عكس استمرار الأزمة الاقتصادية التى تشهدها الدولة التركية، تأثيرا بالغ السلبية على الاقتصاد التركى، والذى سجل نموا بنسبة 1.6% فى الربع الثالث من العام الجارى على أساس سنوي، وفقا لبيانات رسمية صدرت منتصف الأسبوع الجارى.
وفى الوقت الذى تشهد فيه مدن الأوروبية وعلى رأسها العاصمة الفرنسية باريس، العديد من الاحتجاجات التى عرفت بـ"السترات الصفراء" بسبب الأزمات الاقتصادية وارتفاع الضرائب وزيادة الأسعار، وعدم قدرة المواطنين على الشراء، يتخوف الشعب التركى من تكرار التجربة بسبب قمع النظام الحاكم للمواطنين.
اسواق فى تركيا
وتشير أرقام الاقتصاد التركى إلى تدهور كبير فى الاقتصاد عن الربع الثانى من العام نفسه عندما بلغ النمو 2.5% على أساس سنوي.
ويأتى النمو دون بعض التوقعات، والتى بلغت 2% فى استطلاع مؤسسات اقتصادية دولية كبرى، حيث كان من المتوقع أن ينخفض النمو مع تأثر الاقتصاد بمعدل التضخم المرتفع وتداعيات أزمة العملة.
وحسب معهد الإحصاء التركى "تورك ستات"، فبمقارنة الربع السابق، تقلص الاقتصاد بنسبة 1.1% فى الربع الثالث، ومن بين القطاعات الرئيسية، تراجع قطاع البناء على أساس سنوى بنسبة 3.5% فى الربع الثالث، وسجل القطاع الصناعى نموا نسبته 0.3%، فى حين نما القطاع الزراعى بنسبة 1% خلال الفترة نفسها.
ويأتى التباطؤ فى نمو الاقتصاد التركى حيث تسبب ضعف الليرة فى ارتفاع أسعار الواردات والتضخم، وفقدت الليرة 40% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكى منذ بداية العام ، مما أدى أيضا إلى تراجع فى الطلب المحلى والاستثمارات.
القطاع المصرفي فى تركيا
وظلّ التضخم أعلى من 20% فى نوفمبر، وفقا لت"تورك ستات"، ويتطلع المستثمرون إلى عقد الاجتماع الأخير هذا العام للجنة السياسة النقدية فى البنك المركزي.
وأبقى البنك المركزى على سعر الفائدة الأساسى دون تغيير فى الاجتماع السابق، مشيرا إلى تباطؤ اقتصادى مستمر. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان البنك سوف يبقى على أسعار الفائدة دون تغيير مرة أخرى.
وفى سبتمبر، خفضت أنقرة هدف النمو لهذا العام إلى 3.8% ، مقابل 4.7% فى عام 2017، وفقا لوزير الخزانة والمالية بيرات البيرق.
ونقلت وسائل إعلا تركية معارضة عن مارك بنتلى، الخبير الاقتصادى التركى، قوله إنّ المؤشرات الاقتصادية الرئيسية لتركيا تُرجح بداية ركود مؤلم، يتصادم مع تأكيدات حكومية على أن الاقتصاد يستعيد توازنه.
وتتجه تركيا بفعل سياسات الديكتاتور رجب طيب أردوغان، إلى الدخول فى دوامة ركود بفعل تباطؤ الطلب المحلي، وذلك بعد نمو مفرط وأزمة سياسية تسببت فى هبوط قيمة الليرة.
الليرة
وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، ووكالة التصنيف الائتمانى موديز، وغيرها من الجهات الاقتصادية الدولية انكماشاً اقتصادياً فى تركيا عام 2019 المقبل.
فيما سجّل العجز التجارى التركى تراجعاً بنسبة 90 % على أساس سنوى فى نوفمبر، ليصل إلى 0.6 مليار دولار، وذلك فى الوقت الذى حققت فيه عائدات التجارة إلى مستوى فى تاريخ تركيا.
وأظهرت بيانات من وزارة الجمارك والتجارة التركية بداية شخر ديسمبر الجارى، أن العجز التجارى فى البلاد تراجع 90 % على أساس سنوى فى نوفمبر ليسجل 0.6 مليار دولار فيما زادت الصادرات وانكمشت الواردات.
وأشارت البيانات إلى أن الصادرات زادت 9.49 % إلى 15.53 مليار دولار فى حين تراجعت الواردات 21.47 % إلى 16.14 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
وقالت غرفة تجارة اسطنبول فى بيان سابق لها، إن أسعار التجزئة فى اسطنبول، كبرى المدن التركية، انخفضت فى نوفمبر بنسبة 0.24 % عن الشهر السابق.
وأضافت غرفة التجارة أن أسعار الجملة فى المدينة، التى يقطنها نحو خُمس سكان تركيا البالغ عددهم 81 مليون نسمة، ارتفعت فى نوفمبر الماضى بنسبة 0.18 % عما كانت عليه فى الشهر السابق.
وزعمت وزيرة التجارة التركية، روهصار بكجان، أن عائدات الصادرات التركية على صعيد نوفمبر الماضي، و12 شهرًا الأخيرة، حققت أعلى مستوى فى تاريخ الجمهورية.
سوق تركى
وقالت بكجان، فى بيان لها، إن صادرات تركيا خلال نوفمبر ازدادت بنسبة 9.49 %، وبلغت 15 مليارا و532 مليون دولار، وهو الأعلى بتاريخ الجمهورية للشهر المذكور.
وأضافت الوزيرة التركية بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول" المقربة من النظام الحاكم: "صادراتنا خلال 12 شهرًا الأخيرة ازدادت بنسبة 7.8 %، وبلغت 168 مليارا و77 مليون دولار، وهو الأعلى بتاريخ الجمهورية على المستوى السنوي".
وفيما يتعلق بالواردات، أشارت بكجان إلى تراجع قيمتها خلال الشهر الماضي، بنسبة 21 %، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، لتصل 16 مليارا و136 مليون دولار.
وفى المقابل، قال معهد الاحصاء التركى إن العجز فى تجارة تركيا انكمش بنسبة 93.8 % إلى 456 مليون دولار فى أكتوبر الماضى.
وأظهرت البيانات أن الواردات انخفضت 23.8 % الشهر الماضى فى حين ارتفعت الصادرات 13 %، مشيرة إلى أن العجز التجارى لتركيا هبط 15.7 % فى الفترة من يناير إلى أكتوبر إلى 51.63 مليار دولار.
بينما تضررت السياحة فى تركيا فى السنوات القليلة الماضية بفعل هجمات بالقنابل ونزاعات دبلوماسية ومحاولة انقلاب فاشلة، مما أثر سلبا على إيرادات القطاع التى تمثل مصدرا مهما للتمويل لسد عجز مزمن فى ميزان المعاملات الجارية.
وأظهرت بيانات من وزارة السياحة أن عدد الزوار الأجانب ارتفع 25.5 % على أساس سنوى فى أكتوبر إلى 3.76 مليون. وقالت الوزارة إنه فى الأشهر الـ 10 الأولى من العام، بلغت الزيادة 22.4 بالمئة إلى 35.57 مليون.
ومنذ بداية العام الجاري، سجل تعافى الإيرادات السياحية تباينا، وتظهر بيانات معهد الإحصاء التركى أن الإيرادات قفزت بنحو الثلث فى الربع الثانى من العام إلى 7 مليارات دولار، فى حين ارتفعت إيرادات الربع الثالث واحدا بالمئة فقط إلى 11.5 مليار دولار.
لكن، جمعية الفنادق التركية قالت إن بيانات أكتوبر تشير إلى ارتفاع جديد للإيرادات مع صعود متوسط الأسعار اليومية للغرف 21.8 % على أساس سنوى إلى 74 يورو (84 دولارا).
وأضافت الجمعية فى بيان مكتوب أن معدل إشغال الفنادق زاد 7.7 بالمئة على أساس سنوى فى أكتوبر إلى 69.4 بالمئة، مع بلوغ معدل الإشغال فى إسطنبول 73.5 بالمئة.
وفيما يتعلق بقطاع البنوك، أعلنت وكالة التصنيف الائتمانى فيتش، فى تقرير لها نشرته الأسبوع الماضي، عن استمرار تدهور جودة الأصول فى النظام المصرفى التركي، وأرجعت السبب إلى ارتفاع نسبة القروض المتعثرة.
وجاء تقرير وكالة فيش متزامناً مع مجموعة من الرسائل التى نشرها صهر أردوغان، ووزير المالية بيرات البيرق على حسابه الشخصى على موقع التغريدات القصيرة "تويتر"، بشأن الخطوات التى تقوم بها الحكومة لاحتواء الأزمة الاقتصادية فى تركيا، التى كان بيرات البيرق نفسه واحداً من الأسباب التى أدَّت إليها.
كما جاءت بيانات وكالة فيتش لتؤكد، وعلى العكس من التصريحات التى أدلى بها بيرات البيراق، أن المشكلات، التى يعانى منه نظام التمويل فى تركيا، ستتفاقم بشكل أكبر مما هى عليه الآن خلال العام القادم، على الرغم من أن وكالة فيتش هى الوكالة الدولية الوحيدة، التى منحتها تركيا أموالاً من أجل التصنيف.
وذكرت فيتش أيضاً أن الوضع مرشح للتدهور لا محالة، على الرغم من سلسلة الإجراءات التى اتخذتها لجنة مراقبة الأعمال المصرفية وتنظيمها للتخفيف من أثار القروض المتعثرة، والتى كان من شأنها تعريض مصداقية القطاع الصرفى التركى جميعه للخطر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة