فى الأشهر الأخيرة، تردد كثيرا سؤال ما إذا كان العالم مقبل على حرب باردة جديدة فى ظل السباق الحامى بين روسيا والولايات المتحدة على النفوذ فى العديد من المناطق لاسيما فى الشرق الأوسط.
ريتشارد هاس، السياسى الأمريكى المخضرم، ورئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى، أحد أهم مراكز الأبحاث فى واشنطن، يرى أن هذه الحرب قد بدأت بالفعل. ويقول هاس فى تقرير له على موقع المجلس، إنه بعد ربع قرن من انتهاء الحرب الباردة أصبحنا نجد أنفسنا وبشكل غير متوقع فى الحرب الباردة الثانية.
لكنها مختلفة ومألوفة فى نفس الوقت. فلم تعد روسيا قوى عظمى، لكنها دولة يقطنها 145 مليون نسمة ولها اقتصاد معتمد على سعر لنفط والغاز، وبدون إيديولوجية سياسية تقدمها للعالم. وبرغم ذلك، تظل واحدة من دولتين نوويتين كبريين، ولديها مقعد دائم فى مجلس الأمن ومستعدة لاستخدام مواردها فى الطاقة والجيش والمجال الإلكترونى لدعم الأصدقاء وإضعاف الجيران والخصوم.
ويرى هاس، أن الوضع الحالى كان حتميا. فكان من المتوقع أن تبشر نهاية الحرب الباردة بعهد جديد من العلاقات الروسية الودية مع الولايات المتحدة وأوروبا. وكانت البداية بالفعل جيدة عندما تعاونت روسيا مع الولايات المتحدة فى وقف غزو صدام حسين للكويت، بدلا من الوقوف معه. لكن الأمر لم يستمر طويلا. وسيتناقش المؤرخون لعقود طويلة حول السبب وراء هذا. وسيلوم بعض المراقبين الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين ويشيرون إلى نقص الدعم الاقتصادى المستمر لروسيا التى كانت تعانى فى هذا الوقت، والناتو الذى كان يعامل روسيا كخصم محتمل.
"هاس" يرى أن الجانب الأكبر من مسئولية ظهور حرب باردة جديدة تقع على عاتق روسيا، ولاسيما رئيسها فلاديمير بوتين. ويقول إن بوتين، مثل العديد من سابقيه، رأى النظام العالمى الذى تهيمن عليه الولايات المتحدة تهديدا لحكمه وللمكانة التى تستحقها بلاده فى العالم.
وفى السنوات الأخيرة، استخدم "بوتين" قواته المسلحة فى ضم القرم، وظل يستخدم جيشه لتقويض استقرار شرق أوكرانيا وجورجيا وأجزاء من البلقان، إلى جانب نشر القوات الروسية فى سوريا. وذهبت روسيا إلى مدى أبعد بتدخلها فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.
وفيما يتعلق بالخطوات التى ينبغى على الولايات المتحدة أن تقوم بها لمواجهة ما تقوم به روسيا، أكد هاس أنه على الأمريكيين أن يعترفوا أن الدفاع وحده ليس كافيا. فالكونجرس محق فى المطالبة بفرض مزيد من العقوبات والرئيس دونالد ترامب مخطئ فى رفض تنفيذ ما أقره الكونجرس بالفعل.
وتحتاج الحكومة الأمريكية أيضا إلى انتقاد النظام الروسى الذى يلقى القبض على معارضيه ويغتال صحفيين كما تقول بعض التقارير. وعلى صعيد آخر، قال هاس إن التعاون الدبلوماسى أمر يتم السعى إليه عندما يكون ممكنا وعندما يكون فى مصلحة أمريكا، مشيرا إلى أن الكرملين ليس له مصلحة فى التصعيد العسكرى فى روسيا. كما أن دعم روسيا مطلوب لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية.
وخلص هاس فى النهاية إلى القول بأن الولايات المتحدة وشركائها يجب أن يعملوا من أجل المزيد من تقييد روسيا مع استمرار وجود بوتين فى الحكم، وحتى بعد رحيله لو استمر نهجه فى الحكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة