دخلت عملية "غصن الزيتون" العسكرية التى تقودها تركيا مدعومة بفصائل مسلحة ضد المسلحين الأكراد فى عفرين شمال سوريا، شهرها الثانى دون تحقيق أى تقدم أو إنجاز على الأرض، فى ظل خلافات بين تركيا من جهة والولايات المتحدة وروسيا من جهة أخرى حول البطش التركى تجاه الأكراد.
العملية العسكرية التى أطلقتها تركيا بالتعاون مع فصائل ما يطلق عليها "الجيش الحر" بدأت 20 يناير الماضى لاستهداف القوى الكردية ولا سيما قوات سوريا الديمقراطية التى تصنفها تركيا فصيل إرهابى.
وفى إعلان رسمى عن فشل العملية العسكرية فى تحقيق أهدافها رغم مرور شهر على انطلاقها، أعلن الرئيس التركى رجب طيب، الثلاثاء، أن 32 جنديا تركيا قتلوا منذ بدء العملية العسكرية فى عفرين، شمال غربى سوريا، مشيرا لمقتل 60 آخرين من الجيش السورى الحر خلال العملية العسكرية التى يقودها الجيش التركى فى عفرين.
وكشف الرئيس التركى عن نية قوات الجيش التركى محاصرة عفرين خلال الأيام القليلة المقبلة، مضيفا "خلال الأيام المقبلة، وبشكل سريع، سنحاصر مركز مدينة عفرين".
وزعمت تقارير إعلامية مؤخرا أن قوات الجيش السورى ستدخل مدينة عفرين للدفاع عنها ضد الغزو التركى، فيما نفت وحدات حماية الشعب الكردية السورية، التوصل إلى اتفاق مع دمشق لدخول القوات الحكومية إلى منطقة عفرين للمساعدة فى صد هجوم تركى.
وقال المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية، نورى محمود، لـ"اليوم السابع": "لا وجود لأى اتفاق مع قوات الجيش السورى لكننا وجهنا دعوة بأن الجيش السورى يحمى الحدود المشتركة مع تركيا".
وأعلنت تركيا أنها ستواجه قوات الجيش السورى إذا دخلت عفرين، وبدأت تركيا حالة استنفار واضحة وتصعيد فى التصريحات، بعد إعلان دمشق إرسال قوات شعبية للدفاع عن مدينة عفرين وتعزيز صمود أهلها ضد الغزو التركى.
ويعتبر عدد من المراقبين العملية العسكرية التى أطلقها الجيش التركى شمال سوريا وتحديدا فى مدينة عفرين انتهاك لاتفاقات أستانة التى تستهدف خفض التصعيد فى الأراضى السورية وتحييد المدنيين عن الصراعات المسلحة التى تعصف بالبلاد منذ 7 سنوات.
بدوره قال وزير الخارجية التركى مولود تشاووش أوغلو، الثلاثاء، إن القوات السورية لم تدخل بعد منطقة عفرين التى يسيطر عليها المسلحون الأكراد شمالى البلاد.
وأكدت وسائل إعلام سورية سقوط عشرات القتلى والجرحى غالبيتهم من المدنيين بسبب العملية العسكرية التركية شمال البلاد، مشيرة لاستهداف المدن والقرى والأحياء السكنية بالمدفعية الثقيلة وتكثيف الطيران التركى لغاراته على مدينة عفرين ونواحى شرا وبلبلة وراجو والشيخ حديد وجنديرس وشيراوا بريفها.
وتأكيدا لفشل العملية العسكرية التركية، أكدت مصادر إعلامية سورية فرض الجيش التركى لسيطرته على نحو 150 كم من الحدود المشتركة مع سوريا، وتسعى القوات التركية بشكل مستميت لفرض سيطرتها على كامل الشريط الحدودى بين عفرين ولواء إسكندرون والجانب التركى.
وأكدت تقارير إعلامية سورية مقتل 112 مدنيا سوريا من الأكراد والعرب والأرمن، من قاطنى مدينة عفرين والنازحين إليها، من ضمنهم 23 طفلا و17 سيدة، وانتشلت القوات الكردية من تحت أنقاض الدمار الذى خلفه القصف المكثف على المنطقة عشرات الجرحى من المدنيين.
وتقع منطقة عفرين على ضفتى عفرين فى أقصى شمال غربى سوريا، وهى محاذية لمدينة اعزاز من جهة الشرق ولمدينة حلب التى تتبع لها من الناحية الإدارية من جهة الجنوب، وإلى الجنوب الغربى من البلدة تقع محافظة إدلب، وتحاذى الحدود التركية من جهة الغرب والشمال.
وعفرين منطقة جبلية تبلغ مساحتها نحو 3850 كم أى ما يعادل 2% من مساحة سوريا، ومنفصلة جغرافيا عن المناطق الأخرى التى يسيطر عليها الأكراد على طول الحدود مع تركيا، ووصل عدد سكان منطقة عفرين خلال الأشهر الأخيرة إلى أكثر من مليون شخص.
وتفصل منطقة عفرين بين مناطق سيطرة فصائل "درع الفرات" التى تدعمها تركيا فى جرابلس، الباب، واعزاز إلى الشرق من عفرين ومحافظة إدلب فى الغرب، وتعتبر الحكومة التركية السيطرة على عفرين أمرا فى غاية الأهمية كى يتحقق التواصل الجغرافى على جميع المناطق الحدودية الواقعة بين مدينة جرابلس غربى الفرات والبحر المتوسط، وبالتالى القضاء على أى إمكانية لتحقيق التواصل الجغرافى بين المناطق الكردية.
ويعتبر المقاتلون الأكراد عفرين إحدى المقاطعات الكردية الثلاث فى سوريا، والدفاع عنها ضد الغزو التركى مسألة وجودية لأنهم يعتبرون تلك المنطقة نواة إنطلاق للفيدرالية التى يطمحون فى اعتراف المجتمع الدولى بأحقيتهم فى إعلانها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة