مراجعة شاملة تجريها دوائر بريطانيا القضائية وهيئاتها الرقابية لاستثمارات قطر التى تسللت إلى عاصمة المال والأعمال، لندن على مدار عقود مضت، فى خطة دشنتها الإمارة الراعية للإرهاب للتسلل إلى مفاصل الاقتصاد البريطانى للتأثير على دوائر صنع القرار داخل المملكة المتحدة بما يتناسب مع الرؤى والمواقف القطرية.
التحرك البريطانى الجديد جاء بعدما توالت فضائح الفساد القطرى داخل لندن، الذى بدأ بقضية بنك باركليز، والتى تورط فيها مسئولون سابقون فى البنك الشهير مع رئيس وزراء قطر الأسبق حمد بن جاسم، بعدما سمحوا بدخوله ضمن حملة الأسهم بالمخالفة للقوانين المتعارف عليها والتى تنظم عمل سوق المال والبنوك داخل بريطانيا.
أمير قطر تميم بن حمد
وفى الوقت الذى لا يزال فيه القضاء البريطانى ينظر قضية "بن جاسم ـ باركليز"، طفى على السطح ملف جديد لفساد الإمارة الراعية للإرهاب داخل بريطانيا، وذلك بعدما أشهرت شركة "كاريليون" للإنشاءات إفلاسها، لتكشف وسائل إعلام بريطانية بعد هذا القرار أن ديناً قطريا يقدر بقرابة ربع مليار إسترلينى وراء تلك الأزمة.
التسريبات الصحفية التى نشرتها صحف من بينها الجارديان والإندبندنت بشأن الدين القطرى المستحق لدى عملاق الإشاءات والبناء البريطانى "كاريليون"، أكدها مسئولو الشركة نهاية الأسبوع الماضى خلال جلسة استماع شهدها مجلس العموم البريطانى، حيث كشف مدراء الشركة فى كلمة أمام مجلس العموم البريطانى، أن مماطلة الدوحة فى سداد تلك الديون وراء تفاقم الأزمات التى واجهتها الشركة، بحسب ما نشرته صحف خليجية من بينها "عكاظ".
مجلس العموم البريطانى
وقدم سبع مدراء سابقون للمجلس البريطانى أدلة تؤكد أن قطر أحد أسباب تصفية عملاق الإنشاءات "كاريليون"، وكشف مسئولو الشركة أن المديونية تكدست على قطر بسبب مشروع مدينة "مشيرب" غير المكتملة فى الدوحة، الذى تبلغ قيمته 5.5 مليار جنيه إسترلينى، موضحين أن المشروع السبب الأول فى انهيار "كاريليون"، وتصفية أصولها، وتكبدها أكثر من مليار جنيه إسترلينى من الديون.
وقال الرئيس التنفيذى السابق ريتشارد هوسون، إن الشركة لها أكثر من 200 مليون جنيه استرلينى مستحقة على قطر نظير إنشاءات خاصة بكأس العالم 2022، لم تُدفع لمدة 18 شهرا، وتابع المدير التنفيذى حديثه: "زرت قطر 10 مرات خلال عام واحد، لمحاولة تحصيل مستحقات الشركة، وبنود العقد حالت دون انسحابنا من المشروع".
الإفلاس المفاجئ للشركة البريطانية فتح ملف الاستثمارات القطرية داخل لندن
وبحسب تقارير إعلامية، حاولت مؤسسة قطر للاستثمارات الرياضية المماطلة وإلقاء اللوم على الشركة بقولها إن كاريليون التى ربحت عطاء البناء التحضيرى لكأس العالم فى 2011، تدين لها بسبب عدم قدرة الشركة على إتمام الأعمال فى موعدها، واضطرت الشركة العملاقة إلى الخضوع لتصفية إجبارية بعد تأخيرات باهظة التكلفة فى العقود وتراجع فى الأنشطة الجديدة وأعلنت فى يوليو الماضى عن فجوة فى ميزانيتها تقدر بنحو 850 مليون جنيه إسترلينى، من بينها 314 مليونا منسوبة لمشروعاتها في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، مشيرة إلى أن انخفاض أسعار البترول ألقى بظلاله على معدلات الإنفاق على مشروعات البناء وغيرها فى دول الخليج، مشيرة إلى أن كاريليون حاولت إقناع المطورين لدفع المديونيات التى قالت إنها مستحقة.
وقبل أقل من شهر، كشفت صحيفة جارديان البريطانية إن نحو 43 ألف وظيفة حول العالم للشركة أصبحت مهددة بسبب انهيارها، مشيرة إلى أن "كاريليون" كانت تشارك بشكل كبير فى مشروع السكك الحديدية (HS2) كجزء من عقد قيمته 6.6 مليار جنيه إسترلينى.
حمد بن جاسم وفضيحة باركليز .. أحد أشهر ملفات فساد قطر داخل بريطانيا
ووفق خبراء فى مجال العقارات والإنشاءات فإن انهيار "كاريليون" ضرب الآلاف من موردى الشركة والشركات والمقاولين الذين كانوا يتعاملون معها، ما دفع هؤلاء بدورهم أيضاً إلى تسريح جزء من العمالة الخاصة بهم.. فيما رجح خبراء اقتصاديون، أن تخسر بنوك بريطانية أكثر من 2.7 مليار دولار، من جراء إعلان مجموعة "كاريليون" للمقاولات إفلاسها، وعجزها عن تسديد ما بذمتها من ديون، بحسب موقع "سكاى نيوز".
وتجرى هيئات الرقابة المالية وجهات قضائية عدة سلسلة مراجعات للاستثمارات القطرية داخل لندن للتأكد من عدم وجود أى شبهات فساد، ومن المقرر أن يصدر القضاء البريطانى حكماً نهائياً فى قضية فساد بنك باركليز المتورط فيها حمد بن جاسم ، فى يناير 2019 بعد بدء نظر القضية قبل أكثر من عام كامل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة