فى خطوات منظمة وبدقة عالية وسط خيوط وخلف نول خشبى ممتد لأكثر من 200 سم كخلية النحل، يعملن بتركيز عال يتحدين الوقت بمجهود وطاقة عالية بدون كلل بابتسامة تحد وبسعادة غامرة، تفاصيل مختلفة تعيشها البنت الصعيدية فى حرفة يدوية معروف أنها حرفة للرجال.
صناعة الكليم اليدوى المزخرف حرفة شاقة بدأت 50 فتاة بمحافظة قنا فى تعلمها منذ أشهر قليلة ليدخلن فى تحد جديد لإثبات أن الفتاة تستطيع تعلم أى مهنة واحترافها والإبداع فيها فعلى الرغم من صعوبة ومشقة الحرفة التى تحتاج إلى مجهود عضلى وسنين طويلة لتعلمها واحترافها إلا أن الفتاة الصعيدية أثبتت أن الإرادة تصنع المستحيل.
ففى قرية المعنا التابعة لمركز قنا أنشأت محافظة قنا بإشراف اللواء عبد الحميد الهجان محافظ قنا بمنحة مقدمة من مؤسسة "النداء" غير الهادفة للربح مصنعا لصناعة "الكليم المزخرف" وقامت بتدريب عدد من فتيات القرية لتعليمهن الحرفة.
على نول خشبى يتكون من مكوك ومشط خشبى وخيوط متراصة بشكل هندسى معقد تجلس ما بين 4 إلى 5 فتيات يعملن يدا بيد فى خطوات منظمة يصنعن غرزة غرزة بشكل منظم ليخرجن أشكال هندسية بألوان بارعة من "الكليم المزخرف".
الحاج عادل السيد محمد أحد كبار مشايخ المهنة والذى يعمل على تدريب وتعليم الفتيات بمصنع الكليم بمحافظة قنا يقول إن حرفة صناعة "الكليم المزخرف" من أكثر الحرف اليدوية مشقة، مؤكدا أنها مهنة يعمل بها الرجال لأنها تحتاج ليس لإبداع ومجهود عقلى وتركيز فقط، إلا أنها أيضا تحتاج إلى مجهود عضلى لتحريك أجزاء النول الثقيلة المختلفة بطريقة منظمة بالأيدى والأرجل وبحركة سريعة.
وأضاف السيد، لـ"اليوم السابع"، فى زيارة لأول مصنع لصناعة الكليم بمحافظة قنا أن صناعة "الكليم اليدوى المزخرف" مهنة شاقة تحتاج إلى الإبداع فى تصنيع أشكال هندسية ففى كل غرزة لابد وأن تكون متناسقة مع الغرزة والخطوة السابقة لها، لذلك تحتاج إلى تركيز الفتيات ليس فقط لعملها بل لخطوات المجموعة التى تعمل معها لأنه حالة الخطأ يتم تكرار الخطوات السابقة لها بالكامل، والبدء من جديد لافتا إلى أننا نعمل كمجموعات ويختار الفتيات صديقاتهن للعمل كفريق عمل واحد ليبدع ويخرج أفضل ما عنده.
وأشار السيد إلى أنه أتى من محافظة كفر الشيخ أكبر محافظة لصناعة "الكليم المزخرف" لتعليم وتدريب الفتيات بمحافظة قنا، لافتا إلى أنه فوجئ بتحدى وإصرار الفتيات بمحافظة قنا لتعلم المهنة والإبداع بها، مشيرا إلى أنهم فرحوا كثيرا بخروج أول منتج لهم وبدأوا فى التحدى لتعلم الكثير من الأشكال الهندسية والإبداعية لإنتاج مجموعة من الأشكال لتلقى رواجا سياحيا كبيرا.
وأوضح السيد أن المصنع يعمل على الأصواف والأقطان الطبيعية بألوانها الطبيعية دون اللجوء إلى الصبغة، ما يعطى المنتج جودة عالية سيكون له رواج سياحى كبير فى جميع المحافظات السياحية كشرم الشيخ والأقصر وأسوان، لافتا إلى أن هناك أحجاما ورسومات مختلفة .
وعن آراء الفتيات العاملات بالحرفة تقول صباح سيد حاصلة على دبلوم إن لديها 3 أطفال وتعلمت حرفة صناعة الكليم عشان ابنى لنفسى وأولادى كيانا منفردا، ويكون لى حياة خاصة، مضيفة زوجى لم يرفض العمل وطالبنى فقط بالتوفيق بين العمل والمنزل، وأكدت أنها مستمتعة بتعلم الحرفة والعمل مع صديقاتها واستطاعت الانتهاء من أول كليم لها فى مدة 3 أيام قائلة أمنيتى أن إنتاجنا يكبر ونكون منافسين لأكبر مصانع لإنتاج الكليم المزخرف.
ياسمين رجب حاصلة على معهد تجارى لديها طفلين أكدت أنها تعلمت الحرفة لتواجه بها الحياة، وتصنع لنفسها مهنة تبدع فيها وتساعدها على الحياة، مؤكدة أنها ليست حرفة صعبة، لكنها تحتاج إلى تركيز وإبداع.
بينما قالت إسراء عبد الهادى حاصلة على دبلوم تجارة إن الحرفة ليست صعبة ومن يتعلمها يشعر أنها هواية فنية، مؤكدة أن تفاهم "الأسطى " معنا وتعليمه لنا بهدوء جعلنا نتسابق ونتنافس فى الإبداع وإنتاج أشكال مختلفة.
وأكدت نجوى إبراهيم، دبلوم تجارة، ولديها طفلان أن الحرفة ليست صعبة لمن يحبها، وقالت والدى هو من قدم لى للعمل فيها، لافتة إلى أن "الأسطى" له دور كبير فى تسهيل التعليم والجميع هنا يعمل يدا واحدة لإنتاج أفضل ما لدينا من منتجات مصرية نتمنى أن تشتهر فى جميع أنحاء العالم قائلة "الحرفة على قد ما نتعب ونديها هى كمان هتدينا خير".
ومن جانبه قال اللواء عبد الحميد الهجان محافظ قنا، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن هناك خطة متكاملة لدعم كل المشروعات وكل الحرف اليدوية والتراثية بالمحافظة بناء على توجيهات القيادة السياسية للتمكين والدعم الاقتصادى لكل الأسر المستحقة بمحافظة قنا، وذلك بتعاون ودعم من المؤسسات الحكومية المعنية المختلفة ومنظمات المجتمع المدنى.
ومن جانبها أكدت الدكتورة هبة حندوسة نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة "النداء" أن المؤسسة تعمل بالتعاون مع وزارة التعاون الدولى والتضامن الاجتماعى وكل المؤسسات الحكومية المعنية التى لها دور كبير من أجل تحقيق التنمية المستدامة وتطبيق نموذج تنموى متكامل بصعيد مصر، لخلق فرص عمل جديدة مع إعطاء اﻷولوية للشباب والنساء الذين يمثلن أكثر من نصف المستفيدين من المشروع.
فيما أضاف الدكتور وليد بريقع المدير التنفيذى لمؤسسة "النداء" أن هناك خطة متكاملة بدأت بتدريب الفتيات بالاستعانة بمشايخ الحرفة من محافظات مصر المختلفة مع توفير كل أدوات التدريب والعمل لصناعة "الكليم المزخرف"، الذى يلقى رواجا سياحيا كبيرا، وذلك بهدف التمكين الاقتصادى للأسرة المصرية المستحقة بقرى ونجوع جنوب الصعيد.
وأشار بريقع إلى أن المشروع ليس فقط تعليم وتدريب الفتيات على حرفة صناعة "الكليم المزخرف"، إلا أنه تم توفير فرصة عمل لـ50 فتاة وعشرات الفرص الأخرى غير المباشرة، وتم إنشاء مصنع بالمحافظة تعود جميع أرباحه لمستفيدات من المشروع، بالإضافة إلى خطة كاملة لفتح أسواق للمنتجات بكل المحافظات السياحية بمصر وخطط للعمل على عرض وتصدير المنتجات بالخارج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة