـ 11 إبريل، رفض الحديث عنها، مفضلا أن يقوم بتحميس المواطنين الخائفين، وتحميسهم على مرحلة جديدة من مراحل حرب الاستنزاف، فيقول ناصر: " تتوقعون منى وقد يتوقع منى غيركم أن أشير إلى العمليات التى تجرى ضد المواطنين بواسطة العدو وبواسطة الذين زودوه بأدوات الإرهاب، وأنا أعرف أن هذا الموضوع فى أذهانكم، وفى أذهان كل مواطنينا داخل الوطن المصرى وعلى امتداد أرض الأمة العربية، ولكنى لن أفيض فى هذا الحديث".
المسئولون يتفقدون موقع الغارة
وأضاف ناصر:"إننا نقبل مشيئة الله فيما نمتحن به من الآلام، ولكننا نثق ثقة كاملة فى مشيئة العدل الإلهى، ونؤمن إيماناً لا يتزعزع فى أننا سنكون يد هذه المشيئة فى العدل الإلهى حينما تجىء اللحظة المناسبة، سوف تجىء اللحظة التى نرد فيها قائلين بيقين الصادقين: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى، أيها الإخوة: فلتحملوا مسئولياتكم، وليحمل كل مواطن منا مسئوليته، ولننطلق إلى حيث لا خوف ولا جزع.. إلى حيث لا تردد ولا وهن.. إلى حيث نصر الله للمجاهدين الصابرين الأقوياء القادرين على حمل أمانة مشيئة العدل الإلهى."
السادات يزور المصابين
السادات يزور المصابين
خلدت السينما المصرية المذبحة فى فيلمها، العمر لحظة والتى غنت فيه شادية الاغنية الشهيرة "أنا بحبك يا بلادى" من كلمات فؤاد حداد والحان بليغ حمدى، كما تم تشييد متحف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة