"خناقة" غاز الأعصاب فى لندن تعيد للأذهان تاريخ البشر الدموى مع "سلاح الغاز".. "معادلة كيماوية" تنتج مليون وربع ضحية بالحرب العالمية الأولى.. عشرات الآلاف ضحاياه فى المغرب.. وهتلر رفض استخدامه بسبب "عقدة شخصية"

الأحد، 18 مارس 2018 10:00 م
"خناقة" غاز الأعصاب فى لندن تعيد للأذهان تاريخ البشر الدموى مع "سلاح الغاز".. "معادلة كيماوية" تنتج مليون وربع ضحية بالحرب العالمية الأولى.. عشرات الآلاف ضحاياه فى المغرب.. وهتلر رفض استخدامه بسبب "عقدة شخصية"
كتب محمود حسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

معركة حامية الوطيس قائمة اليوم بين دول أوروبا حول من استخدم غاز الأعصاب فى واقعة الهجوم على الجاسوس الروسى السابق سيرجى سكريبل وابنته فى لندن، أوائل هذا الشهر، بعد أن ردت روسيا الهجوم الإعلامى الغربى عليها باتهامها 4 دول بإنتاج غاز الأعصاب القاتل، وهى التشيك وسلوفاكيا وبريطانيا والسويد، فيما ردت تلك الدول بنفى صلتها بالغاز القاتل.

قبل عام 1925، لم يكن هناك ما ينص على منع استخدام الغازات السامة والكيماوية فى الحروب، واستخدم الغاز الذى يشل الجهاز العصبى وجميع وظائف الجسم ويسبب الوفاة على نطاق واسع خاصة خلال الحرب العالمية الأولى.

ومع تطور الثورة الصناعية، استطاع العلم إنتاج المبيدات المختلفة لمواجهة الحشرات والقوارض، إلا أن الجيوش بدأت فى استخدام تلك المبيدات كسلاح، ثم بدأ تطويرها لتكون أداة هجومية مستقلة بذاتها مع بدايات القرن العشرين، خاصة مع ظهور الغاز الفتاك المسمى بـ "غاز الأعصاب"، لتشهد الحرب العالمية الأولى الاستخدام الأوسع له، ليكون واحدا من أكثر الأسلحة دمارا وتأثيرا على مر التاريخ.

الجاسوس الروسى وابنته
الجاسوس الروسى وابنته
 

-  الحرب العالمية الأولى مليون وربع قتيل من "الغاز"

بعد 3 أشهر فقط من اندلاع الحرب العالمية الأولى استخدم الفرنسيون غاز الأعصاب فى هجماتهم، ورد عليهم الألمان باستخدام غاز الكلوراين والذى كان يؤدى إلى شلل فى الجهاز التنفسى، وكان استخدام الغاز فى الكثير من الأحيان مأساويا على مستخدميه، ففى عام 1915 استخدم البريطانيون الغازات السامة فى أحد هجماتهم على الألمان لكن الرياح أعادت لهم الغاز مرة أخرى.

استخدامات الغازات فى الحرب العالمية الاولى
استخدامات الغازات فى الحرب العالمية الاولى

 

وفى العام الأخير من الحرب العالمية الأولى، استخدم غاز الخردل والذى كان أكثر الغازات السامة خلال الحرب، وهو الغاز نفسه الذى استنشقه العريف الألمانى أدلوف هتلر والذى سيصير فيما بعد زعيما لألمانيا بعد تلك الإصابة التى سببت له العمى المؤقت، الأمر الذى سيدفعه لاحقا وخلال الحرب العالمية الثانية أن يرفض استخدام غاز الأعصاب فى المعارك، رغم أنه استخدمه فى معسكرات الإبادة للمعتقلين.

ضحايا استخدام الغاز فى الحرب العالمية الأولى
ضحايا استخدام الغاز فى الحرب العالمية الأولى

يقدر عدد من قتلوا جراء استخدام الغاز فى الحرب العالمية الأولى بحوالى مليون و250 ألف شخص، أغلبهم من الجنود الذين واجهوا الغاز فى خنادق الحرب العالمية الأولى الشهيرة، كما تقدر الكميات المستخدمة من الغاز السام فى الحرب العالمية الأولى بحوالى 150 ألف طن من الغاز.

فى عام 1925، تم توقيع "بروتوكول جينيف" بحظر استخدام غازات الأعصاب فى الحروب، لكن ظل استخدام الغازات أمرا ساريا ومعمولا به لسنوات بعدها.

استخدامات الغازات فى الحرب العالمية الاولى
استخدامات الغازات فى الحرب العالمية الاولى

 

-  الغاز يقتل المغاربة فى انتفاضة عبد الكريم الخطابى

 

خلال الفترة من عام 1921 وحتى عام 1927، انتفض المغاربة بقيادة عبد الكريم الخطابى فى شمال البلاد ومنطقة جبال الريف فى مواجهة الاستعمار الإسبانى، وفى عام 1925 تلقى الإسبان هزيمة مفجعة على يد قوات عبد الكريم الخطابى فى منطقة "أنوال" هددت وجود الاستعمار بأكمله، وهو ما دفع القوات الإسبانية لاستخدام الغازات الكيماوية.

لا يمكن على وجه الدقة حصر عدد من لقوا حتفهم من المغاربة فى خلال انتفاضة الريف، وتشير بعض التقديرات إلى أنهم نحو 20 ألف شخص، فيما تصل تقديرات أخرى إلى أن أعداد الشهداء قد يصل إلى 100 ألف، لكن الإسبان لم يعترفوا بشكل رسمى بمسألة استخدام الغازات الكيماوية، رغم أن مذكرات شخصية لقادة شاركوا فى حرب الريف قد ذكرت هذا الاستخدام.

مازالت المسألة تلقى بظلالها بجدل كبير فى المغرب، إذ يتهم مثقفون وأطباء مغاربة هذه الهجمات الكيماوية بالتسبب فى إصابات بالسرطان تحدث حتى يومنا هذا شمال المغرب نتيجة بقاء هذه الغازات السامة فى التربة.

ضحايا الحروب الكيماوية المغرب
ضحايا الحروب الكيماوية المغرب

 

- حرب الحبشة واستخدام الغاز لـ "التجربة"

 

فى عام 1936 وفى إطار التوسعات التى قامت بها دول المحور ( ألمانيا ، إيطاليا ، اليابان ) ، قرر الديكتاتور الإيطالى بينوتو موسولينى احتلال إثيوبيا، وخلال الحرب التى استمرت من أكتوبر 1935 وحتى مايو 1936 تم استخدام  الغاز فى هذا الغزو الإيطالى على الحبشة.

 

وتوفي حوالى نصف مليون إثيوبى خلال الغزو الإيطالى، يرجح أن منهم نحو 100 ألف شخص قتلوا بالغاز، ولاحقا تبين أن استخدام إيطاليا للغاز كان فى إطار التجربة والتدريب على استخدامه، إذ لم يكن هناك حاجة لاستخدامه نظرا للتفوق الحربى الكاسح للإيطاليين فى مقابل الإثيوبيين.

جنود يرتدون اقنعة مضادة للغازات
جنود يرتدون اقنعة مضادة للغازات

 

- الحرب الصينية اليابانية

فى عام 1937 اندلع الغزو اليابانى للصين، فيما عرف بالحرب الصينية اليابانية الثانية، والتى استمرت حتى نهاية الحرب العالمية الثانية، وجرى استخدام الغاز من قبل اليابانيين فى عدد من الهجمات المتفرقة الموجهة ضد الجنود الصينيين، ويقدر عدد ضحايا استخدام الغاز فى الحرب الصينية اليابانية بـ 3 آلاف شخص.

جنود يابانيين فى الحرب الصينية
جنود يابانيين فى الحرب الصينية

 

-  الغاز فى حلبجة السورية

خلال الحروب التى وقعت بين الأكراد والجيش العراقى، والتى استمرت منذ الستنيات وحتى الثمانينات، استخدم الرئيس العراقى صدام حسين الغاز ضد سكان "قرية حلبجة" الكردية فى مارس من عام 1988، تحت دعوى اختباء جنود إيرانيين فى داخل القرية، ووفقا للتقارير الغربية فإن نحو 3200 شخص قتلوا فى هذا الهجوم على هذه المدينة.

اطفال عراقيين قتلوا فى الهجوم الكيماوى على حلبجة
اطفال قتلوا فى الهجوم الكيماوى على حلبجة

 

-  الهجوم الكيماوى الأول فى سوريا

 

فى أغسطس من عام 2013 استيقظ أهالى "عين ترما" بالغوطة الشرقية بدمشق على قصف بالغازات، ويرجح أن عدد من قتلوا خلال هذا الهجوم نحو 1500 شخص أغلبهم من الأطفال، ورغم أن لجنة التحقيق التى شكلتها الأمم المتحدة قد أشارت بأصابع الاتهام إلى النظام السورى فى هذه الهجمة، إلا أن الحكومة السورية بدورها أشارت بأصابع الاتهام إلى الفصائل المقاتلة السورية.

بعد هذا الهجوم، اعتبر الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما أن بشار الأسد تجاوز خطا أحمر لم يكن يجب تجاوزه، واستعد الجيش الأمريكى لتوجيه ضربة عسكرية، لكن اتفاقا على أن تتحلص الحكومة السورية من مخزونها من الأسلحة الكيماوية برعاية روسيا أوقف الضربة.

وفى خطاب له، قال الرئيس باراك أوباما إن الهجوم على الغوطة هو أسوأ هجوم بالغاز الكيماوى فى القرن الواحد والعشرين.

الاطفال ضحايا كيماوى الغوطة
الاطفال ضحايا كيماوى الغوطة

 

-  الهجوم الكيماوى الثانى فى سوريا

 

فى إبريل من عام 2017، تعرضت بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب شمال سوريا إلى هجوم بالغاز الكيماوى، أدى إلى وقوع حوالى 100 قتيل، نتيجة استخدام غاز السارين، واتهمت الدول الغربية النظام السورى باستخدام السلاح الكيماوى فى هذا الهجوم، والخداع فى اتفاق التخلص من الأسلحة الكيماوية، فيما تقول وزارة الدفاع السورية إن الطائرات السورية قصفت مخزنا لأسلحة تمتلكها المعارضة كان من بينها غاز السارين وهو ما تسبب فى الأمر.

وعقابا لهذا الهجوم، أمر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بتوجيه ضربة عسكرية إلى المطارات السورية التى يعتقد أن الطائرات التى قامت بهذا الهجوم قد استخدمتها.

كيماوى خان شيخون
كيماوى خان شيخون

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة