بعد نجاح العراق فى تحقيق النصر ودحر تنظيم "داعش"، وإعلان البلاد خالية من أفراد التنظيم الإرهابى الذى قضى على الأخضر واليابس فى بلاد الرافدين، ظهرت الحاجة إلى ضرورة العمل على إعادة اعمار المناطق المنكوبة فى المحافظات العراقية، والتى كان يسيطر عليها التنظيم ودفع مواطنيها الى النزوح عنها، بعد هدم منازلهم، وتضرر البنى التحتية من طرق، ومستشفيات ومدارس، ومنشآت عامة، جراء ممارسات التنظيم البربرى، واحتياجها الى نحو 100 مليار دولار من أجل إعادة بنائها مرة أخرى.
ومن هنا كانت استجابة الكويت لشقيقتها العراق، حيث بادرت بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولى لإعادة اعمار العراق، وأعلنت عن استضافته بعد التنسيق مع الحكومة العراقية خلال الفترة من 12 إلى 14 فبراير الجارى؛ بغية تحقيق إنطلاقة تنموية بالعراق، من خلال المشاركة الفعالة من قبل المجتمع الدولى بجميع قطاعاته، سواء الحكومية أو القطاع العام "الصناديق السيادية"، أو القطاع الخاص، أو مؤسسات المجتمع المدنى الناشطة فى المجال الإغاثى والتنموى، فى القيام بدورهم تجاه الشعب العراقى، وهو ما دفع البنك الدولى، لطلب المشاركة فى تنظيم المؤتمر، لتوفير الضمانات المطلوبة للقطاع الخاص، وتعزيز مفهوم وجود ضمانات للاستثمار فى العراق، فضلا عن اشتراك الإتحاد الأوروبى والأمم المتحدة.
ومنذ أن أعلنت الكويت عن تنظيمها للمؤتمر، سارعت الدول والمنظمات الاقليمية والعالمية، وكذلك المؤسسات الدولية فى إعلان رغبتها فى المشاركة، وكانت مصر كعادتها دائما باعتبارها الشقيقة الكبرى للدول العربية، أولى الدول التى أعلنت المشاركة، من أجل المساهمة فى تخفيف المعاناة عن الشعب العراقى الشقيق، كما كانت أولى الدول المهنئة للعراقيين بعد إعلانهم دحر تنظيم (داعش) الإرهابى فى بلاد الرافدين، بالإضافة الى اعلان عشرات الدول، ونحو 70 منظمة انسانية، منها 30 منظمة اقليمية ودولية، و25 منظمة عراقية، و15 منظمة كويتية، فضلا عن 2300 شخصية يمثلون 1850 شركة دولية متنوعة، المشاركة فى فعالياته.
ويستهدف المؤتمر بالأساس التركيز على بناء الإنسان، وتحقيق عناصر الاستقرار له، من خلال إعادة بناء البنى التحتية، وتوفير فرص العمل، وإنعاش اقتصاد العراق وفتح باب الإستثمار فيه، من خلال حشد الدعم الدولى مجددا لدعم خطط إعادة إعمار وتنمية العراق، وتعزيز التعاون بين الجهات المانحة الوطنية، ومؤسسات التنمية الدولية، وكذلك مستثمرى القطاع الخاص كجزء من هذه العملية.
ويعمل المؤتمر على حشد التمويل من مختلف المصادر، لمساعدة العراق لتلبية احتياجات إعادة الإعمار والتنمية فى فترة ما بعد (داعش)، وإعادة تأكيد الالتزام الوطنى والدولى نحو دعم جهود إعادة الإعمار والتنمية، خاصة للمناطق التى تم تحريرها من قبضة التنظيم الارهابى، بالإضافة الى تهيئة المسار لبرنامج مشترك بين الحكومة العراقية والمجتمع الدولي، من أجل توجيه جهود إعادة الإعمار والتنمية، والذى يدور حول وضع حلول جذرية لكافة من تأثروا بالنزاعات، ودعم بناء القدرات المحلية والوطنية، وتعزيز القدرة على الصمود ودعم منظومات الحماية الاجتماعية، فضلا عن التأكيد على التوازن بين الاستقرار، وخطط إعادة الاعمار من جهة، وبرنامج المصالحة الوطنية من جهة أخرى.
ويُعقد المؤتمر تحت رعاية أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، على مدى 3 أيام، حيث يدور اليوم الأول حول برنامج إعادة اعمار العراق، والمساعدات الدولية فى هذا الصدد، والعمل التنموى الذى تقوده منظمات المجتمع المدنى فى العراق، ويدور اليوم الثانى حول فرص القطاع الخاص المتاحة بالعراق والتداول بشأنها، فيما يشهد اليوم الثالث اجتماع وزراء الخارجية، لينتهى المؤتمر ببيان ختامى صادر عن منظميه والمشاركين فيه، بالإضافة إلى تجديد وتقديم دعم مالى جديد للعراق، مكونا من برامج المنح، والقروض التنموية، بالإضافة الى استثمارات القطاع الخاص.
ويأمل المواطن العراقى، الذى تحول فى السنوات الماضية الى ضحية للارهاب الأسود الذى قاده تنظيم (داعش) الارهابى فى بلاد الرافدين، فى أن يخرج المؤتمر بتوصيات وفرص استثمارية وتنموية، تمكنه من العودة الى منزله وعيش حياة كريمة مرة أخرى، وهو من المتوقع أن يتحقق، خاصة فى ظل الاستعدادات الكبيرة التى اتخذتها الكويت لضمان تحقيق أهداف المؤتمر، والحد من معاناة العراقيين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة