يوما تلو الأخر وبالتوازى مع الخوف المحدق الذى يصيب القارة العجوز، تسعى كل الدول الأوروبية بكامل قوتها لدحر الإرهاب والتصدى له وخاصة أزمة المقاتلين الأجانب العائدين على دولهم وهم التحدى الأكبر والأعظم، إذا أن كل مقاتل هو تهديد صريح لأمن وسلام الدول العائيدن إليها، بعد تشربهم بالفكر المتطرف وتعليمهم استخدام الأسلحة وتدريباتهم على الاشتباكات.
وأصبحت أوروبا من أكثر الأهداف التى يركز عليها التنظيمات الإرهابية، إذا أن الكثير من دولها تشارك فى الحرب ضد تلك التنظيمات فى مناطق الصراع العربية وأبرزها سوريا والعراق، مما يمثل تحديا أمنيا كبير.
وفى ذلك السياق، تعتزم سويسرا إنشاء مجمع من الخبراء الأمنيين لمساعدة السلطات المحلية فى التعامل مع المشتبه بهم من المقاتلين والإرهابيين العائدين من مناطق القتال مثل سوريا.
ويعد هذا الاقتراح بمثابة جزء من خطة وطنية لمكافحة التشدد والتطرف العنيف والتى قدمتها السلطات السويسرية فى ديسمبر 2017، وتضم أكثر من 20 إجراء مختلفا، وفقا لما ذكرته قناة سويس اينفو السويسرية.
وغادر قرابة 100 إرهابى سويسرا إلى مناطق النزاع فى سوريا والعراق والصومال وأفغانستان وباكستان، وتقول السلطات إن 29 مقاتلاً سويسرياً قتلوا، هناك وعاد 16 منهم إلى سويسرا.
وأكد أندريه دوفيار، وهو مسئول فى شبكة الأمن السويسرية، أن الحكومة السويسرية ستعطى الضوء الأخضر فى الأسابيع القادمة للموافقة على إنشاء مجمع من الخبراء.
وتابع دوفيار، ستكون مهمة المجمع فى المقام الأول تقديم المشورة إلى سلطات الكانتونات (المحافظات) المختلفة، والتى تعد غير مجهزة، من اجل التعامل مع ظاهرة عودة الارهابيين من الناحية القانونية ومن جهة إعادة دمجهم فى المجتمع.
وخشية من عودة عناصر داعشية أجنبية، أكد العديد من السياسيين والنواب البلجيكيين معارضتهم لعودة المقاتلين الذين انضموا إلى صفوف تنظيم داعش فى سوريا والعراق إلى بلجيكا حتى وإن كان للمحاكمة، وقال النائب كوين ميتسو "نفضل محاكمتهم فى البلاد حيث ارتكبوا فيه الجرائم".
وأضافوا "دعونا نكون واضحين نحن من حيث المبدأ نعارض عودة المقاتلين السوريين، ونحن نتمسك بفكرة بأنه يجب محاكمتهم فى البلاد التى ارتكبوا فيها جرائمهم"، وتابع ميتسو الذى ترأس لجنة التحقيق فى مجلس النواب حول هجمات 22 مارس 2016، حديثه فى مؤتمر صحفى عقد مارس الماضى "يجب على بلجيكا أن تكون حذرة من بالونات الاختبار التى أطلقها المقاتلون السابقون فى سوريا الذين يتقدمون كما لو كانوا عمال إنسانيين فقط فى مناطق إرهابية أو حربية، وأضاف "لقد حذرنا".
وأشار إلى الدور الذى لعبه فى العراق الإرهابى طارق جداون الملقب بـ"أبو حمزة البلجيكى" من مدينة فيرفيرس البلجيكية، وصلته بالجماعة الإرهابية داعش الذى سجن فى العراق مؤخرا، وقد عبر الشهر الماضى على استعداده للتعاون مع أجهزة الأمن البلجيكية، ووفقا لحزب N-VA الحاكم أن هذه خطوة لتجنب حكم الإعدام.
وذكرت صحيفة "هيت لاتست نيوز" البلجيكة والناطقة بالهولندية ، أن طارق جدعون أبدى وجها آخر للأمريكيين فى العراق واعترف بانخراطه المباشر فى عدة هجمات، اثنان منها على الأقل تسببت فى وفيات فى أوروبا وأنه تطوع لهذه الحمامات الدموية.
ويشار إلى تقرير مركز "صوفان" الاستشارى للشؤون الأمنية، والذى قال أن عودة ما لا يقل عن 5600 عنصر من تنظيم داعش من العراق وسوريا، إلى دولهم سيشكل "تحديا أمنيا هائلا" لهذه الدول.
وجاء فى التقرير أنه "حتى الآن عاد ما لا يقل عن 5600 مواطن إلى بلدانهم، ما يشكل تحديا هائلا للأمن ولعمل أجهزة الأمن".
يقول "بوب واينرايت" مدير الأوروبول: "إن الخطر لا يزال مرتفعا على الأمن الأوروبى الداخلى، ويبقى عدد العائدين من الأوروبيين الأصليين أو المتجنسين بالجنسية الأوروبية من الذين قاتلوا فى السابق فى صفوف تنظيم داعش غير معروف بشكل دقيق، كون بعضهم لا يمر عبر المسالك الطبيعية للعبور مما يجعل من الصعب تحديد هويته ومعرفة ما إذا كان قد دخل أحد البلدان الأوروبية أم لا".
ومن ناحيتها حذرت الحكومة الإسبانية من عودة الإرهابيين من جنسيات أوروبية إلى بلدانهم الأصلية بعد هزيمة داعش فى سوريا والعراق ، مؤكدة أن هناك مخاوف من أن عودة الإرهابيين إلى اوروبا سيساهم فى تطرف مواطنى الاتحاد الأوروبى.
واعتبر وزير الخارجية الإسبانى ألفونسو داستيس أن الانتصار على داعش والإعلان المثير للجدل باعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل ، يؤثر على التوازن السياسى والأمن فى الشرق الأوسط.
وأكد داستيس، إن داعش فقد القاعدة المادية فى سوريا والعراق بالفعل، ولكنه من ناحية أخرى استطاع غرز قواعد أخرى له فى جميع أنحاء أوروبا من خلال الذئاب المنفردة، فقد استطاع التسلل خارج تلك المنطقة لينتشر فى جميع أنحاء أوروبا، فالذئاب المنفردة هى شخص أو مجموعة صغيرة من الأشخاص يقومون بهجمات إرهابية على منشآت حكومية أو خاصة ويقومون بهذه العمليات بشكل فردى دون أن يكونوا قد سافروا وتدربوا مع التنظيم المتطرف، ولكن هم مؤمنون بأفكار التنظيم ويتواصلون معه ويحصلون على التكليفات من خلال التطبيقات الخاصة كالتيليجرام وغيرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة