أحمد صالح أحمد يكتب: فرنسا والسبت الأسود

الأحد، 09 ديسمبر 2018 02:00 م
أحمد صالح أحمد يكتب: فرنسا والسبت الأسود احتجاجات فرنسا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان على الرئيس الفرنسى تجنب  مواجهة الأسد بدلا من استفزازه ثم العودة للوراء لأن التراجع  بعد ذلك لن يحميه،  فالفقراء والعاطلون  قوة كبيرة كامنة لا تتحرك بسهولة لكن لا يمكن تقدير خطواتها   عند الغضب  ولا يُجدى معها تدابير، فليس لديها ما تخشى عليه، أما التوزيع العادل  للثروة والتوازن بين الطبقات الاجتماعية فهما أعظم قوات على وجه الأرض لمكافحة الشغب ومنع التمرد والعصيان والضامن الأكبر لاستقرار الدول.

عجزت الشرطة الفرنسية خلال الاسابيع الماضية عن السيطرة على الأوضاع بالعاصمة  باريس وبعض مناطق الاحتجاج لأصحاب السترات الصفراء، فلم تمنعهم القنابل المسيلة للدموع والهراوات من التظاهر رفضاً لقرار حكومى صادر برفع الضرائب على الوقود وتدنى القوة الشرائية وسوء أحوالهم المعيشية ورفضاً لإصلاحات اقتصادية يروها تنحاز للأغنياء على حساب الفقراء، ورغم عفوية هذه المظاهرات  ودون قيادة منظمة موحدة للتحدث عنها فقد انضم لها الكثيرون فى الفترة الأخيرة، مثل العاملين بالنقل البرى والمزارعين والطلاب بمرحلتى الثانوية والجامعية وغيرهم ممن جمعتهم قسوة هذه الإصلاحات الاقتصادية التى لم تراع ضعف دخولهم.

ورغم تراجع الحكومة الفرنسية  وتجميد قرار رفع الضرائب على الوقود ثم إلغائه نهائيا، إلا أن المُحتجين لم يتوقفوا عن دعوات التظاهر والتهديد  بمزيد من التصعيد وقد ارتفع سقف مطالبهم بضرورة رحيل  الرئيس ماكرون الذى علقوا عليه آمالهم يوما من الأيام، واعتبروه اختيار الشباب والموجة الجديدة من التوجه للمستقبل لكنهم اكتشفوا انه لا يمثلهم! كما يطالبون بحل مجلس النواب وخفض الضرائب ورفع اجورهم تحقيقاً لحياة كريمة يتمنوها .

ومع توقعات كبيرة فى  آخر كل أسبوع  وتحديدا يوم السبت بخروج الأمور عن السيطرة،  قام الأمن الفرنسى باستعدادات كبيرة تحسبا لسبت  (أسود)  جديد، وتم نشر 89 ألف شُرطى وعشرات المراكب المدرعة واتخذت تدابير عديدة مثل طلبها إغلاق المحلات التجارية بمحيط  شارع الشانزليزيه  الشهير (الذى يتوجه إليه المتظاهرون أسبوعياً)، كذلك سيتم غلق برج ايفل وعدد من المناطق السياحية، فهل تكفى هذه الإجراءات لمواجهة الأعداد الكبيرة جدا  المتوقعة  من أصحاب السترات الصفراء والمتضامنين معهم؟، كثيرون لا يثقون فى ذلك فاختبار القوة بالفترة الماضية كان فى صالح المحتجين أكثر من حكومتهم .

أعتقد أن مؤسسات الدولة الفرنسية قد أساءت التقدير للأزمة وقد تأثرت شعبية الرئيس الذى كان  خصوصا بعد أول تصريحاته بأنه لن يُغير سياساته عند بداية هذه التظاهرات ولم يكن يعلم مدى إمكانية اتساعها بهذا الشكل، تنازلت الحكومة الفرنسية وانحنى الجميع حتى تهدأ العاصفة ولم يتنازل المتظاهرون بل ازدادت ثقتهم بأنفسهم بهذا التراجع، فالقرارات التى استنفرت قواهم لم يتم دراستها مسبقاً والقرارات التى تلتها لم تكف  وقد بدت وكأنها تُشبه وصول الطبيب بعد وفاة المريض.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة