ماكينة الشائعات تستهدف إثارة الرعب داخل المجتمع بعد نجاح الإصلاح الاقتصادى وفشل مخططات الإرهاب
قائمة الأخطر تضم 53 شائعة.. أبرزها غلاء الوقود ونقص السلع وبيع الجنسية والأهرامات
نصيب قطاع الصحة %13 من الشائعات.. و%10 حول الوقود و%10 للمواصلات و%5 للتضامن الاجتماعى
مركز معلومات الوزراء يلعب دوراً كبيراً فى التصدى للشائعات من خلال توضيح الحقائق أمام المواطنين أولاً بأول
الأكاذيب تحاصر المشروعات القومية الكبرى بهدف تشويهها وإيقاف مسيرة التنمية
قبل شهور وقف الرئيس عبدالفتاح السيسى متحدثا فى حفل تخرج إحدى دفعات الكليات العسكرية، عن معركة من نوع جديد تخوضها الدولة المصرية، مفجرا مفاجأة حول استهداف مؤسسات الدولة بأكثر من 21 ألف شائعة فى آخر ثلاثة أشهر، ورغم ضخامة الرقم وما أثاره من جدل وقتها، فإن معارك ميليشيات وعصابات «الكلام الفارغ» واصلت التطور والاشتداد، حتى وصل العدد إلى 70 ألف شائعة طوال العام 2018.
النظر فى الأرقام والمؤشرات الاقتصادية والتنفيذية المتحققة فى السنوات الأربع الأخيرة، يؤكد أن الدولة أنجزت عددا من النجاحات الكبرى، وحققت طفرات واضحة بين 2014 و2018، سواء على صعيد الملفات الأمنية واستعادة الاستقرار والحرب على الإرهاب فى سيناء وربوع مصر، أو فيما يخص جهود البناء وإصلاح هيكل الاقتصاد وضبط معدلات النمو والتضخم وزيادة الاحتياطى النقدى، أو فى باقة المشروعات القومية الكبرى التى يجرى تنفيذها بغرض وضع أسس التنمية المستدامة، وتعظيم موارد الدولة لسدّ الفجوات القائمة بين الإيرادات والمصروفات، وضبط ميزانى المدفوعات والعجز التجارى، ولكن بقدر هذه النجاحات تتنامى المعوقات وخطط الاستهداف، وتنشط العصابات والجماعات وبعض المنصات الإعلامية التابعة لحفنة من الدول، بغرض تقويض هذه الجهود وحصارها، وتغذية حالة سوء الفهم واهتزاز الثقة بين الدولة والمواطنين، وإشاعة مناخ تشاؤمى يخصم من رصيد الإنجازات المتحققة.
وفق هذا التصور لا يمكن النظر إلى فيضان الشائعات المترددة بكثافة إلا باعتباره سلاحا جديدا فى معركة استهداف الدولة المصرية، وعلى الجانب الآخر تُعزز الحكومة جهودها المتواصلة بغرض رصد هذه الأكاذيب والاختلاقات، والرد عليها وتعريتها، وإعلان حقيقة الصورة للرأى العام مدعومة بالحقائق والأرقام، وهو ما يتجلى بوضوح فى جهود مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء وتقاريره الدورية لرصد الشائعات والرد عليها، وبيانات الوزارات والهيئات الحكومية، وتقارير مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتطرفة التابع لدار الإفتاء المصرية. والتى أثمرت عشرات البيانات والتصريحات والإيضاحات، وأكثر من 155 تقريرا وافيا بالتفاصيل والمعلومات المدعومة بالشواهد والأرقام، بشكل ساهم فى حصار أغلب هذه الشائعات وتحجيم الآثار السلبية المتوقعة لها، أو التى استهدفها مطلقوها ومروجوها من ميليشيات الشائعات وعصابات «الكلام الفارغ».
فى تقرير وافٍ اطلعت عليه «اليوم السابع»، رصد المركز الإعلامى لمجلس الوزراء خريطة الشائعات المتداولة خلال العام 2018، وحيز نشاطها ومجال استهدافها، وبحسب الدراسة الإحصائية التى تضمنها التقرير فإن هناك قطاعات معينة تستهدفها الشائعات بمعدلات أكبر ووتيرة أسرع من غيرها، فى مقدمتها قطاع التعليم الذى حل فى المركز الأول بنسبة %20، يليه قطاع التموين بـ%19، ثم الاقتصاد بـ%15، والصحة بـ%13، والطاقة والوقود بـ%10، النقل والمواصلات %10، والأمن %8 والتضامن الاجتماعى %5، من إجمالى 70 ألف شائعة فى المتوسط استهدفت مصر على مدى العام، وفى هذا الملف الخاص نرصد خريطة أبرز الشائعات وأخطرها، وردود الجهات المعنية من الوزارات والمؤسسات الحكومية، وأبرز ملامح نشاط مرصد الفتاوى التكفيرية فى إحباط هذه الجهود المتواصلة لتقويض الدولة وحصارها.
مركز المعلومات يقاوم ماكينات الشائعات
التقرير الإحصائى الذى أعده مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بشأن الشائعات المتداولة والرائجة خلال العام 2018، ليس كل ما فعله المركز فى هذا الإطار، رغم أنه لم يُنشأ فى الأساس لهذا الغرض، وإنما كان يتولى إمداد الحكومة وأجهزتها بالمعلومات والأخبار المتداولة فى الإعلام، على أن تتولى الوزارات وهيئاتها التابعة التعامل معها، والرد على ما يستحق الرد منها، لكن خلال السنوات الأخيرة أصبح المركز يلعب دورا مهما على جبهة المعركة، خاصة بعد أن أصبحت الشائعات معركة حقيقة وممنهجة تستهدف تقويض مؤسسات الدولة وحصارها.
ظل مركز المعلومات فى سنواته الأولى محافظا على دوره الذى أُنشئ من أجله، والمتمثل فى الرصد والمتابعة وتجميع المعلومات وإعداد الدراسات والإحصاءات والبيانات الكمية والكيفية، لكن هذا الدور تطور بدءا من العام 2014. مع تنامى حالة العداء الداخلية والخارجية لثورة 30 يونيو ومؤسسات الدولة والوجوه السياسية والتنفيذية الطالعة من رحم هذه الثورة. إذ صدر فى أكتوبر من هذا العام قرار بتولى المركز مهمة التفسير والإيضاح والرد على المعلومات والتقارير والشائعات التى تطال مؤسسات الدولة أو عمل الحكومة. وتعمق هذا الدور مع إصدار الدكتور مصطفى مدبولى، عقب توليه رئاسة مجلس الوزراء منتصف العام الجارى، قرارا بإنشاء وحدة داخل المركز تحت مسمى «المركز الإعلامى لمجلس الوزراء»، مهمتها الأساسية رصد الشائعات والأخبار المغلوطة والمُحرفة، والاتصال بالوزارات والهيئات الحكومية لاستجلاء الحقائق بشأنها، والتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة لإيضاح حقيقة الصورة، وإطلاق بيانات وتقارير معلوماتية تتضمن رصدا إحصائيا وكيفيا لهذه الشائعات ومجالات استهدافها وما تنطوى عليه من مغالطات.
كانت الشائعة الأولى التى نفاها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار خلال رئاسة المهندس إبراهيم محلب للحكومة، فى أكتوبر من العام 2014، بعدها توالت التقارير والبيانات وأعمال الرصد الشامل والمنتظم، وهو ما وصل بإجمالى التقارير التى أصدرها المركز حتى ديسمبر الجارى إلى 155 تقريرا، يتضمن كل منها بين 8 و10 شائعات، بمتوسط 1500 شائعة، إضافة إلى مئات الشائعات الأخرى التى نفتها الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى.
قائمة الشائعات التى نفتها الوحدة الإعلامية لمجلس الوزراء داخل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار تنوعت بين شائعات تتعلق بوزارة التموين ونقص المخصصات التموينية والسلع الأساسية، أو زيادة أسعار الدواء ونقص ألبان الأطفال، أو بيع منطقة الأهرامات لإحدى الدول، وتخصيص موازنة ضخمة لترميم المعابد اليهودية، والشائعات التى طالت سلامة اللحوم والأسماك والخضروات والفواكه، ونظام التعليم الجديد، وحملة «100 مليون صحة» 9 التى تنفذها الدولة بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وغيرها من الشائعات التى طالت عشرات الجهات والمؤسسات، وانتشرت بكثافة من خلال مواقع التواصل الاجتماعى وبعض المنصات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية وإحدى الإمارات الخليجية الصغيرة، ودولة أخرى تدعم الإرهاب وتتورط فى تدمير سوريا.
آليات رصد الشائعات
يعمل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، والمركز الإعلامى لمجلس الوزراء، وإدارات العلاقات العامة والإعلام بالوزارات والهيئات الحكومية، عبر عدد من المسارات المتوازية، بدءا من متابعة وسائل الإعلام المحلية والعالمية، خاصة الوسائل المعادية لمصر والتى تترصد للدولة ومؤسساتها، أو متابعة مواقع التواصل الاجتماعى وأبرز المعلومات والأخبار المتداولة عبرها، أو تلقى الرسائل والشكاوى والاستفسارات من المواطنين عبر الوسائل الإلكترونية أو الهاتف.
ويُراجع المركز الأخبار والمعلومات المُتداولة، بدءا من العناوين المجتزأة أو المُحرفة أو المُلونة، أو العبارات الضخمة التى لا علاقة لها بالمتن، أو التصريحات المُجهّلة والمنسوبة لمصادر غير معلنة بالوزارات والهيئات الحكومية، والدمج بين الحقائق والشائعات، وتهويل وتضخيم الخبر، واقتطاع الصور ومقاطع الفيديو والتصريحات من سياقاتها، واستخدام حسابات وهمية لمسؤولين وشخصيات عامة وتنفيذية للترويج لبعض الشائعات، ونشر معلومات غير دقيقة دون توثيق مصدر الخبر.
وتتضمن قائمة المغالطات والملاحظات المثيرة للشبهة أيضا، نسب تصريحات خاطئة ومعلومات مثيرة للجدل إلى وزراء ومسؤولين، وانتزاع أحاديث الوزراء والمسؤولين التنفيذيين من سياقاتها، أو تحريفها بشكل متعمد من جانب بعض العناصر ووسائل الإعلام الموجهة والصفحات الإلكترونية المشبوهة، وأيضا نسب أخبار غير صحيحة لمواقع إخبارية وصحف شهيرة.
شائعات استهدفت التعليم وإثارة أولياء الأمور
منذ تولى الدكتور طارق شوقى حقيبة التربية والتعليم فى التعديل الأخير لحكومة المهندس شريف إسماعيل، منتصف فبراير الماضى، لا صوت يعلو فوق صوت تطوير العملية التعليمية ونظام التعليم الجديد، وبقدر التفاصيل العديدة والإيجابية فى خطة التطوير والنظام الجديد، والأحلام والتطلعات التى يحملها طارق شوقى ومعاونوه، واجه قطاع التعليم استهدافًا منظمًا على مدى شهور 2018.
مع بداية العام الدراسى الجارى ترددت شائعة حول زيادة مصروفات المدارس الحكومية، وهو الأمر الذى نفته وزارة التربية والتعليم، موضحة أنه لا زيادة فى مصروفات المدارس الحكومية والرسمية للغات، وأن الأمر لم يُناقش من الأساس، ويجب على أولياء الأمور الامتناع عن دفع أية زيادات فى المصروفات إلا بعد إقرار الوزارة للأمر، كما أوضحت الوزارة فى بيانها أنه فى حال احتياج نظام التعليم الجديد لأية مبالغ مالية فإنها ستبحث عن موارد لتوفيرها، بعد الرجوع لميزانيتها. قبل هذه الشائعة شهد أغسطس تردد شائعتين أخريين، الأولى حول طباعة كتب النظام الجديد لمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائى للمدارس الرسمية للغات باللغة العربية، وهو ما نفته الوزارة مؤكدة أن الأمر يتنافى مع طبيعة مناهج هذه المدارس التى تُدرس باللغة الإنجليزية. أما الثانية فكانت تُفيد بتغيير جدول امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة بسبب تزامنها مع إجازة عيد الأضحى، وهو ما نفته الوزارة أيضًا، مشددة على أنها لم ولن تُجرى أى تعديل على جدول امتحانات الدور الثانى للثانوية العامة.
فى الشهر نفسه اضطرت الوزارة لنفى شائعة ترددت على نطاق واسع حول عقد مسابقة جديدة لتعيين 40 ألف معلم، وأكدت الوزارة أنها لم تعلن عن فتح باب التعيين لمعلمين جدد فى الفترة الحالية، وكل ما يتردد فى هذا الشأن شائعات لا أساس لها من الصحة، تستهدف إحداث البلبلة بين المواطنين. وردًا على شائعة أخرى حول الاتجاه لإلغاء الدراسة بنظام الثلاثة أيام لرياض الأطفال فى المدارس التجريبية بمحافظة الجيزة، أكدت الوزارة أن الدراسة فى هذه المدارس كما هى ولا نية لتعديل أو تغيير الدراسة بنظام الثلاثة أيام فى رياض الأطفال.
وعلى صعيد استهداف نظام التعليم الجديد. تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى وبعض وسائل الإعلام المحسوبة على جهات موجهة، صورًا لجهاز تابلت ماركة «Apple» بإصدار قديم وبدائى، باعتباره الجهاز الذى تعاقدت عليه وزارة التربية والتعليم ضمن نظام التعليم الجديد، ليتضح لاحقًا أن الصورة غير صحيحة على الإطلاق، وأنها تخص أول جهاز أنتجته شركةApple فى ثمانينيات القرن الماضى باسم «نيوتن»، وهو جهاز تاريخى ولا علاقة له بـ«التابلت» الذى تعاقدت عليه الوزارة لنظام التعليم الجديد. وضمن حلقات استهداف النظام الجديد أيضًا ترددت شائعة حول الاتجاه لتقليل عدد أيام وساعات الدراسة، وهو ما نفته الوزارة فى بيان رسمى قائلة «إن عدد أيام وساعات الدراسة كما هى دون تغيير، ولا نية على الإطلاق لتغيير التفاصيل المعلنة للنظام الجديد، وأن مثل هذه الشائعات تستهدف إثارة القلق بشأن خطة التطوير، والتأثير على استيعاب أولياء الأمور والطلاب للنظام الجديد وتفاعلهم معه».
قائمة الشائعات شملت أيضًا تداول أنباء عن صدور قرار من وزارة التربية والتعليم بإغلاق صفحات المدارس على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، سعيًا إلى حصار الدروس الخصوصية والسيطرة على جهود الترويج لها، وهو ما ردت عليه الوزارة بنفى صدور أى قرار إدارى بإلزام المدارس بإغلاق صفحاتها مواقع التواصل الاجتماعى. كما ردت الوزارة على شائعة تفيد بفصلها 10 من موظفيها لاتهامهم بالتورط فى حادث المنيا الإرهابى الذى استهدف مجموعة من الأقباط بالقرب من دير الأنبا صموئيل مطلع الشهر الماضى. وقالت الوزارة فى بيان صادر عنها بهذا الشأن، إنها لم تفصل أيًا من موظفيها، سواء لهذا السبب أو لأى سبب آخر، وأن كل ما يتردد فى هذا الشأن شائعات تستهدف الإساءة إلى القائمين على العملية التعليمية، وإشاعة روح الانقسام والعداوة بين فئات المجتمع.
وفيما يخص الطلاب من أبناء المصريين العاملين بالخارج. ترددت شائعة حول صدور قرار بإجبار طلاب الصف الأول الثانوى العام المغتربين على أداء الامتحان فى العام الدراسى الجارى داخل مصر فقط، وعدم السماح لهم بالامتحان فى السفارات ومقرات البعثات الدبلوماسية المصرية كما جرت العادة فى السنوات الماضية، وهو الأمر الذى نفته وزارة التربية والتعليم بشكل واضح، وشددت على أنها لم تصدر نهائيًا أية قرارات تتعلق بهذا الشأن، موضحة أن الطلاب المغتربين سيؤدون امتحاناتهم هذا العام كما كان الحال فى الأعوام السابقة دون تغيير، وأن ما يثار فى هذا الشأن لا يمت للواقع بصلة، وهدفه إرباك الأسر المصرية وتعكير صفو الأجواء بين الدولة وأبنائها بالخارج.
وعلى صعيد وزارة التعليم العالى، ترددت شائعة خلال 2018 تفيد بالاتجاه لتوحيد المناهج فى الجامعات المصرية، وهو ما نفته الوزارة فى بيان رسمى وقت انتشار الشائعة، مؤكدة أنه لا نية على الإطلاق لتوحيد مناهج الجامعات. وشددت الوزارة على أن هذا الأمر لم يُطرح من الأساس للنقاش أو الدراسة، ولم تُصدر أية تعليمات فيما يتعلق بهذا الشأن، وأن لكل جامعة أو كلية مناهجها وطبيعة الدراسة بها وأسلوبها العلمى الذى يُميزها عن غيرها. وفى سياق آخر، نفت الوزارة شائعة حول تأثر الوضع القانونى لطلاب كليات العلوم الطبية بعد تغيير مسمى كليات العلوم الطبية التطبيقية إلى كليات العلوم الصحية التطبيقية. وقالت وزارة التعليم العالى، إنه لم يطرأ أى تغيير على اسم كليات العلوم الطبية التطبيقية الحالى، ومن ثم فليس هناك أى تأثير قانونى على أوضاع طلابها، مشيرة إلى أن حقيقة الأمر تتمثل فى إصدار مجلس الوزراء قرارا بتاريخ 23 يونيو 2018 بإنشاء جامعة ميريت فى سوهاج، على أن تكون ضمن كلياتها كلية العلوم الصحية التطبيقية، وهو أمر يخص هذه الجامعة الجديدة، ولا يُعنى تغيير مُسمّى كليات العلوم الطبية التطبيقية القائمة حاليًا.
وجبة أخبار مسمومة على موائد عامرة
فى بلد يتجاوز تعداده الـ100 مليون نسمة، ولأن الطعام الاحتياج الأساسى للإنسان، كان طبيعيا أن يكون قطاع التموين والسلع الغذائية هدفا ذهبيا لعصابات الشائعات، ووفق هذه الأهمية شهد القطاع استهدافا ممنهجا بما يتجاوز 14 ألف شائعة، بنسبة %20 من إجمالى الشائعات فى 2018.
فى مقدمة قائمة أبرز الشائعات التى طالت قطاع التموين والسلع الغذائية، ما تردد عن طرح وزارة التموين أرزا صينيا مسرطنا ومصنوعا من البلاستيك، وتوفر «بيض صينى» بلاستيكى فى الأسواق، وهو ما نفته الوزارة جملة وتفصيلا، إلى جانب شائعة أخرى عن إصابة الأسماك المصرية بفيروس «بلطى البحيرات»، وشائعة حول حظر تصدير الخضراوات والفواكه المصرية لدول الخليج بسبب عدم مطابقتها للشروط والمعايير، لكن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى نفت صحة هذه الأنباء، مؤكدة جودة الأسماك وسلامة الخضراوات والفواكه المصرية، ومطابقتها لكل المعايير والاشتراطات الدولية المتفق عليه، إضافة إلى نفسها شائعة أخرى عن وجود حالات نفوق جماعى للماشية فى عدد من المحافظات.
وضمن عينة الشائعات نفسها، ترددت شائعة حول انتشار ثوم مسرطن ويحتوى على مواد كيمائية شديدة الخطورة فى الأسواق، وهو ما نفته وزارة الزراعة، موضحة أن تلك الأنباء عارية تماما من الصحة، ولا يوجد أى ثوم مسرطن فى الأسواق، وأن الثوم المتداول صحى تماما ومطابق للمواصفات القياسية، وشددت الوزارة على أن أى خضراوات أو فواكه مستوردة تخضع لرقابة وفحص من وزارتى الزراعة والصحة، إضافة إلى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات. وهو الأمر نفسه بالنسبة لقطاع اللحوم الذى طالته شائعة تفيد باستيراد شحنات مذبوحة لحيوانات مُصابة وطرحها بأسعار مخفضة، وهو ما نفته الوزارة بشكل قاطع، مشددة على عدم دخول أية شحنات لحوم فاسدة أو مصابة من الخارج، وأن كل اللحوم المستوردة سليمة وصالحة للاستهلاك الآدمى، وأنها تحرص على اتباع الإجراءات والضوابط الخاصة بهذا الأمر، والتى تقضى بإخضاع اللحوم المستوردة للرقابة والفحص من وزارتى الزراعة والصحة والهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، إلى جانب هيئة سلامة الغذاء.
ومن الشائعات التى طالت قطاع التموين والسلع الغذائية أيض، شائعة فقدان المواطنين جانبا من حصصهم اليومية من الخبز حال عدم صرفها بشكل منتظم، لكن وزارة التموين نفت الأمر بشكل قاطع، مشددة على أن حصص المواطنين اليومية من الخبز ثابتة كما هى، ولم ولن يتم المساس بها حال عدم صرفها بشكل يومى، باعتبارها حقا أصيلا من حقوقهم، ويحق لهم صرفها فى أى وقت. كما ردت الوزارة على شائعة أخرى حول نقص كميات السكر المطروحة فى المجمعات الاستهلاكية ووجود عجز فى مقررات السلع الأساسية، مؤكدة أنه لا يوجد أى نقص فى السكر التموينى، سواء فى الأسواق أو بمحال البقالة التموينية وفروع مشروع جمعيتى ومنافذ شركتى الجملة والمجمعات الاستهلاكية التابعة لها, وشددت الوزارة على توفر كميات كبيرة من السكر تُضخ فى الأسواق بشكل يومى، وأن المخزون الاستراتيجى منه يكفى لما يقرب من 7 شهور. وفيما يخص شائعة الحذف العشوائى لبعض المستفيدين من منظومة البطاقات التموينية، قالت الوزارة: إن الأمر يقتصر على حذف المتوفين والمسافرين والأسماء المكررة على أكثر من بطاقة, وفى شائعة اعتزام الحكومة رفع سعر رغيف الخبز إلى 55 قرشا، وصرف 75 جنيهًا كدعم نقدى لكل فرد فى الأسرة، قالت وزارة التموين إن الأمر لا أساس له، وإنما ملتزمة بصرف الخبز للمواطنين على بطاقات الدعم بسعر خمسة قروش للرغيف دون أى زيادة.
على صعيد الشائعات التى طالت قطاع الصحة، نفت الوزارة ما تردد عن وجود قرارات تُفيد بتحميل المرضى زيادة سعر جلسات الغسيل الكلوى من 200 إلى 400 جنيه، بسبب ارتفاع أسعار المستلزمات والمحاليل الطبية المستخدمة فى عمليات الغسيل, وأكدت وزارة الصحة أن الدولة ستتحمل الفارق فى سعر جلسة الغسيل الكلوى للمرضى الذين يُعالجون على نفقة الدولة ومرضى التأمين الصحى، رغم ارتفاع أسعار الفلاتر والمحاليل والأدوية. وفيما يخص شائعة إجبار وزارة الصحة للمواطنين المشاركين فى مبادرة القضاء على «فيروس سى» والكشف عن الأمراض غير السارية على التبرع بالدم مقابل إجراء الكشف مجانا، قالت الوزارة إنه لا صحة على الإطلاق لهذا الأمر، وإن هدف الحملة الوحيد هو الكشف المبكر عن «فيروس سى» وعلاجه فى إطار حرص الدولة على الحفاظ على صحة المواطنين والقضاء تماما على هذا المرض والأمراض المزمنة بحلول 2020.
فى محافظة جنوب سيناء ترددت شائعة حول تفشى وباء الالتهاب السحائى بالمحافظة، وهو ما نفته وزارة الصحة بشكل قاطع، مؤكدة أنه لا توجد أية حالات مصابة بالالتهاب السحائى الوبائى فى جنوب سيناء، وأن المحافظة خالية تماما من هذا المرض، وكل ما حدث هو رصد حالتى اشتباه «حُمّى» تحت الفحص بالمحافظة، وتم اتخاذ كل الإجراءات الوقائية المتبعة فى التعامل مع هذه الحالات والمخالطين لها، وأثبتت التحاليل لاحثقا سلبيتها بالنسبة لمرض الالتهاب السحائى الوبائى, وفيما يخص شائعة استبعاد الحكومة من لا يملكون تأمينا صحيا من علاج «فيروس سى» المجانى، قالت الوزارة إنها تستهدف كل المواطنين، خاصة محدودى الدخل الذين لا يستطيعون إجراء هذه الفحوصات على نفقتهم الخاصة بسبب ارتفاع تكلفتها، كما أنها تصرف الأدوية لهم بشكل مجانى، مشددة على أن عملية التحاليل والفحص والأشعة والعلاج مجانية بالكامل لكل المواطنين.
وفى القطاع نفسه ترددت شائعة تستهدف النيل من جهود الدولة فيما يخص الحفاظ على صحة المواطنين، مفادها أن حملة «100 مليون صحة» ليست مبادرة مصرية رئاسية، وإنما منحة من منظمة الصحة العالمية، وهو الأمر الذى نفته وزارة الصحة بشكل كامل، مؤكد أن الحملة مبادرة مصرية رئاسية أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، بهدف الاطمئنان على صحة المصريين والقضاء على «فيروس سى» والأمراض المزمنة، والكشف المبكر عن الأمراض غير السارية، وأوضحت الوزارة فى بيان صادر عنها وقت انتشار الشائعة أن دور منظمة الصحة العالمية فى الحملة رقابى فقط، يقتصر على مراقبة تنفيذ استراتيجية الحملة وخطة العلاج، مشدّدة على أن ما يُثار فى هذا الشأن شائعات مغرضة، هدفها النيل من جهود الدولة فى محاربة «فيروس سى» والحفاظ على صحة المصريين.
شرارة سوداء فى خزان الوقود
لم يسلم قطاع الطاقة من الاستهداف، إذ نشط مروجو الشائعات والأكاذيب، بغرض إطلاق شرارتهم السوداء، لإحراق سوق الوقود والكهرباء، والضغط على الدولة عبر إثارة الخوف فى نفوس المواطنين بأخبار مختلقة حول الاستعداد لتحريك الأسعار.
خلال الشهور الأولى من 2018 أُثيرت شائعة حول اعتزام مصر استيراد البترول من إيران، وهو ما نفته وزارة البترول والثروة المعدنية، مؤكدة عدم استيراد أى بترول خام أو مشتقات بترولية من إيران، وأنه لا يوجد أى تعاون بين القاهرة وطهران فى هذا الإطار، كما أوضحت الوزارة أنها لم تتعامل مع الخام الإيرانى من قبل، وإنما تستورد احتياجاتها من الزيت الخام أو المنتجات البترولية باتفاقيات تجارية مع الكويت والعراق والسعودية، وتغطى حاجة السوق المصرية من هذه المصادر.
فى الفترة نفسها، نفت وزارة الكهرباء ما تردد من شائعات حول اعتزام الحكومة إقرار زيادات جديدة فى فواتير استهلاك الكهرباء، وأكدت الوزارة أنه لا توجد أية زيادات جديدة أو تعديلات فى أسعار الكهرباء الحالية خلال العام المالى الجارى، الذى ينتهى فى 30 يونيو 2019، وهو ما أوضحته فى خطة الأسعار المعلنة من جانبها فى يونيو الماضى، مشيرة إلى أن كل ما يتردد من أنباء فى هذا الشأن شائعات تستهدف إحداث بلبلة لدى الرأى العام، وإثارة غضب المواطنين وشحنهم ضد الدولة ومؤسساتها.
وعلى صعيد قطاع الوقود، شهد عام 2018 انتشار شائعات تفيد باختفاء بنزين 80 و92 من محطات الوقود، ونية الحكومة إجبار المواطنين على شراء بنزين 95 المعدل، بسبب فارق السعر، وهو ما نفته وزارة البترول بالقول إنه لا يوجد نقص فى أى نوع من المنتجات البترولية بكل المحطات ومنافذ التسويق على امتداد الجمهورية، مشيرة إلى أنها تطرح كميات كبيرة من كل أنواع البنزين، إلى جانب إضافة نوع جديد من بنزين 95 يتضمن مواصفات جديدة تُحسن الأداء وتوفر الاستهلاك، وتلتزم فى هذا بخطة الأسعار المعمول بها. وفى السياق ذاته نفت الوزارة شائعة أخرى تفيد اعتزامها إقرار زيادة جديدة فى أسعار الوقود والمشتقات البترولية خلال العام المالى الجارى، بهدف خفض العجز المتوقع فى الموازنة العامة للدولة 2018/2019 فى ضوء ارتفاع أسعار النفط عالميا، وأكدت وزارة البترول فى بيان صادر عنها أن هذه الأنباء غير صحيحة على الإطلاق، وأنها مجرد شائعات مغلوطة تستهدف بث الأكاذيب، وإحداث حالة من القلق، والضغط على قطاع الطاقة بغرض دفع المواطنين لتخزين الوقود واختلاق عجز وهمى فى الكميات التى تضخها الوزارة بالأسواق.
إلى جانب الشائعات السابقة التى استهدفت قطاع الوقود والمشتقات البترولية، شهد شهر أكتوبر الماضى تداول شائعة عبر مواقع التواصل الاجتماعى وبعض وسائل الإعلام الخارجية التابعة لجماعة الإخوان وبعض الدول، مفادها اعتزام الحكومة طرح بنزين 87 الجديد فى الأسواق خلال الفترة المقبلة، وهو ما نفته وزارة البترول جملة وتفصيلا، موضحة أنها لم تُحدد أى موعد حتى الآن لطرح هذا النوع الجديد من البنزين، ولم تنتهِ بعد من دراسة عملية طرح هذا المنتج فنيا واقتصاديا، وبمجرد الانتهاء من الدراسة وتحديد مواصفات البنزين الجديد من قبل هيئة التوحيد القياسى، ستُعلن الأمر للرأى العام بكل شفافية، وشددت الوزارة على أن ما يتردد حول استهدافها الاستعاضة بهذا النوع عن بعض الأنواع الأخرى، أو تحريك الأسعار، أمر عارٍ تماما من الصحة.
مروجو الأكاذيب يستهدفون تاريخ وآثار مصر
بقدر ما تتعرض الدولة المصرية للاستهداف، تأسيسًا على حضورها الإقليمى وثقلها الاستراتيجى والجغرافى، فإنها تُشكل بميراثها الثقافى والحضارى إزعاجًا لكثير من الجماعات المتطرفة والدول الهامشية الناشئة حديثًا، لهذا تشهد بين وقت وآخر شائعات وأخبارًا كاذبة تستهدف النيل من تراثها وآثارها، تتلقفها قنوات الإخوان والمنابر الإعلامية التابعة لإحدى الإمارات الخليجية الضئيلة.
خلال شهر سبتمبر الماضى انتشرت شائعة حول الاتجاه لعرض حدائق أنطونيادس الأثرية فى الإسكندرية للبيع بالمزاد العلنى، وهو الأمر الذى نفته وزارة الزراعة جملة وتفصيلا، فى بيان رسمى أصدرته وقتها، مؤكدة أن حدائق أنطونيادس مملوكة للدولة ولا يمكن التصرف فيها أو عرضها للبيع، وأنها ستظل كما هى تابعة لمعهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية. وفى سياق شبيه نفت وزارة الآثار شائعة تفيد بموافقتها على إقامة حفل زفاف داخل معبد «فيلة» فى محافظة أسوان. وقالت الوزارة فى بيان لها قبل أسابيع إن المعبد أو أى من المعابد الأثرية لم تشهد إقامة حفلات زفاف، ولم تمنح الوزارة أية تصاريح بهذا الشأن، وكل ما يتردد حول الموضوع شائعات تستهدف النيل من تاريخ مصر وحضارتها، وإشاعة مناخ من فقدان الثقة فى الدولة ومؤسساتها.
وفى وقت لاحق نفت وزارة الآثار شائعة أخرى حول استعدادها لبيع منطقة الأهرامات لإحدى الدول العربية مقابل مبلغ مالى ضخم، وشددت الوزارة فى ردها على أنها حريصة تمام الحرص على صيانة الآثار والتراث الحضارى المصرى، وبقاء هذا الإرث الضخم تحت ولاية الدولة وإدارتها المباشرة، وأنه لا تفريط فى الثقل الثقافى والقوة الناعمة المصرية، وإنما تتردد هذه الشائعات بين وقت وآخر بغرض التسفيه من قيمة التراث المصرى، وإشاعة البلبلة، والنيل من جهود الوزارة والتعمية على نجاحاتها المتمثلة فى سلسلة ضخمة من الكشوف الأثرية المهمة.
وعلى صعيد آخر، ترددت شائعة حول تخصيص الحكومة مليارًا و300 مليون جنيه لترميم المعابد والآثار اليهودية فى مصر، وهو ما نفته وزارة الآثار بالقول إنها لم تخصص هذا المبلغ للغرض المذكور، وإنما وجهته لترميم وصيانة عدد كبير من الآثار المصرية المتنوعة من كل العصور على مستوى الجمهورية، منها المعبداليهودى بالإسكندرية. وردًا على شائعة سرقة أيقونة أثرية للسيد المسيح والسيدة العذراء من المتحف القبطى بالقاهرة، قالت الحكومة «إن المتحف القبطى لم يشهد أية محاولات سرقة على الإطلاق، وإن الأيقونة المشار إليها مُستنسخة وغير أثرية، كانت موجودة فى صندوق أمام مخزن الأحراز، تمهيدًا لنقلها إلى القسم التعليمى بالمتحف لتدخل ضمن البرنامج التعليمى الذى تنفذه الإدارة بهدف رفع الوعى الأثرى لدى الأطفال والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة، لتعريفهم بمقتنيات المتحف وتاريخ مصر القبطى».
وضمن أهم الشائعات التى نفتها الحكومة حول الآثار المصرية، كانت شائعة بيع الحكومة مليونى قطعة أثرية قديمة لجهات خارجية. وقالت الجهات المعنية ردًا على هذا الأمر إنها لم تتحرك باتجاه بيع أو منح حقوق استغلال أية قطعة أثرية، باستثناء برامج المعارض الخارجية المتنقلة المتفق عليها بشكل مسبق وتفاصيل مُعلنة. وشددت وزارة الآثار على اهتمام الدولة المصرية وحرصها على صيانة كل الآثار المصرية من كل العصور والفترات التاريخية، والحفاظ على التراث الحضارى والثقافى المصرى والارتقاء به، وأن كل ما يتردد فى هذا الشأن غرضه خلق حالة من عدم الثقة فى الجهود المتواصلة لتعزيز قطاع الآثار وتطويره، والنيل من الشعور القومى لدى المصريين بأهمية آثارهم وعمق مخزونهم الثقافى والحضارى.
شائعات حول الإسكان والعاصمة الإدارية
فى الوقت الذى تبذل فيه الدولة ومؤسساتها، وفى مقدمتها وزارة الإسكان، جهودًا كبيرة لإنجاز عدد من مشروعات الإسكان الاجتماعى الجديدة، بغرض توفير معروض من الوحدات السكنية يوازى الطلب المتزايد فى القطاع، تنشط ماكينات الشائعات لإثارة حالة من البلبلة والغموض، سعيًا للتأثير على سوق العقارات، والمشروعات القومية الجارى تنفيذها، وأبرزها العاصمة الإدارية الجديدة.
أبرز الشائعات المستهدفة لقطاع الإسكان فى العام 2018، ما تداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى وبعض وسائل الإعلام المحسوبة على جهات وجماعات متطرفة ومعادية لمصر، حول توجيه 140 مليار جنيه للإنفاق على مشروعات الصرف الصحى فى العاصمة الإدارية، وهو ما نفته شركة العاصمة الإدارية فى بيان رسمى، موضحة أن المبلغ المذكور مخصص لكل مرافق المدينة الرئيسية «شبكات المياه، والصرف الصحى، والطرق، والبنية التحتية الذكية، والمنشآت الحكومية والمرافق الأخرى» وليس الصرف الصحى وحده، وأن ميزانية العاصمة الجديدة مستقلة ومنفصلة تمامًا عن الموازنة العامة الدولة، وتعتمد على إيرادات الشركة من حصيلة بيع الأراضى للمستثمرين وتوجيه العوائد لتمويل عمليات الإنشاء. وفى السياق ذاته، نفت وزارة المالية شائعة تفيد بتخصيصها جزءًا من الموازنة العامة للدولة لتمويل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، مؤكدة أنه لا صحة على الإطلاق لما جرى تداوله فى هذا الشأن.
ونفت وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة، شائعة تُفيد بنفاد الوحدات السكنية المطروحة ضمن مشروع «جنة» للإسكان الفاخر فى كل المدن التى يُنفذ فيها المشروع، وأوضحت الوزارة فى بيان صادر عنها أن الوحدات التى نفدت بالمشروع هى وحدات مدينة الشيخ زايد فقط، أما باقى المدن «السادس من أكتوبر والشروق والعبور ودمياط الجديدة والمنيا الجديدة» فما زالت بها وحدات متاحة، مشددة على أن ما يُثار فى هذا الشأن شائعات تستهدف دفع المواطنين للإحجام عن شراء الوحدات. ونفت الوزارة أيضًا شائعة حول تداول أنباء عن انسحاب الشركة الصينية المنفذة لبعض مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة، وأكدت الوزارة أن الشركة لم تنسحب أو تخرج من المدينة، وأن العمل فى هذه المشروعات يسير بشكل طبيعى ومنتظم، دون أى توقف أو تعطيل، وأن مثل هذه الشائعات لا غرض لها إلا التأثير على المشروع والإضرار بالاقتصاد القومى ومصالح الدولة العليا.
عصابات تصوب سهامها إلى قلب الاقتصاد
لأن الشائعات تستهدف فى المقام الأول تقويض الدولة، وإشاعة حالة من الريبة والخوف فى أوساط المجتمع بتنوعاته وفئاته المختلفة، كان طبيعيًا أن تجهز عصابات الشائعات سهامًا مسمومة وتصوبها إلى قلب الاقتصاد، بغرض زعزعة الثقة فى المنظومة الاقتصادية، وحصار الآثار الإيجابية لعملية إصلاح هيكل الاقتصاد المصرى ووضع أطر التنمية المستدامة.
فى مقدمة الشائعات التى استهدفت الاقتصاد ترددت شائعة مفادها اعتزام مصر الاقتراض من صندوق النقد الدولى مجددًا، بعد تسلمها القرض الحالى البالغ 12 مليار دولار، وهو ما نفته وزارة المالية جملة وتفصيلًا، مؤكدة أن مصر لا تسعى للحصول على قرض جديد من صندوق النقد، وأن الاقتصاد المصرى مستقر ويواصل التحسن، ولسنا فى حاجة للحصول على أى تمويل أو قروض فى المدى الراهن، وكل ما أُثير فى هذا الشأن شائعات لا أساس لها من الصحة، وهدفها تقويض الدولة وزعزعة الثقة فى تعافى الاقتصاد.
كما نفت وزارة المالية شائعة أخرى حول زيادة أسعار التبغ والسجائر المحلية نتيجة رفع قيمة الدولار الجمركى، مؤكدة أن الفترة المقبلة لن تشهد أية زيادات جديدة، سواء فى أسعار السجائر المحلية أو منتجات التبغ المستوردة التى تدخل فى صناعتها، وأن رفع سعر الدولار الجمركى سيُطبق على السجائر المستوردة تامة الصنع فقط. وأوضحت الوزارة فى ردها أن تعديل سعر الدولار الجمركى غرضه حماية الصناعة المحلية، وكل ما يتردد من أنباء عن إقرار زيادات جديدة على أسعار السجائر ومنتجات التبغ شائعات مغرضة تستهدف إشاعة البلبلة والتوتر فى المجتمع.
وضمن ردودها المتواصلة، نفت المالية أيضًا شائعة حول استعداد الحكومة لطرح عملة معدنية جديدة من فئة «2 جنيه» للتداول فى الأسواق خلال الفترة المقبلة. وقالت الوزارة فى بيان صادر عنها للرد على هذه الشائعة، إنه لا نية لإصدار أية عملات معدنية جديدة فى الوقت الحالى، لتظل قائمة العملات المعدنية المتداولة كما هى «25 قرشا و50 قرشا وجنيه واحد». وشددت المالية على أن مثل هذه الشائعات غرضها إرباك سوق التداول النقدى، والتأثير على حركة النقد المحلى بشكل يضغط على السوق سعيًا إلى خلق أزمة ونقص فى المعروض النقدى من العملات المعدنية المتداولة.
مرصد الإفتاء يوثق أبرز الشائعات
فى إطار جهود مؤسسات الدولة برصد الشائعات ومواجهتها، أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، تقريرًا يوثِّق محاولات عديدة من الجهات والمنظمات الخفية نشر كثير من الشائعات والأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعى، والترويج لها من خلال أذرعها الإعلامية، بهدف إثارة البلبلة داخل المجتمع المصرى، وهزِّ ثقة المصريين فى أداء الحكومة، سعيا إلى بث روح الفوضى والاضطراب. وتضمنت تقارير المرصد عشرات الفتاوى والشائعات التى تستهدف الدولة وتصطدم بصحيح الدين، كان أبرزها:
فى مقدمة الشائعات التى رصدها مرصد الفتاوى، شائعات طالت مجلس النواب، أبرزها موافقته على إنشاء صندوق سيادى بـ200 مليار جنيه، وأوضح تقرير المرصد نص القانون، والهدف من تأسيس الصندوق وجدواه الاقتصادية، كما تناول التقرير شائعة بيع الجنسية المصرية بـ7 ملايين جنيه، وانتشر الأمر بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، مستعرضا حقيقة القانون الذى ينظم وضعية الأجانب فى مصر، ويمنح المستثمرين فرصة حقيقية لدخول السوق بمزيد من الثقة والأمان.
وتضمن التقرير أيضا الشائعات التى طالت الشأن الدينى، واستهدفت تشويه مؤسسات الدولة الدينية ودورها فى المجتمع، بداية من إثارة أخبار كاذبة حول الخطأ فى تقدير هلال شهر رمضان، ما دفع مؤسسات الدولة الدينية لنفى الأمر، مؤكدة أن عملية استطلاع الهلال تتم وفق أسس علمية وشرعية منضبطة، كما رد المرصد على شائعة أخرى حول إغلاق وزارة الأوقاف لكتاتيب تحفيظ القرآن الكريم، إذ نفى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الشائعة وما اشتملت عليه من معلومات مغلوطة، مؤكدًا أن عدد الكتاتيب المعتمدة من الوزارة والتابعة لها ارتفع فى السنوات الأربع الأخيرة بنسبة تتجاوز %200.
من الشائعات أيضا ما استهدف النيل من صورة المشروعات القومية الكبرى وتشويهها، مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديد، الذى أُثيرت حوله العديد من الشائعات الكاذبة، أبرزها نقل حديقة الحيوان من الجيزة إليها، أو إنشاء سجن جديد بها، وهو ما نفته المصادر الرسمية تمامًا، وفى السياق نفسه، تعرض مشروع قناة السويس لحملة ضخمة من الشائعات، بداية من الإعلان كل فترة عن أن هيئة قناة السويس تتجه للحصول على قرض جديد لسداد العجز لديها، وصولًا إلى إشاعة أخبار كاذبة عن حوادث تصادم للسفن وتعطل الملاحة فى مجرى القناة.
ونشطت ماكينة الشائعات أيضا على محاور أخرى تستهدف إثارة حالة من الرعب والهلع داخل مختلف قطاعات المجتمع، من خلال الحديث عن حوادث فجة وغير حقيقية لتشكيك المواطنين فى مستوى الأمن وآثار التنمية وجدوى المشروعات الجارية والجهود المتواصلة لتحسين الاقتصاد، كان فى مقدمتها اختلاق أكذوبة حول حادث أطفال المريوطية وتعرضهم لسرقة بعض الأعضاء، وهروب مدير أحد فروع بنك CIB بمبلغ 180 مليون جنيه من أموال المودعين، ورصف وتشويه شارع المعز لدين الله الفاطمى بشكل يدمر طابعه الأثرى، وهو ما ثبت كذبه لاحقا بالأدلة والردود الموثقة من الجهات المعنية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة