"فرشة خضار" بسيطة على شارع رئيسيى بقرية أبو النمرس أحدى القرى الريفية بمحافظة الجيزة، اتخذتها "أم ممدوح" مكاناً للعمل منذ أكثر من 12 عاماً، تخرج فى الصباح متوكلةً على الله ومحملةً بأمال عريضة للرزق، وفى المساء تعود مجهدةً؛ لتكمل مهمتها كربة منزل مسئولة عن أسرة ترعاها، إلى أن انقلبت تلك الحياة البسيطة رأساً على عقب؛ بمقتل ابنها الكبير وحبس الصغير.
والدا المجني عليه
لكن بقاء الحال محال ، ففي صبيحة أحد أيام شهر مارس الجارى، فوجئت "أم ممدوح" أثناء تواجدها على "فرشة الخضار" بشاب فى العشرينيات من عمره، على خلافات سابقة مع ابنها الكبير ممدوح، بحوزته "كلب" يحاول "جر شكلها"وفق توصيفها، نهرته وطالبته بالرحيل عنها، ولكنه استمر فى التضييق عليها، وطلب منها مغادرة ذلك المكان، والتخلص من "الكلاب البلدى" التى ترعاها وتحرس لها "الخضروات"، فتدخل أحد المارة دفاعاً عنها، وأجبر ذلك الشاب على الرحيل.
والدة المجني عليه تروى تفاصيل الواقعة
"كانت تلك بداية الأزمة التى انتهت إلى مقتل ابنى الكبير ممدوح، وحبس شقيقه الأصغر"، تقول أم ممدوح، متحدثة عن تبعات ذلك اليوم الذى تعرضت فيها للإيذاء من جانب "أحمد.م" 22 سنة (المتهم بقتل ابنها)، متابعةً:لم أخبر ابنى الأكبر "ممدوح" بما جرى من "أحمد"، حتى لاتقع الفأس فى الرأس، أخفيت الأمر عنه وعن باقى ابنائى حتى لايصابوا بمكروه، ولكن إرادة الله شاءت غير ذلك، فعلم ابنى بما جرى لى من أحد أصدقائه، وكان ذلك كفيلاً بأن يثير غضبه".
المجني عليه وصورة تذكارية مع زوجته
المجني عليه
وبعيون حزينة وقلب مكسور على فراق نجلها الكبير، تروى "أم ممدوح" لـ"اليوم السابع"، قصة مقتل ابنها على يد "أحمد.م" عامل، قائلة:"خرج ابنى لإيصال شقيقته إلى إحدى صديقاتها، وفى طريقه مر على مكان تواجد المتهم، فنادى عليه لمعاتبته على ما فعله بى، ففوجئ به يخرج من أعلى سطح العقار الذى يقطن به، ويطلق عليه النيران، من "فرد خرطوش" ليٌصيبه بطلق نارى فى الرأس أسفر عن تهشم الجمجمة، ليسقط قتيلاً فى الحال.
المجني عليه قبل مقتله بأشهر قليلة
واختتمت "أم ممدوح" كلامها قائلةً:"ابنى كان شغال أرزقى على باب الله، وكان احياناً بيطلع مع مراته يعملوا عروض "الحاوى" ويسترزقوا هما الاثنين، وقبل ما يموت كان عايز يشترى "انبوبة بوتجاز" ويجيب عربية ويبيع "سمين وكبدة" على ناصية الشارع، علشان يخلص من المشاكل، ويوفر لقمة عيش كريمة لينا ولأبنه ومراته، ويجيب لى الدواء، لكنه مات، ومبقاليش منه غير الذكريات، وكل إلى بطلبه من ربنا أنه ينتقم من اللي كان السبب، وأن القضاء يجيب لنا ولو جزء صغير من حقه.
ممدوح ضحية أبو النمرس
فيما سرد "بسام.م" شقيق المجني عليه قصة الخلاف القديم الذى نشأ بين شقيقه "ممدوح" والمتهم بقتله، قائلاً:" منذ عدة سنوات كان شقيقى محتجزا داخل السجن فى إحدى القضايا، ونشبت بينه وبين "كريم.م" شقيق المتهم الذى (كان محبوساً هو الآخر على ذمة قضية أخرى)، مشاجرة عنيفة داخل الحجز، دفعت الأخير لأن يُصيب شقيقى بجرح قطعى فى الرقبة بـ"قطر"، كاد أن يسفر عن وفاته، لولا نقله إلى المستشفى وخياطة جرحه بـ25 غرزة، وأنقذت حياته.
ابن المجني عليه
"القلوب احترقت على مقتله وجميع أهالى المنطقة وحتى أصدقائه شعروا بمرارة فراقه" يقول "م" والد المجني عليه ممدوح، متابعاً، قرر أهالى المنطقة الانتقام لابنى، فتوجهوا إلى العقار الذى أطلق منه النيران عليه، وفوجئوا بأن المتهم وأصدقائه كانوا قد اعدوا زجاجات "مولتوف"؛ لاستخدامها فى مواجهة ابنى، الذين توقعوا قدومه إليهم للانتقام لوالدته، ولكنه لم يكن ذاهباً للانتقام، ولو فعل لأخذ أشقائه وأصدقائه معه، واستعد لذلك جيداً ولكنه ذهب بطوله لا يحمل سلاح من أجل المعاتبة لا من أجل التشاجر.
والد المجني عليه وشقيقه فى حوارهما مع اليوم السابع
وتابع "م"، أن أهالى المنطقة أشعلوا النيران فى المنزل الذى أطلق منه الجاني النيران على "ممدوح"، وفى النهاية القت قوت الأمن القبض على ابنى الأصغر، بعدما اتهموه بأنه أحد المشاركين فى إضرام النيران بالمنزل، على الرغم من أنه كان فى ذلك الوقت أمام المشرحة، فى انتظار خروج جثمان شقيقه، من أجل انهاء مراسم الدفن، والآن أنا فقدت ابنى الكبير والصغير، ولا عائل للأسرة بعدهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة