كما هو الحال فى العديد من الدول الأوروبية ، اكتسبت التيارات الاكثر تطرفا مكانة فى الاونة الأخيرة فى امريكا اللاتينية مع فوز اليمينى المتطرف جايير بولسونارو رئاسة البرازيل بعد حصوله فى الدورة الثانية من الانتخابات على 55.7% من الاصوات مقابل 43.3% لمرشح اليسار فيرناندو حداد.
ووفقا لصحيفة "السول دى مكسيكو" المكسيكية فإن بولسونارو سيتولى مهامه الرئاسية مطلع العام المقبل فى بلد يعانى الكثير من المشكلات والازمات بسبب تفشى الفساد والجريمة، ويأتى الصعود المفاجئ لبولسونارو بسبب الرفض الشعبى لحزب العمال اليسارى الذى حكم البرازيل 13 عاما من 15 عاما الأخيرة وأطيح به قبل عامين وسط أسوأ ركود وأكبر فضيحة فساد ورشوة تشهدها البلاد، ولكنها تعتبر فوزه ضربة للديمقراطية.
ويخشى كثير من البرازيليين من أن بولسونارو، الذى يبدى إعجابه بالدكتاتورية العسكرية التى حكمت البرازيل بين 1964 و1985 ويدافع عن تعذيبها للمعارضين اليساريين، سيسحق حقوق الإنسان والحريات المدنية ويقمع حرية التعبير.
ووفقا لصحيفة "الناثيونال" الأرجنتينية فإن فى حال فوز بولسونارو سيؤدى إلى تحول سياسى جذرى فى البرازيل ،فالشعب البرازيلى عاش أسوأ كساد اقتصادى سجلته البلاد، وشاهد عزل الرئيسة ديلما روسيف، وفضائح فساد غير مسبوقة طالت رموز اقتصادية وسياسية فى البلاد.
وكان عام 2017، عاما ممتازا بالنسبة بولسونارو، وذلك لفوز الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى الولايات المتحدة الأمريكية، مما أعطاه أملا كبيرا فى الترشح للانتخابات، حيث أنه يشبه كثيرا فى القرارات السياسية المثيرة للجدل، وكان الكثير يطلق عليه "ترامب البرازيل".
ويثير بولسونارو الجدل بسبب وعوده للبرازيليين، والتى من بينها إغلاق مقر السفارة الفلسطينية لدى بلاده، حال تمكنه من الفوز فى الانتخابات الرئاسية، وبعد وقت قصير من فوزه بالانتخابات، صرح الرئيس البرازيلى أنه ينوى نقل سفارة بلده فى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس "قريبا"، وكتب بولسونارو على "تويتر": "كما سبق أن أعلنا خلال الحملة الانتخابية، نعتزم نقل سفارة البرازيل من تل أبيب إلى القدس"، مضيفا أن "إسرائيل دولة تتمتع بالسيادة وعلينا أن نحترم ذلك تماما".
ورغم اعتراف البرازيل بفلسطين كـ"دولة مستقلة ذات سيادة" منذ 2010، إلا أن "بولسونارو" لم يترك مناسبة دون التشديد على قوة العلاقات الثنائية بين البرازيل وإسرائيل.
ويرى بولسيناريو أن قرار الرئيس السابق، ديلما روسيف، بإنشاء مقر السفارة الفلسطينية فى العاصمة الفيدرالية برازيليا فى 2016، كان نتيجة عدة مفاوضات دارها الرئيس ديلما مع ما أسماهم بـ"الإرهابيين".
وقال بولسونارو "لقد تفاوض الرئيس ديلما مع فلسطين لكنه لم يتفاوض مع الشعب الفلسطينى فلا يمكن للمرء أن يتفاوض مع إرهابيين"، مضيفا "لذا فمن الضرورى إزالة مقر السفارة الفلسطينية وقصر بلانالتو - مقر الفرع التنفيذى للحكومة الاتحادية - من العاصمة برازيليا".
وعلى الفور كان الرئيس الأمريكى دونالد ترمب فى مقدمة المهنئين لبولسونارو، وسارع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بتهنئة بولسونارو، الذى عجت مسيرات وتجمعات مؤيدى حملته الانتخابية بأعلام إسرائيل.
وفى باقى أنحاء العالم ولا سيما أوروبا، لقت أصداء انتخاب بولسورانو ترحيبًا حارًا ودعوات للتعاون من قادة اليمين المتطرف والعنصريين.
وسيتولى بولسونارو الرئاسة لأربع سنوات خلفا للمحافظ ميشيل تامر الذى تنتهى ولايته بتدن تاريخى لشعبيته، ويفترض أن يتوجه بولسونارو إلى برازيليا ليتحادث مع تامر وكذلك مع رئيس المحكمة العليا دياس توفولى ورئيس أركان الجيش الجنرال ادواردو فياس بواس.
ورأى جاسبار استرادا الخبير فى الشئون السياسية لأميركا اللاتينية أن بولسونارو "سيكون تحت ضغوط قوية جدا يقدم نتائج بسرعة كبيرة، لأنه استند إلى برنامج بالغ التطرف"، مضيفا "على الصعيد الاقتصادى وعمليات الخصخصة، ستكون هناك ضغوط من الناخبين وكذلك أسواق المال" التى تنتظر الكثير وبسرعة. والنقطة المجهولة الأخرى هى معرفة ما إذا كان بولسونارو سيمتلك وسائل تطبيق سياسته.
وقال استرادا إنه "سيواجه البرلمان الأكثر تشتتا فى التاريخ". وأضاف أن الرئيس المقبل "سيغريه اتخاذ إجراءات قاسية جدا بدون المرور بالبرلمان" حيث سيواجه صعوبة كبيرة فى تشكيل أغلبية. مضيفا "سيواجه مطالب بسرعة كبيرة"، معبرا عن خشيته من "ارتكابه تجاوزات منذ بداية ولايته".
ودعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى "حماية الحقوق الديموقراطية" فى البرازيل بعد انتخاب بولسونارو، وقال مديرها للأميركيتين خوسيه ميجيل فيفانكو إن "البرازيل لديها قضاة مستقلين ومدعين ملتزمين وصحافيين شجعاناً ومجتمعاً مدنياً حياً". وأضاف "سنتحد معهم لمواجهة أى محاولة لتقليص الحقوق الديموقراطية والمؤسسات التى بنتها البرازيل بالآلام فى العقود الثلاثة الأخيرة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة