معبد مازال لم يدخل عصر التطوير كباقى معابد الأقصر المتنأثرة فى أطراف المدن البعيدة عن قلب مدينة الأقصر، بطل قصتنا هو "معبد مونتو" بمنطقة المدامود الذى يبتعد عن مدينة الأقصر حوالى 5 كيلومترات، ورغم الملايين من الجنيهات التى قدمت ومازالت تقدم كدعم من الحكومة ووزارة الآثار والبعثات الأجنبية، إلا أن ذلك المعبد مازال يعانى حتى الآن من الإهمال وعدم وضعه على الخريطة السياحية للزائرين من مختلف العالم، وكذلك لبعده عن بندر الأقصر.
الخطوة الوحيدة لدعم المعبد وتطويره تمت فى عهد وزير الآثار السابق الدكتور ممدوح الدماطى، والذى قرر منذ 3 أعوام بالعمل على إزالة الحشائش وتطهير الطرقات بالمعبد وإعادة الحياة للبحيرة المقدسة به، وتم العمل خلال تلك الفترة فى تطوير المعبد ولكن سرعان ما توقف العمل ولم تعود أيادى التطوير للمعبد بمنطقة المدامود شمالى المحافظة حتى الآن، والذى يحتاج لدعم من وزارة الآثار لدخول عصر جديد بتطويره ودعمه لجذب زيارات السياح له.
ويعد معبد الملك مونتو بمنطقة المدامود واحد من معبدين بالمحافظة يحملان نفس الاسم مخصصان لعبادة إله الحرب الملك مونتو، حيث تم كشف ذلك المعبد الفريد من نوعه خلال حفائر عالم الآثار الفرنسى فرناند بيسون دى لا روك فى 1925 واستمر العمل فى اكتشاف كافة تفاصيل المعبد عدة سنوات، ويضم المعبد برج وفناء كبير وهيكل يعود لفترة بطليموس الثامن، ويقول عنه الخبير الأثرى الطيب غريب، أن المعبد يعد تحفة فنية مميزة تعاقب على بناؤه عدد من الملوك على مر العصور السابقة من الفراعنة والبطالمة والرومان، ويوجد فى واجهته صرح بناه الإمبراطور الرومانى بتريوس، وقد بنيت بالأحجار القديمة للمعبد حيث وجد بها أحجار قديمة منقوش عليها أسماء كل من "سنوسرت الأول" و"رمسيس الثانى"، كما توجد داخله 4 صالات فى الجهتين الشمالية والجنوبية بناها الإمبراطور "أنتيوس بيوس" ثم ما يسمى "القبقة" والتى أنشأها "بطليموس السادس"، كما توجد داخل صالة بالمعبد تمثالين ليسا كاملين لـ"الملك سنوسرت الثانى" و"سنوسرت الثالث"، ومشاهد للملك "بطليموس السادس" وهو يتعبد للإله "حابى" إله النيل.
ويضيف الطيب غريب لـ"اليوم السابع"، أنه يوجد على الأعمدة الخاصة بالمعبد نقوشات ورسومات على شكل "زهرة اللوتس" منها المغلق والمفتوح على الصالات المختلفة، كما توجد أيضاً بوابة بناها الملك "أمنمحتب الثانى" والموجودة داخل المعبد البطلمى، ومعبد مونتو فى المدامود وتمثاله كان يعيشان على أعطية العيد وطعام العيد والقرابين، وتدل أعمال الحفائر التى قام بها الفرنسيون بتلك المنطقة عن وجود معبد أسسه الملك "سيتى الأول" وأكمله بعده ابنه "رمسيس الثانى"، والذى طمس مع الزمن ولم يتبق منه إلا آثار صغيرة تؤكد تلك المدلولات.
ويؤكد الخبير الأثرى الطيب غريب، أن البعثات الأثرية ورجال الحفائر كانوا قد عثروا داخل منطقة معبد المدامود على أول تمثال لقاضى فرعونى ويحمل حول رقبته قلاده مدلى منها رمز العدالة، وخرج مصنوع من الحجر الأبيض، كما عثر على تمثال للملك تحتمس الثالث أمام بوابة الملك أمنمحتب الثانى، وذلك خلال الأعمال فى عام 1914 وهو معروض الآن بأحدى قاعات متحف المتروبوليتان بالولايات المتحدة الأمريكية.
وعن الخطوة الوحيدة لدعم منطقة معبد المدامود يقول أحمد شرقاوى إبن منطقة المدامود شمالى محافظة الأقصر، أن المرة الوحيدة التى قرر محافظاً للأقصر لدعم منطقة المعبد وتطويرها كانت فى عهد اللواء طارق سعد الدين محافظ الأقصر الأسبق، منذ 3 سنوات، والذى زار منطقة المعبد ووضع خطة كبرى لتطوير منطقة "معبد المدامود" بعد التنسيق مع وزارات السياحة والآثار وهيئة التنمية السياحية والجهات المعنية، بهدف فتح المنطقة للزيارة ودعمها بنشاطات تساهم فى تطوير المنطقة وتوفير فرص عمل للشباب، وكانت تلك أولى زيارات المسئولين لتلك المنطقة التى يوجد بها المعبد بهدف وضع تصور مناسب لتطوير المنطقة عبر إنشاء طريق ومدخل للمنطقة الأثرية وعودة عمل البعثات للكشف عن الآثار، وطالب المحافظ وقتها من الأهالى بالتعاون مع المسؤولين والاشتراك فى وضع التصور المناسب للمنطقة، بحيث يمكن استغلالها مستقبلا فى انشاء مركز زوار وبازارات ومحلات سياحية ومطاعم، ودعمها بالأنشطة المختلفة بما يعود بالنفع على أهالى المنطقة.
ويضيف أحمد شرقاوى ابن منطقة المدامود لـ"اليوم السابع"، أنه حتى الآن لم يتم النظر للمعبد بالتطوير والدعم، حيث أن معبد مونتو بالمدامود يعانى بصورة كبيرة من الإهمال وارتفاع نسب المياه الجوفية داخله، مناشداً الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، والدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بضرورة النظر للأهالى فى تلك المنطقة والتدخل لتطوير المعبد لخدمة الأهالى بالمنطقة ودخول حركة السياحة من جديد بعد الإهمال الذى تعرض له المعبد مؤخراً، وضرورة وضع خطط تنمية شاملة لمنطقة معبد المدامود حيث تبلغ المساحة لمنطقة المعبد 30 فدان وتحتاج خطة موسعة لخدمة السياحة بصورة تليق بشمال الأقصر.
ويقول الدكتور محمد عبد العزيز مدير آثار مصر العليا بالأقصر، أن المعبد بالفعل توجد له خطة تطوير كبرى لإنشاء سور ضخم يحمى محيط معبد مونتو بالمدامود، كما يجرى التخطيط لإنشاء مركز للزوار ومحلات وغيرها لإدراج منطقة المعبد فى قائمة الزيارات السياحية خلال الفترة المقبلة، حيث أن تلك القرى تعتبر مناطق خصبة لخدمة السياح بكرم الصعيد المعروف للعالم أجمع.
ويضيف مدير آثار مصر العليا لـ"اليوم السابع"، أنه يشرف على أعمال التطوير التى تتم على مراحل بمنطقة معبد المدامود بعثة رجال المعهد الفرنسى للدراسات، حيث قامت بعدة زيارات للمعبد وبدأت فى العمل على مخطط مميز لخدمة المنطقة الأثرية التى كانت مهملة فى السابق، موضحاً أن التطوير يتم على مراحل بعد وصول الدعم المالى المخصص للمعبد وكل ذلك يتم بعناية فى معبد مونتو بالطود ومعبد مونتو بالمدامود فى المحافظة لحمايتهما من الإهمال الذى تعرضا لهما خلال السنوات الماضية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة