ساعات قليلة تفصل بين الضربة العسكرية الثلاثية الغربية التى شنتها كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا فجر أمس السبت، على سوريا وإعلان القيادة العامة للجيش العربى السورى عن تحرير الغوطة الشرقية لدمشق وخلوها من المسلحين بعد رحيل آخر مسلحى المعارضة من مدينة دوما آخر معاقل الإرهابيين باتجاه شمال البلاد، ما دفع المراقبين والمحللين للتأكيد على أن سوريا لم تفلت من العدوان فحسب بل خرجت لتعلن دحر للجماعات الإرهابية التى تحظى بدعم نفس الجبهة التى شنت عدوانا غاشما عليها.
الصحافة السورية الموالية للنظام كشفت عن الآمال التى علقتها الجبهة الغربية على مواصلة الجماعات الإرهابية تواجدها بالغوطة الشرقية، لكن شكل تحريرها على يد الجيش العربى السورى هزيمة كبرى لهم، الأمر الذى جعل الكتاب السورين بتشبيه الرئيس السورى بالزعيم عبد الناصر الذى قضى على أحلام الغرب فى السيطرة على مقدرات الأوطان العربية، وعلى نحو ما شبه وضاح عبد ربه الكاتب الصحفى السورى ورئيس تحرير صحيفة الوطن السورية، الرئيس بشار الأسد، بالزعيم المصرى الراحل جمال عبد الناصر، وأكد فى مقاله على أن تحرير الغوطة الشرقية من الإرهابيين شكل هزيمة للغرب وهزة بحجم ما أحدثه تأميم مصر لقناة السويس على يد الزعيم المصرى عام 1956.
وقال رئيس تحرير الصحيفة السورية، منذ اليوم الأول لإطلاق معركة تحرير الغوطة، بدأت دول محور الاعتداء على سوريا تفقد صوابها تماما كما فقدته حين فرضت مصر سيادتها على القناة، فبالنسبة لهم الغوطة كان يجب أن تبقى تحت سيادة الإرهاب ومن يدعمه، لكون هذه المنطقة تحديدا كان المرجو منها، وخلالها، إسقاط الدولة السورية وممارسة الضغوط السياسية عليها.
وأكد الكاتب السورى، أن "عام 1956 انتصرت مصر على بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، وفى الأمس انتصرت سوريا على هذه الدول ذاتها، وأضيف إليها الولايات المتحدة الأمريكية، فبعد أكثر من 7 سنوات حرب، وبعد أن كانت الدفاعات الجوية السوريا الهدف الأول للإرهابيين بهدف تعطيلها وتدميرها، ها هى دمشق تتألق وتسقط أغلبية الصواريخ الذكية الأمريكية فى فضيحة غير مسبوقة بتاريخ صناعة السلاح الغربية، واستبسال استثنائى من الدفاع الجوى السورى الذى أثبت للعالم أن سوريا هى الخط الأحمر الذى لا يحق لأحد تجاوزه أو الاعتداء عليه" على حد تعبيره.
وشدد الكاتب على أن سوريا بعد الأمس أصبحت أقوى بكثير من سوريا ما قبل العدوان عليها، وباتت أكثر تصميما على مكافحة الإرهاب بالشراكة مع حلفائها ودحره أينما وجد.
وشبه الكاتب إعادة الغوطة بتأميم قناة السويس قائلا، "عام 1956 عادت قناة السويس إلى السيادة المصرية، وعام 2018 عادت الغوطة الشرقية إلى السيادة السورية، فى كلتا التجربتين كان القرار السيادى هو الذى يزعج الغرب ويستفزه.
وتابع الكاتب أن "ما حصل أمس لم يكن من أجل سلاح كيميائى كما زعموا، كان فقط للتعبير عن خيبة أملهم وغضبهم بعد خسارة الغوطة الشرقية، ومحاولة يائسة لممارسة ضغوط عسكرية على دمشق وحلفائها لعلهم يخضعون للتسوية السياسية التى يريد الغرب فرضها على سورية. والعدوان الثلاثى أمس، كان التعبير الأصدق لدول محور العداء لسوريا عن هزيمتهم فى الغوطة وفقدانهم لأهم ورقة كانوا يهددون بها دمشق.
وشبه الكاتب بشار الأسد بالزعيم عبد الناصر، قائلا "بعدوانهم على دمشق، وقع الغرب على ورقة هزيمتهم النهائية فى الغوطة الشرقية وفى سوريا عموما، وخرجت دمشق من العدوان الثلاثى عليها، أكثر قوة وتماسكا وعزة وكبرياء، وبات الرئيس الأسد اليوم أكثر من أى وقت مضى، زعيما عربيا وأمميا يحارب ويناضل من أجل حرية شعبه وسيادة واستقلال بلاده، بات "ناصرا" جديدا يحق لنا ولكل شعوب العالم الحرة أن تفتخر به.
بشار الأسد يتمتع بمزاج جيد بعد العدوان وقدم باقة ورود للزعيم الكورى الشمالى
بدورها، قالت وكالة الإعلام الروسية، اليوم، الأحد، إن الرئيس السورى يتمتع بمزاج جيد، ونقلت عن مشرعون روس التقوا بشار الأسد، قال أحدهم إن اللقاء كان بناء والأسد كان فى حالة مزاجية جيدة. ووصف الرئيس السورى الضربة الغربية على بلاده بأنها عمل عدوانى، مشيدا بالدفاعات الجوية روسية الصنع التى ساعدت فى صد تلك الضربات. وقال مسئول إن الأسد قبل دعوة لزيارة روسيا، مؤكدا أنه لم يتطرق النقاش إلى مسألة تزويد سوريا بأنظمة دفاع جوى روسية.
ويبدو أن هذا المزاج أثر على اتصالاته اليومية، فقد تحدى الرئيس السورى الضربة العسكرية على بلاده، وأرسل باقة زهور لزعيم كوريا الشمالية، حيث تحتفل الأخيرة اليوم الأحد، بعيد ميلاد كيم إيل سونج، جد زعيم البلاد الحالى كيم جونج أون، وذلك إحياء لـ"يوم الشمس" أهم الأعياد الرسمية فى البلاد.
وبحسب موقع روسيا اليوم الإخبارى، الذى نقل عن وكالة نوفوستى الروسية، أن أهم الملاحظات التى سجلتها عدسات المصورين التى رصدت توافد الكوريين الشماليين على ضريح كيم إيل سونج لوضع أكاليل الزهر تخليدا لذكراه، إكليل علق باسم الرئيس السورى بشار الأسد بمناسبة هذا العيد.
واللافت فى مبادرة الرئيس السورى، أنها تأتى فى أعقاب الضربة الغربية لسوريا، والتى لم تدنها بيونج يانج، ولم تعلق عليها ولو ببنت شفة تضامنا مع السوريين، كما جرت العادة فى علاقات البلدين. إلا أن المراقبين، يعزون الصمت الشمالى للتهدئة الصامدة فى الوقت الراهن بين بوينج يانج وواشنطن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة