خطوة جديدة لحماية وإعادة الآثار الفرعونية فى محافظة الأقصر لسابق عهدها وإدخالها فى قوائم زيارات السائحين من مختلف دول العالم، مع ارتفاع حركة الرحلات النيلية بين الأقصر وأسوان.
وبدأت منطقة آثار الأقصر فى أعمال مشروع ترميم وتطوير معبد إسنا بمدينة اسنا جنوب الأقصر، وذلك فى إطار خطة وزارة الآثار لتطوير المناطق الأثرية، ولتقديم استراحة فرعونية للسياح خلال رحلاتهم النيلية، حيث ترسو أغلب البواخر داخل مدينة إسنا خلال رحلتها جنوباً لمحافظة أسوان وهو ما يضمن تدفق سياحى مميز خلال الفترة المقبلة للمعبد.
وفى هذا الصدد صرح الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن أعمال الترميم تهدف إلى إظهار الرسومات التى يتفرد بها المعبد، حيث تتضمن الأعمال داخله القيام بالترميم والتنظيف للحوائط، بجانب تثبيت الألوان وإزالة السناج فى المقصورات والجدران المختلفة، كما سيتم إعادة تركيب بعض البلوكات الحجرية التى تساقطت عبر الزمان.
و أضاف الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن معبد خنوم بمدينة إسنا يتواجد على بعد حوالى 55 كم جنوب مدينة الأقصر على الضفة الغربية لنهر النيل، حيث تم إكتشافه وتنظيفه من الرديم عام 1843م أى فى أواخر عصر محمد على باشا، وكان المعبد قديما مخصص لعبادة المعبود خنوم وعائلته منحيت ورت، وهو خالق البشر وكذلك المعبودة نيت وعائلتها بجانب معبودات أخرى، موضحاً أن أن أهم ما فى المعبد صالة الأعمدة التى تعتبر من أجمل المبانى فى مصر وترجع للعصر اليونانى الرومانى، فهى عبارة عن صىالة مسىتطيلة الشىكل ذو واجهة ذات طراز معمارى خاص ويحمل سقفها 24 اسطوانا بارتفاع 5,13م ومزخرفة بنقوش بارزة ذات تيجان نباتية متنوعة، وتعتبر هذه القاعة (الصالة) من أجمل صالات الأعمدة فى مصر على وجه العموم من حيث تماثل النسب وطريقة نحت تيجان أعمدتها وبقاءها فى حالة جيدة من الحفظ، والمناظر الداخلية للمعبد تتعلق أغلبها بالديانة والعقيدة فى تلك الفترة وتتكون من مؤلفات دينية ونصىوص عن خلق العالم.
ويؤكد الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن ذلك العمل فى تطوير المعبد يأتى فى إطار خطة وزارة الآثار بقيادة الدكتور خالد العنانى لإعادة الحياة لعدد من المعاب بمحافظة الأقصر وتطويرها لخدمة حركة السياحة والزيارات اليومية لتلك المواقع التى كانت خارج قوائم زيارات شركات السياحة، حيث تم العمل من قبل فى معبد مونتو بمدينة الطود كما يجرى الترميم والتطوير لعدد من المعابد والصالات فى الكرنك، وكذلك إحياء الصالات والمقصورات المختلفة فى معبد الأقصر.
وقال أحمد حسن مدير عام معبد إسنا، بأن المعبد يعتبر من أهم المعالم السياحية بمدينة إسنا، حيث أنه الوحيد الباقى من أربعة معابد كانت موجودة فى إسنا ثلاثة منها فى شمال غرب إسنا فى (أصفون – كوم الدير – غرب اسنا)، أما الرابع فكان يقع فى شرق اسنا (الحله)، وفى عام 1830 تم اكتشاف معبد آخر فى كومير جنوب غرب اسنا بحوالى 10 كم، إلا أن هذه المعابد اختفت منذ القرن الماضى ولم يبق منها غير ما يدل عليها، مؤكداً على أنه قام العالم الفرنسى (شمبليون) بزيارة معبد إسنا فى عام 1828م وذكر أنه رأى نقوشا تحمل اسم الملك تحتمس فى هذا المعبد، ويعتقد أن المعبد الحالى أقيم على أطلال معبد قديم يرجع بدايته إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة، حيث عثر على نقوش تحمل اسم الملك تحتمس عام 1468 – 1436 ق.م الذى جاء ذكر مدينة اسنا باسمها فى عهده.
ويضيف مدير عام معبد إسنا لـ"اليوم السابع"، أن أغلب المؤرخون رجحوا أن المعبد يعود إلى عصر الدولة الوسطى الأسرة الثانية عشرة 1991- 1778 ق.م، حيث تعرض المعبد للتهدم وأعيد بناؤه فى العصر الصاوى للأسرة السادسة والعشرين، ويرقد معظمه أسفل المنازل الحديثة بإسنا، أما المعبد الحالى فقد بدأ تشييده فى عهد الملك البطلمى بطليموس الملقب باسم فيلوميتور أى المحب لأمه، وقد أضيف إليه فى العصر الرومانى قاعة أساطين ترجع لعصر الامبراطور الرومانى (كلوديوس) 40م، وتمت زخرفة الصالة فى عصر كل من فيسيان وتراجان وهادريات، وآخر نقوشها ترجع لعهد الامبراطور دكيوس حوالى سنة 249 – 250م على الجدار الغربى للمعبد، أى أن هذا المعبد استمر فى بنائه وزخرفته خلال 400 عام على فترات منفصلة ما بين عام 181 ق.م – عام 250 م.
ويؤكد أحمد حسن مدير عام المعبد، أن معبد خنوم بإسنا يتواجد على الضفة الغربية لنهر النيل على بعد 100م تقريباً من نهر النيل، ويتعامد رأسياً عليه على محور واحد وتنخفض أرضية المعبد بعمق 9م تقريباً عن مستوى الأرض الحديثة لمدينة إسنا ويتم النزول إليه بسلم حديث تم إعداد من وزارة الآثار، وخصص هذا المعبد لعبادة الإله خنوم مع كل من زوجته منحيت – نيبوت، أما الإله خنوم فقد مثل برأس كبش وجسد إنسان ويعرف باسم الإله الفخرانى أو خالق البشر من الصلصال وباسم خنوم رع سيد إسنا، أما الإلهة منحيت فقد مثلت برأس أنثى الأسد ويعلوها قرص الشمس وجسد أنثى وتشبه الإلهة سخمت لهذه القوة، أما الإلهة نيبوت الزوجة الثانية لخنوم ويعنى اسمها سيدة الريف، وقد مثلت بهيئة أدمية على شكل سيدة يعلو رأسها قرص الشمس بين قرنين وهى هنا تشبه الإلهة إيزيس فى هيئتها.
وفى نفس السياق صرح محمد محيى الدين سلام مسئول إدارة الوعى الآثرى بمحافظة الأقصر، أنه تم تنظيم زيارات بالتعاون مع إدارة الوعى الأثرى منطقة آثار إسنا وأرمنت، والإدارة التعليمية بإسنا لطلاب المدارس، وذلك على مدار 17 يوماً تم خلالها عمل مجموعة من الجولات الإرشادية بالمدينة لزيارة المواقع التراثية المتنوعة بمنطقة معبد إسنا، بهدف توعية الطلاب والطالبات بأهمية هذه المواقع واطلاعهم على جهود الترميم والتأهيل المعمارى التى تتم حاليا بالمنطقة.
وأضاف مسئول إدارة الوعى الآثرى بمحافظة الأقصر، أنه شارك ففى تلك الزيارات لمعبد إسنا والمنطقة المحيطة بها حوالى 770 طالب وطالبة بالمراحل التعليمية المختلفة من 28 مدرسة بمحافظة الأقصر، وذلك تحت إشراف ورعاية 106 مشرف ومشرفة بتلك المدارس، حيث تمت أنشطة التوعية هذه من خلال شرح للمواقع التراثية وأهميتها بواسطة مفتشى آثار منطقة اسنا وأرمنت ومن خلال التفاعل المباشر من القائمين على المشروع، مضيفاً أن البرنامج نجح بصورة كبيرة فى عمل جولات وندوات تثقيفية للطلاب الـ770 من 28 مدرسة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة