لا أحد يستطيع أن يرى مرة أخرى مشاهد التكسير والتخريب والتدمير فى المدراجات التى تسببت فيها الروابط الرياضية، وإذا كنا مع الأصوات التى تنادى بعودة الجماهير للملاعب، فيجب أن نفرق بين أمرين، الجماهير الرياضية من المواطنين الذين يعشقون الرياضة، ومتواجدون فى الملاعب من عشرات السنين، وبين الروابط الرياضية التى ظهرت حديثاً، ومع ظهورها بدأت موجة من العنف والتخريب، وكأنهم دولة داخل الدولة لا يعترفون بالقانون.
ألتراس أهلاوى
ومؤخراً آثار بيان رابطة "ألترس أهلاوى" الذى تعهد بعدم الخروج عن النص فى المبارايات القادمة، ومطالبهم بالجلوس مع الجهات المعنية، حالة من الجدل، حيث قفزت على السطح تساؤلات عن مدى قانونية ممارسة روابط المشجعين لأية أنشطة، ومدى مشروعية الانضمام لمثل تلك الروابط، خاصة بعد بيان رابطة ألترس أهلاوى على موقع الرابطة بـ"فيس بوك"، والتى أكدت من خلاله استنكارها للتجاوزات التى تم ارتكابها بمعرفة فئة قليلة لا تنتمى للرابطة خلال مباراة النادى الأهلى وفريق مونانا الجابونى، وتعهدت الرابطة أمام الجميع بأن عناصرها لم ولن يحدث منها أى خروج عن النص فى جميع المباريات القادمة، وطالبت الرابطة بالحوار مع الأجهزة المعينة، لمناقشة بعض الأمور المتعلقه بأعضائها.
ويرى قانونيون أن روابط مشجعى الأندية الرياضية المصرية بدأت تنتشر مع نهاية كأس الأمم الأفريقية 2006 والتى أُقيمت فى مصر، وأخذت فكرة روابط المشجعين حيز التنفيذ من قبل مجموعات من الشباب حسب ميولهم وانتماءاتهم للأندية الرياضية المختلفة التى يشجعونها، فكل فريق له رابطته التى تقف ورائه وتسانده فى المباريات من خلال التعبيرات والإيماءات والحركات والإشارات التى يقومون بها، والتى تعبر عن الانتماء للنادى، دون التجريح فى أحد، وبعيداً عن الألفاظ البذيئة والاعتداءات التى يمكن أن تؤدى إلى خسائر مادية وبشرية.
ومنذ ذلك الحين ظهر ما يسمى بمجموعة روابط الألتراس الذين كونوا مجموعة روابط هدفها الأساسى مساندة الأندية، ولكن بصور مختلفة من التشجيع، والتى من وجهة نظرهم أنها من أفضل طرق التشجيع وسمّوا أنفسهم الألتراس ( ULTRAS ).
وايت نايتس
وكلمة ULTRAS كلمة إنجليزية بمعنى المتطرفين، وهى مشتقة من كلمة ULTRA التى تعنى شخصاً متطرفاً، وهؤلاء مجموعات تمارس جميع أنواع الشغب والتطرف من أجل هدف واحد وهو أن تجد فرقهم متميزة دائماً ولا تتقبل الهزيمة، وتقوم هذه المجموعات بإدخال الألعاب النارية إلى المباريات وممارسة أعمال شغب ينتج عنها العديد من الخسائر، والتى قد تصل إلى حد الخسائر فى الأرواح.
ونظراً لما تمثلة تلك الظاهرة من خطورة على النشاط الرياضى، وما تبعها من انتشار ظاهرة العنف فى الملاعب الرياضية فى العديد من الدول إلى الحد الذى قد يصل إلى توقف النشاط الرياضى، فقد صدر قانون الرياضة الجديد رقم 71 لسنة 2017 متضمناً حظر إنشاء أو تنظيم روابط رياضية، حيث عرفت المادة الأولى من القانون الروابط الرياضية بأنها هى التجمعات التى تهدف إلى تشجيع الرياضة.
كما تضمن القانون تكوين الروابط الرياضية حيث تنص المادة (3) من ذات القانون على أن "تتولى الجمعيات العمومية للجنة الأولمبية المصرية واللجنة البارالمبية المصرية والأندية الرياضية والإتحادات الرياضية وأعضاء الجمعيات العمومية للإتحادات الرياضية وضع أنظمتها الأساسية بما يتوافق مع الميثاق الأولمبى والمعايير الدولية المعمول بها فى هذا الشأن، على أن تتضمن هذه الأنظمة جميع القواعد والأحكام المنظمة لعملها، وعلى الأخص تكوين الروابط الرياضية، وتنظيم نشاطها وطريق حلها وأحواله.
العنف داخل الملاعب المصرية
ويجب أن نشير هنا إلى أنه حتى الآن لم يصدر ثمة قرارات أو لوائح من الجهات المعنية فى هذا الشأن، كما نص القانون على تجريم إنشاء الروابط الرياضية المخالفة لأحكام قانون الرياضة، حيث تنص المادة (90) على أن "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن مائتى ألف جنيه كل من إنشاء أو نظم روابط رياضية بالمخالفة للنظم الأساسية للهيئات الرياضية وفقاً لأحكام هذا القانون، وتكون العقوبة الحبس الذى لا تقل مدته عن ثلاث سنوات والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه إذا باشر المنتمين إلى هذه الكيانات غير المشروعة نشاطاً يعبر عن وجودها أو بنشر أفكارها بأية صورة كانت، وينطبق حكم المادة (90) من قانون الرياضة فى حالة وجود دلائل لدى الأجهزة الأمنية أو بلاغات من الجهات الرياضية المعنية أو غيرها بإنشاء أو تنظيم أية روابط رياضية بالمخالفة لأحكام القانون .
التخريب فى الملاعب
وكان للقضاء المصرى موقفا من روابط الألتراس تمثل فى سبق صدور حكم فى القضية رقم 147 لسنة 2015 مستأنف مستعجل القاهرة بتاريخ 16 مارس 2015 والذى يقضى بحظر جميع روابط الألتراس على مستوى جمهورية مصر العربية، ومن بينها رابطة ألتراس وايت نايتس وحظر جميع أنشطتها وأنشطة أية روابط تنتمى إليها أو تنبثق من تلك الروابط .
والحكم السابق ملزم لكافة أطراف الخصومة بحظر أنشطة روابط الألتراس وبصفة خاصة رابطة ألتراس وايت نايتس، كما يمتد نطاق الحظر ليشمل جميع أنشطة أية روابط تنتمى لروابط الألتراس وتنبثق عنها داخل الجمهورية أو خارجها وتلتزم كافة الجهات المعنية بتنفيذه.
شغب الملاعب
ومع خطورة مثل هذه الروابط، فإنه بات من الضرورى أن تكاتف كافة أجهزة الدولة بشكلٍ عام من خلال العمل على توعية الشباب وتغيير كثيرٍ من السلوكيات والتصرفات غير المرغوبة، وذلك عن طريق تنمية الروح الرياضية لدى النشء وتعليم القيم الإجتماعية للرياضة والتوعية العامة بالأهداف التربوية للرياضة، وتشجيع الرياضيين على التحلى بالروح الرياضية، علاوة على دور النقد الرياضى فى مواجهة هذه الظاهرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة