بعد أن سكتت أصوات المدافع وبردت فوهات البنادق فى حلب السورية علت أصوات المطارق وضجيج آلات البناء التى تعمل على إعادة المدينة لسابق عهدها وترميم أحد أبرز معالمها الدينية والأثرية .. جامع حلب الكبير الذى يعود بناؤه إلى القرن الحادى عشر الميلادي.
وبصبر وشغف وزهو يعكف جيش صغير من المهندسين والعمال والحرفيين المهرة على العمل بدأب لترميم الجامع المعروف محليا بالجامع الأموى والذى طالته يد الحرب فى سوريا بالخراب، يدفعهم الأمل فى إعادة رونقه ليقف مرة أخرى شامخا فى المدينة الشهباء.
وفى صحن المسجد ينشغل كل بعمله، فهناك من يوثق الحجارة المتهاوية جراء التدمير والتى تم ترقيمها وتصويرها. وهناك من يضع الصخرة المناسبة فى المكان المناسب وفقا لما كان مرسوما عبر التاريخ. وهناك من يقطع الألواح الخشبية إلى قطع صغيرة تمهيدا لدمجها فى إطار الأبواب الداخلية والبالغ عددها 12 بابا.
وكل هؤلاء يعملون وفق مخططات تم تنظيمها فى مكاتب مستحدثة على مدخل الجامع الذى استضاف رافعة عملاقة من دمشق جاءت خصيصا لهذا الغرض كون معظم معدات وآليات المدينة تم نهبها إبان الحرب التى عصفت بالمدينة منذ عام 2012.
وتوقفت الحرب فى حلب عام 2016 بعد أن نجح الجيش السوري، بمساندة من طائرات حربية روسية ومقاتلين شيعة مدعومين من إيران، فى الاستيلاء على المنطقة التى كانت تخضع لسيطرة مقاتلى المعارضة بعد أشهر من الحصار والقصف.
وقال معماريون إن حجم الدمار يعادل ثلث المسجد تقريبا وأصاب بشكل رئيسى كلا من المنارة والمئذنة وما حولهما إذ أن الأضرار لحقت بالأعمدة والركن وكل ما هو متصل بالأسواق.
وتلقت السلطات السورية مساعدة مالية من حكومة الشيشان لإعادة إعمار المسجد.
وذكرت دراسة أولية أن عملية إعادة الإعمار سوف تتكلف سبعة مليارات ليرة سورية (نحو 13.6 مليون دولار).
وقال مهندس الديكور والأستاذ فى كلية الهندسة المعمارية فى حلب صخر علبى "يعنى دخلنا وحطينا تصور أولى كان التكلفة تم وضعها بشكل، تغير سعر الليرة وإلى آخره، على ضوء التكلفة اللى كانت بالمرة الماضية هى بحدود من خمسة إلى سبعة مليار ليرة سورى يعني".
وفى تصور المهندسين فإن المرحلة الزمنية لإنجاز عملية الترميم هى ثلاث سنوات تقريبا لأن العمل الفنى داخل وخارج المسجد سيكون متلازما مع العمل على إعادة إصلاح البنى التحتية ومتناغما ومتشعبا معها لا سيما فى الأسواق القديمة.
ويجد المهندسون المعماريون والنحاتون صعوبة فى العثور على المقالع التى تتطابق حجارتها مع حجارة الجامع الأموى الكبير إذ يضطرون إلى استيرادها من خارج حلب مما يبطئ وتيرة الإنجاز.
وقال صخر علبى: "فيه جدران رح نعيفهم (نتركها) للزمن شاهد على الزمن مثلا خفيفات أو اكستريم، فيه جدار ممكن مثلا أكسيه بخشب حاليا، أكسيه كساء خشب، وبعد ٥٠ سنة بييجوا ناس مثلا بيفتحوا الخشب وبيشوفوا شو آثار الدمار اللى صار".
وقال صاحب ورشة نجارة خشب يعمل فى المسجد ويدعى أحمد خطاب "فيه عندنا التخشيبة الداخلية(القاعدة) يعنى بدها تكون سميكة. وفيه القضبان على وجه التخشيبة. التخشيبة خشب سنديان والقضبان خشب الجوز وخشب السنديان. خشب الجوز يعطى اللون الغامق والسنديان الكاشف (الفاتح)".
ويجرى العمل اليومى على أساس الكتب التاريخية التى تحتوى على الصور الأصلية حيث يقوم المهندسون بمهمة مقارنة الحجر بالحجر على جهاز الكمبيوتر فى عملية بحث دقيقة للوصول إلى الأصل وإتقان التنفيذ.
ويعتبر الجامع الأموى الكبير فى حلب أحد أقدم المساجد فى المدينة السورية. ويقع فى حى الجلوم فى المدينة القديمة من حلب التى أدرجت على قائمة مواقع التراث العالمى عام 1986.
ويشبه الجامع إلى حد كبير فى مخططه وطرازه الجامع الأموى الكبير بدمشق وقد تم تشييد المسجد فى القرن الثامن الميلادى ودمرت أجزاء كبيرة منه فى أبريل نيسان من عام 2013 نتيجة الحرب السورية.
الدمار فى المسجد الأموى
العمل فى الجامع الأموى
سور الجامع الأموى
ساحة المسجد الأموى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة