نظرية المؤامرة تتسلل إلى الولايات المتحدة.. كيف وجد الإعلام والساسة الأمريكيون فى النظرية ملاذا للهروب من مواجهة مشكلات المجتمع؟.. "شيطنة" روسيا الحيلة الأسهل للهرب.. والرد الروسى على تهم القرصنة يحرج الجميع

الثلاثاء، 06 مارس 2018 03:40 م
نظرية المؤامرة تتسلل إلى الولايات المتحدة.. كيف وجد الإعلام والساسة الأمريكيون فى النظرية ملاذا للهروب من مواجهة مشكلات المجتمع؟.. "شيطنة" روسيا الحيلة الأسهل للهرب.. والرد الروسى على تهم القرصنة يحرج الجميع المحقق روبرت مولر وترامب
كتبت: إنجى مجدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يلصق الغرب نظريات المؤامرة لبعض الشعوب العربية بدعوى أنها تحكمها أنظمة غير ديمقراطية بداعى أن تلك الأنظمة إما أنها تلقى بإخفاقاتها على مؤامرات خارجية أو لتخويف شعوبها من أى حراك سياسى والتحدث بحرية عما لا يرضونه، غير أنه يبدو أن الأمريكيين أعادوا اكتشاف مثل هذه النظرية وباتوا يعتنقونها إعلاما وساسة.

 

يتجسد اعتناق الأمريكان لنظرية المؤامرة منذ العام الماضى فى محاولة شيطنة الروس وإلقاء المشكلات المجتمعية التى باتت تظهر على السطح، بعد غليان استمر سنوات طويلة، على المؤامرات الروسية، كما وجدوا فى وسائل التواصل الاجتماعى ضحية معقولة لإيهام الشعب الأمريكى بأن العنصرية البيضاء ضد السود أو فوز ترامب، الذى لا يرضى عنه الإعلام الليبرالى، أو الاحتجاجات المعارضة لخطط حكومية تقف وراءها روسيا.

أولا:

إذا بدأنا من حيث انتهى الأمريكان فى أحدث اتهاماتهم لروسيا، فبحسب صحيفة وول ستريت جورنال، زعم تقرير أمريكى جديد صادر عن الكونجرس، أن جماعات الدعايا الروسية استخدمت وسائل الإعلام الاجتماعية فى محاولة لبث التوتر فى صناعة الطاقة الأمريكية والتأثير على سياساتها.

 

ووفقا للصحيفة، التى أطلعت على التقرير، هذا الأسبوع، فأنه خلافا للحملات الروسية التى تهدف لإثارة التوترات السياسية داخل الولايات المتحدة، فأن هذه الجهود من قبل وكالة أبحاث الإنترنت، تستهدف التحريض ضد إنتاج الوقود الحفرى الأمريكى لصالح روسيا، أكبر منتج للنفط فى العالم.

 

وأوضحت الصحفية، أنه منذ 2015، قامت وكالة أبحاث الإنترنت التى تقول الصحيفة إنها تابعة لروسيا، بنشر صور ورسائل على فيس بوك وانستجرام وتويتر لتشجيع الاحتجاجات ضد إنشاء خط أنابيب فى ولاية داكوتا، داعيا إلى التخلى عن الوقود الحفرى وأذكت الجدل حول التغير المناخى، ذلك وفقا لتقرير لجنة العلوم والفضاء والتكنولوجيا فى مجلس النواب الأمريكى.

 

وليس من الواضح مدى التأثير الذى أحدثته هذه الدعايا على سياسات الطاقة الأمريكية. غير أن الصحيفة تشير إلى أن العديد من المنشورات على فيس بوك تم تشاركها من قبل عدد محدود من المتابعين، ذلك وفقا للتقرير. ولكنها تلفت إلى أن الرسائل جاءت فى وقت حساس لروسيا، حيث تراجع أسعار النفط والغاز عالميا بسبب انتعاش الإنتاج فى الولايات المتحدة مما شكل تهديدا كبيرا لواحدة من أهم الصناعات فى روسيا.

 

 

تعود الاحتجاجات ضد خط أنابيب داكوتا إلى مطلع عام 2016 بقيادة حركة شعبية تعرف بـ"نودل" رفضت خط الأنابيب الذى يبلغ طوله 1770 كيلومترًا، ليكون أول خط أنابيب يحمل النفط والغاز الصخريين من منطقة باكن من نورث داكوتا مباشرة إلى المصافى على ساحل الخليج الأمريكى. وذلك لأنه الأراضى للتلوث، الناجم عن تسرب النفط، فضلا عن أنه سيضر بالمواقع التاريخية والثقافية المهمة، وهو ما يمثل انتهاكا للقانون الوطنى لحماية المواقع التاريخية والقانون الوطنى لحماية البيئة. وتجددت الاحتجاجات منذ ذلك الحين وحتى العام الماضى وسط اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن التى اعتقلت العشرات من السكان الأصليين واستخدمت العنف ضدهم.

 

واللافت إنه على الرغم من الاهتمام العالمى بالقضية، فإنه وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية أبدت تجاهلا كبيرا للاحتجاجات، وقد اتهم موقع "أوبزرفر" الأمريكى، المؤسسات الإعلامية الكبرى ببث تقارير مضللة عن المحتجين والتغاضى عن عنف الشرطة الأمريكية ضدهم .

 

ثانيا:

طيلة عام 2017 سعت وسائل الإعلام الأمريكية والساسة لإلقاء لوم الاضطرابات المجتمعية مثل المسيرات القومية التى قادها العنصريين البيض ضد السود والعنف الذى اندلع بين الطرفين فى مدينة تشارلوتزفيل بولاية فيرجينيا، على الدعايا الروسية عبر وسائل التواصل الاجتماعى.

 

وحتى فى معالجتها  لحادث إطلاق النار فى مدرسة بفلوريدا، والذى أسفر عن مقتل 17 شخصا بينهم طلاب، فبراير الماضى، سارعت صحيفة نيويورك تايمز للزعم بأن  حسابات على تويتر، يشتبه أنها على صلات بروسيا، نشرت مئات التغريدات التى تشعل الجدل بشأن السيطرة على الأسلحة فى الولايات المتحدة.

 

 

وأشارت الصحيفة، إلى أنه سرعان ما قامت هذه الحسابات بتداول الأخبار بشأن الحادث، وتبنى بعضها هاشتاج #guncontrolnow. وآخرون استخدام #gunreformnow و # parklandshooting. وتعد قضية السيطرة على السلاح واحدة من القضايا الأكثر انقساما داخل المجتمع الأمريكى، حيث تقلب المدافعون عن التعديل الثانى للدستور ضد أنصار السيطرة على السلاح، واعتبرت الصحيفة أن إطلاق هذه الهاشتاجات سريعا هو محاولة لتوسيع الانقسام.

 

ثالثا:

فى منتصف فبراير الماضى، أعلن المحقق الخاص، روبرت مولر، الذى يتولى التحقيق فى قضية التدخل الروسى فى الانتخايات الأمريكية، اتهامات لـ13 روسيا باستخدام وسائل التواصل الاجتماعى بشكل غير قانونى لزرع الخلافات السياسية داخل الولايات المتحدة. وقال مولر، إن الأفراد تآمروا منذ عام 2014، وعملوا كناشطين سياسيين أمريكان وركزوا جهودهم حول النقاط الساخنة الخاصة بالهجرة والدين والعرق.

 

وقدمت لائحة الاتهام تفاصيل واسعة حول مخطط روسى مدته ثلاث سنوات للتحريض على الخلاف السياسى داخل الولايات المتحدة، وإلحاق الضرر بحملة هيلارى كلينتون الرئاسية ومن ثم دعم ترشيح دونالد ترامب، بالإضافة إلى ترشيح بيرنى ساندرز وجيل شتاين.

هذه الاتهامات السابقة تشعرك أنك تقف أمام دولة من العالم الثالث تفتقر إلى جحافل وكالات الاستخبارات التى تتمتع بها الولايات المتحدة. وهو ما يدفع بنفس التساؤل الذى طرحته  المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، على صفحتها على فيس بوك قائلة: "13 شخصا تدخلوا فى الانتخابات الأمريكية؟! 13 فى مقابل أجهزة مخابرات لها ميزانيات بالمليارات؟".

 

بالطبع لا يمكن إنكار أن حروب المعلومات أمر معروف ويتم الإقرار بها بين الدول الكبرى وهو ما لا ينفى قيام روسيا بأنشطتها الخاصة مثلما تفعل الولايات المتحدة أيضا تجاه الدول الأخرى وهو ما أقر به ستيفن هول، المسئول السابق بوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية، فى مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، فى 17 فبراير الماضى، مشيرًا إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "CIA"، ما انفكت تتدخل منذ تأسيسها فى انتخابات الدول حول العالم.

 

غير أن محاولة الساسة والإعلام الأمريكى إلقاء اللوم على روسيا فى الكثير من الإضطرابات الاجتماعية التى ظهرت على السطح مؤخرا، يطرح سؤالين وهما إما أن المؤسسات الأمريكية عاجزة بالفعل عن مواجهة ما يزعموه من استخدام روسيا لوسائل التواصل الاجتماعى أو أنها محاولة للجوء لذلك السلاح الذى طالما انتقدوا غيرهم من الحكومات بسببه.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة