- 100 مليار دولار ميزانية إعادة الإعمار وننتظر دور مصر فى المصالحة المجتمعية والاستثمار
- الحرب على الفساد أشد خطورة من الإرهاب.. ونتطلع لطفرة تكنولوجية فى بلادنا
قال الدكتور مصطفى الهيتى، رئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة فى العراق: إن بغداد تحتاج الخبرات الكبيرة للشركات المصرية، مشددا على ضرورة أن تكون مصر شريكاً فى إعادة إعمار العراق وبناء اللحمة المجتمعية. وأكد «الهيتى» فى حوار خاص لـ«اليوم السابع»، أنه لم يتم تحديد عدد الشركات المصرية التى ستشارك فى إعادة إعمار العراق، موضحا أن الشركات المصرية مدعوة بشكل كبير، لأن مصر والمصريين لهم مكانة كبيرة لدى الشعب العراقى، معربا عن أمله أن يكون للدولة المصرية دور فى المصالحة المجتمعية والاستثمار وليس فقط فى إعادة الإعمار. كما تحدث الهيتى عن خطط إعادة إعمار العراق التى سيتم طرحها خلال المؤتمر الدولى لإعادة إعمار العراق فى الكويت الذى يبدأ فعالياته اليوم الاثنين ولمدة 3 أيام.
وفيما يلى نص الحوار..
كيف بدأت فكرة إنشاء صندوق لإعادة الإعمار فى العراق؟
- جاءت فكرة إنشاء الصندوق عام 2015 بسبب الحاجة إلى إدارة أو تركيبة حكومية غير مرتبطة بالطريقة التقليدية لإعادة إعمار المناطق المتضررة جراء العمليات العسكرية، وذلك بعد قيام تنظيم داعش الإرهابى بتدمير الكثير من المناطق، وخلال هذه الفترة تم تحرير محافظتى صلاح الدين، وديالى، وكانت الحاجة ماسة لوجود تكوين يسعى مباشرة لإعادة إعمار هذه المناطق بعيدا عن الطرق الروتينية، وجمع التبرعات، ودعمت الحكومة المركزية فى بغداد هذا الصندوق، وهو ما شملته موازنة الحكومة العراقية عام 2015، وتمت تهيئة الأمور لإدارة الصندوق للموارد المخصصة لإعادة إعمار المناطق المتضررة.
ويعتبر المؤتمر الدولى لإعادة إعمار العراق فى الكويت امتدادا لمؤتمر مدريد، حيث كانت هناك التزامات دولية بمبلغ 36 مليار دولار لإنعاش العراق، 26 مليار منها على شكل منح و10 مليارات على شكل قروض ميسرة لم يستلم منها بغداد سوى مبالغ بسيطة، والطريق السليم لضمان صرف المبالغ فى مكانها الصحيح وزرع الثقة بين العراق والدول المانحة، يتمثل فى إجراء مسح للمناطق المتضررة من قبل المكتب الاستشارى العالمى، لتحديد قيمة الأضرار وإدارة الأموال بطريقة صحيحة، حيث يتم صرف المبالغ مقابل نسبة الإنجاز، وهى ذات الطريقة المعول بها مع قروض البنك الدولى والقرض اليابانى والمنحة الكويتية.
كم تبلغ تكلفة إعمار المناطق المتضررة من الحرب على تنظيم داعش؟
- عندما تسلمنا صندوق الإعمار بدأت عمليات تحرير المحافظات العراقية تتوالى وأبرزها تحرير محافظة الأنبار التى تم تحرير جزؤها الشرقى، وتمثل ثلث مساحة العراق، ولا سيما مدينتى الرمادى والفلوجة وشمال بابل، وهو ما حتم علينا القيام بتقييم فعلى وأساسى للأضرار من قبل شركاء العراق، وكانت المعلومات المتوافرة من الجانب العراقى لا ترقى إلى اعتمادها كقاعدة بيانات لتقييم الأضرار، وكانت هذه بادرة أولى لتخصيص قاعدة معلومات يمكن الاستناد عليها فى إعادة الإعمار لتوفير السيولة اللازمة.
ونظمنا لقاءات مع الجانب الكويتى وتحديدا «الصندوق الكويتى للتنمية» وتم الاتفاق على تخصيص جزء من المنحة الكويتية التى تقدر بـ100 مليون دولار للجانب الصحى، وطلبنا أن يخصص جزء من المنحة لإعداد دراسة وتقييم الخسائر والأضرار التى حدثت للعراق حتى نقدم تلك الدراسة فى مؤتمر الكويت، كى يكون هناك ثقة كبيرة فى المشاريع التى نقدمها للمؤتمر، وتم الاتفاق على أن يكون هناك مكتب استشارى دولى لإعداد الدراسة ليكون هناك مصداقية، وطلب البنك الدولى المساعدة فى الموضوع وتبنى الدراسة، والاتفاق معه بالتعاون مع إدارة التخطيط العراقية لإعداد الدراسة تحت إشراف دولى، وتم تحديد مبلغ يقدر بـ100 مليار دولار لإعادة إعمار العراق.
ما أبرز القطاعات التى تم تدميرها فى العراق خلال الحرب على داعش التى سيتم تركيز عمليات الإعمار بها؟
- تم تدمير عدة قطاعات فى العراق أولها القطاع الإنشائى والثانى القطاع الإنتاجى «الزراعى والصناعى»، وقطاعات الصحة والتعليم والصناعات النفطية، وبلغت هذه الخسائر وفقا للتسلسل والوحدات السكنية 138 ألف وحدة سكنية، تم تدمير %50 منها بأضرار جزئية، أما الوحدات السكينة فى نينوى والأنبار، فهى الأكثر تضررا، لأنها شبه مدمرة، و%68 من المساكن فيها تضررت.
ما الفرص المتاحة للشركات المصرية للمشاركة فى إعادة الإعمار؟
- كان لى لقاء مع الوفد المصرى الأخير الذى زار العراق مؤخرا برئاسة المهندس إبراهيم محلب، مستشار الرئيس السيسى للمشروعات القومية والاستراتيجية، وذلك عقب زيارته لمدينة الموصل، حيث شاهد حجم الكارثة والدمار الذى وقع فى المدينة، وبالتأكيد الشركات المصرية مدعوة بشكل كبير لأن مصر بشكل عام والمصريين مقبولين ولهم مكانة كبيرة لدى الشعب العراقى، فمصر أم الدنيا ونحن نتمنى أن يكون لها دور فى المصالحة المجتمعية والاستثمار وليس فقط فى إعادة الإعمار.
هل يمكن تحقيق المصالحة المجتمعية فى العراق بعد فشل مؤتمر الجامعة العربية عام 2005؟
- لابد أن يكون لمصر دور مهم فى عملية إعادة بناء الإنسان واللحمة الاجتماعية بين المواطنين العراقيين، لأن عملية الإعمار لا تتوقف فقط عند الجدران، لكن بناء الإنسان هو الأهم، نعم كانت هناك محاولات لتحقيق المصالحة الوطنية برعاية الجامعة العربية عام 2005 خلال حكومة إبراهيم الجعفرى وفشل المؤتمر، وهنا أؤكد أنه عندما ننجح فى بناء اللحمة المجتمعية التى تعد البعد الأهم سننجح بشكل كبير فى البعد الثانى وهو إعادة الإعمار العراق وبناء الجدران، ومن ثم إدارة العجلة الاقتصادية فى هذه المناطق بالاستثمار، ومصر دولة عربية رائدة وسيكون لها دور كبير فى العراق.
وهل تم الاتفاق مع أى شركات مصرية للمشاركة فى إعادة الإعمار بالعراق؟
- الحقيقة أن مصر لها تجربة قديمة جدا فى الإعمار تعود لعام 1956 عندما دمرت السويس فى العدوان الثلاثى على مصر، ولها خبرة فى الإعمار بشكل كبير، وهو ما يدفعنا للمطالبة بمشاركة الشركات المصرية فى إعادة الإعمار وأن يكون لها دور كبير، وعندما التقينا بمجموعة الشركات المصرية كان لنا حديث مع الشركات المصرية فى بغداد، ودار حديث فى إطار أن تأخذ مصر دورا كبيرا فى عملية إعادة الإعمار، ومصر أكبر من أن تكون متعهد أو شركة مقاولات لبناء العراق، ويجب على مصر أن تدخل كشريك فى إعادة إعمار العراق وبناء اللحمة المجتمعية وإدارة عجلة الاقتصاد.
ومن الضرورى أن يكون لمصر دور أكبر فى حياة العراقيين، ونتطلع أن تعمل مصر على إعادة تأهيل الإنسان فى التعليم والصحة، فنحن بحاجة للقدرات والإمكانيات التى تمتلكها العقلية المصرية، وأتمنى أن يتم الاتفاق بين القاهرة وبغداد فى مذكرة تفاهم للعمل فى هذا الاتجاه.
وحتى الآن لم يتم تحديد عدد الشركات المصرية التى ستشارك فى إعادة الإعمار، ونحن بحاجة لرؤية استراتيجية بعيدة المدى لبحث تعزيز التعاون فى هذا المجال، وكيفية الحصول على التمويل الكافى، وبحاجة لاستشاريين من مصر لإعادة الإعمار بأفكار المصريين.
وكم عدد الدول المشاركة فى مؤتمر إعادة الإعمار المنعقد حاليا بالكويت؟ وكيف يكون الدعم المقدم للعراق من خلاله؟
- مؤتمر إعادة إعمار العراق فى الكويت سيمتد لثلاثة أيام تبدأ من اليوم الاثنين، وتم تحديد اليوم الأول للحديث عن إعادة الإعمار ورأى الحكومة العراقية فى هذا الجانب، ودور منظمات المجتمع المدنى فى عملية إعادة الاستقرار والتلاحم المجتمعى بين المواطنين العراقيين، أما اليوم الثانى الذى اعتبره العمود الفقرى للمؤتمر، وهو الاستثمار فى العراق وفتح الفرص التنموية، وكيفية حماية المستثمر وما هى الفرص الاستثمارية فى الدولة العراقية، وهناك 180 مشروعا للاستثمار فى مشروعات صغيرة ومتوسطة فى محافظات العراق المتضررة، أما اليوم الأخير فسيكون مخصصا لكلمات لأمير الكويت ورئيس وزراء العراق والأمين العام للأمم المتحدة والبنك الدولى وعدد من الشخصيات المهمة لأمانة مجلس الوزراء العراقى وصندوق إعادة إعمار العراق.
ونحن نعول كثيرا على الاستثمار رغم الفجوة بين العراق والعالم نتيجة الحصار الذى تعرض له العراق والحرب التى وقعت عام 2003 وأيضا نتيجة إدارة بعض الحكومات المتعاقبة، فهناك فجوة حضارية كبيرة ونحن بحاجة لنقلة تكنولوجية، وسيوفر الاستثمار فرص عمل فى العراق لعلاج مشكلة البطالة التى تضرب البلاد لعدم وجود موارد، إضافة لانخفاض أسعار النفط، لذا نحتاج ردم هذه الفجوة وتعويض ذلك بالتكنولوجيا كى يعود العراق لممارسة دوره.
ومؤتمر إعادة إعمار العراق الذى تحتضنه الكويت يأتى فى وقت يشعر فيه العراقيون ببصيص أمل، بعد نجاح الحكومة العراقية برئاسة الدكتور حيدر العبادى فى القضاء على آخر معاقل داعش فى مدينة الموصل ودحر التنظيم الإرهابى فى محافظات العراق، والأوضاع مستقرة بشكل كبير جدا والمناخ بات مواتيا للاستثمار ونعول كثيرا على هذا المؤتمر.
ومتى تبدأ عملية إعادة الإعمار فعليا على الأرض فى العراق؟ وهل هناك جدول زمنى تم وضعه؟
- عملية إعادة الإعمار فى العراق بدأت فعليا عبر قيام صندوق إعادة الإعمار بعدة مشاريع عام 2016، داخل عدد من المدن العراقية، ويصل عدد هذه المشروعات إلى 152 مشروعا على الأرض، وهى مشروعات صغيرة ومتوسطة، وتم توفير الأموال لها من موازنة الحكومة، أما فى عام 2017، فتمت إقامة 200 مشروع كبير من سدود ومدارس وطرق وإعادة تأهيل مراكز الشركة وبناء جسور، وقد باشرنا 135 مشروعا لبناء مدارس ومد شبكات رى وشبكات كهرباء وتجهيز كثير من المواد التى تحتاجها المشاريع.
وصندوق إعادة الإعمار متواجد على الأرض ولدينا مشروع مهم جدا وهو سدة الرمادى لتنظيم مستوى الماء فى العراق لتأهيل وتشغيل عشر بوابات تابعة للسدة، بهدف تأمين الحصص المائية والحصول على التوزيع العادل للمياه، ويتعاون صندوق إعادة الإعمار مع وزارة الموارد المائية فى العراق لتوفير الحصة العادلة للمواطنين من المياه، وهذه المشاريع العملاقة تحتاج لتعاون كبير فى هذا المجال، والآن يتم بناء مستشفيات والصندوق يحتاج لأموال كثيرة، كما أن الاستثمار سيخفف عنا كثيرا فى إعادة الإعمار.
وماذا عن الفساد فى العراق.. هل سيتم تسريع وتيرة الحرب على الفساد تزامنا مع مؤتمر الكويت، لا سيما أن الدولة المانحة اشترطت وجود محاسبية مالية ورقابية على الأموال التى سيتم تقديمها؟
- حقيقة الحرب على الفساد أشد خطورة من الحرب على الإرهاب، لأن الرؤوس الكبيرة ستقاوم بشكل كبير، والحكومة العراقية لديها عدة تحديات، حيث انتهت مؤخرا من تطهير منطقة غرب الأنبار آخر معاقل الإرهاب، إضافة للأزمة الكردية، وتستعد البلاد الآن للانتخابات التشريعية المقبلة، وأعتقد أن الحكومة العراقية ستعتمد على الشعب العراقى فى حربها على الفساد لمحاكمة الفاسدين ونحن نستطيع محاربة الفساد فى بلادنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة