- تداعيات العقوبات الأمريكية على إيران
- توقعات تقليص صادرات إيران النفطية من 2.6 مليون برميل يوميا إلى مليون برميل
-انخفاض الاحتياطى من العملة الصعبة
- كارثة اقتصادية وارتفاع التضخم والأسعار
- تصفير الصادرات النفطية وحرمانها من عوائد بيع الذهب الأسود سيجبر طهران على تقليص نفقاتها على وكلائها فى المنطقة وعرقلة سياسات مد النفوذ
- توقعات بمغادرة رؤوس الأموال
بحلول منتصف ليل 4 نوفمبر، ستجري إعادة فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران في إطار استراتيجية الولايات المتحدة التى تستهدف فى المقام الأولى تقويض سلوك طهران المزعزع للاستقرار فى المنطقة، وعرقلة تطوير برنامجها الصاروخى البالستى، وتراهن الولايات المتحدة على أن تجبر العقوبات طهران على المثول إلى طاولة الحوار مجددا، لعقد اتفاق جديد بدلا من الاتفاق النووى الذى تراه سيئا، وهو ما ترفضه طهران بشكل قاطع. وأصبح السؤال الآن: ما هى تداعيات العقوبات الأمريكية المشددة والتى تستهدف قطاعى النفط والقطاع المصرفى على إيران؟.
تقليص صادرات إيران النفطية إلى مليون برميل يوميا
تستهدف العقوبات الأمريكية حرمان طهران من عائدات مبيعات النفط، ومن المتوقع أن تتقلص صادرات إيران النفطية من 300 ألف إلى 1مليون برميل يوميا، بعد أن كانت تصدر ما يقارب 450 ألف برميل يومياً إلى أوروبا و1.8 مليون برميل يومياً إلى اسيا، وتشير تقارير إلى أن بلغ حجم صادراتها النفطية في أبريل الماضى نحو 2.6 مليون برميل يوميا وفقا لوزارة النفط الإيرانية.
انخفاض الاحتياطى من العملة
انخفاض عائدات النفط الإيرانية المكون الرئيسى للدخل فى هذا البلد حيث تمثل بين 50% إلى 60% من إيرادات الموازنة العامة، سيؤدى بالتالى إلى انخفاض احتياطى طهران من العملة الأجنبية، وبشكل مباشر سيؤثر على أسعار صرف العملة الصعبة فى الأسواق، وفى حال لم تنتهج الدولة الإيرانية سياسات نقدية جديدة سيؤدى ذلك إلى هبوط حاد فى سعر العملة الإيرانية "التومان"، وسيتبعه ارتفاع مجددا فى الأسعار وانخفاض قدرة الشراء، وارتفاع مستوى التضخم وكساد فى الأسواق لا مثيل له. وعلى مدار الأشهر الـ6 الماضية أدى انخفاض الاحتياطى النقدى إلى هبوط حاد فى سعر العملة الإيرانية "التومان"، ووصل سعر صرف العملة فى أكتوبر الماضى لرقم تاريخى لم تشهده إيران من قبل، حيث بلغت قيمة الدولار الواحد 20 ألف تومان بعد أن عاد ينخفض تدريجيا. لكن ينبغى الإشارة إلى حيل طهران فى الالتفاف على العقوبات، والتى قد تؤدى إلى تقليل من حجم الأثار السلبية للعقوبات.
وفى تقرير لمركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيرانى فى يونيو الماضى حول وضع سوق العملة، كشف انخفاض الاحتياطى النقدى من العملة الأجنبية فى العامين الأخيرين داخل إيران فى أعقاب خروج رؤوس الأموال، حيث تراجع بمقدار 16 مليار و300 مليون دولار فى البنوك الإيرانية.
تقليص نفقات طهران على وكلائها
انخفاض احتياطى طهران من العملة الصعبة أيضا قد يجبرها على تقليل نفقاتها على وكلائها وأذرعتها فى المنطقة، والتى كانت تستنزف بشكل كبير خزينة الدولة الإيرانية، وكانت إحدى تبعاتها أن رفع المتظاهرون خلال اضطرابات ديسمبر الماضى شعارات "انسحبوا من سوريا وفكروا بنا" و"لا للبنان ولا لغزة.. روحى فداء لإيران"، ويرى الإيرانيون أن حكومتة بلادهم تركز جهودها وتنفق أموالها على القضايا الإقليمية وبسط نفوذ النظام فى المنطقة، عبر التدخل في سوريا ودعم طهران لأذرعه فى المنطقة وعلى رأسها حزب الله وحماس، بدلا من التركيز على تحسين ظروف مواطنيها، وستجد صعوبة على القيام به فى ظل العقوبات الخانقة.
تجربة مدى فعالية الكيان المالى للاتحاد الأوروبى
وستشكل العقوبات بداية لتجربة مدى فعالية الكيان المالى أنشأه الاتحاد الأوروبى لتفادى العقوبات، ويتيح لبلدانه استئناف بيع النفط مع إيران دون الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية، بعد إعلان واشنطن إعادة فرض العقوبات ليلة الجمعة، وأعلن وزراء خارجية ومالية ألمانيا وبريطانيا وفرنسا ومسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في بيان مشترك، تطورا ملحوظا شهده مسار التوصل إلى آلية مالية خاصة بإيران، إلا أنه فى حال لم يجد هذا الخيار نفعا بالنسبة لطهران، ستنخفض قدرة الأوروبيين فى مواصلة التجارة مع إيران.
بعد توقيع الاتفاق النووى، شهد عام 2016 طفرة كبيرة فى التجارة بين إيران و الاتحاد الأوروبي وفي عام 2017، بلغت قيمة إجمالي الصادرات الأوروبية إلى إيران من البضائع والخدمات 10.8 مليارات يورو (12.9 مليار دولار)، بينما بلغت الواردات من إيرادات إلى الكتلة الأوروبية 10.1 مليارات يورو، وتشكل الطاقة و المنتجات البترولية أغلب واردات إيران من الاتحاد الأوروبى، وشكلت الآلات والماكينات ومعدات النقل معظم الصادرات الأوروبية إلى إيران، تليها المنتجات الكيمائية، ومن المقرر أن ينخفض هذا النشاط التجارى إلى 60% فى حال فشلت الآلية الأوروبية فى الالتفاف على العقوبات.
توقعات بمغادرة رؤوس الأموال
امتثال البلدان إلى العقوبات الأمريكية سيؤدى إلى مزيدا من هروب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية من داخل إيران، والتى وصلت فى خلال الأشهر الأخيرة من العام الإيرانى الذى انتهى فى 21 مارس الماضى نحو 30 مليار دولار غادرت طهران وفقا لتقرير صحيقة "ِشرق" الإصلاحية، بحسب لنائب محمد رضا بور إبراهيمى رئيس لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان الإيرانى فى يونيو الماضى.
وفى يونيو الماضى ايضا، حذر تقرير لمركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيرانى من خروج المزيد من رؤوس الأموال من إيران العام المقبل بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى، مؤكدًا على أن العامين الماضيين خرج أكثر من 59 مليار دولار من إيران، وأوضح التقرير الذى نقله الموقع الإلكترونى للمركز، أنه خلال العامين الماضيين 2016 و2017 على التوالى، غادرت رؤوس أموال بلغت العام الأول 39 مليار و200 مليون دولار أى ما يعادل 83% من دخل إيران من الصادرات غير النفطية فى هذه السنة.
إقصاء المصارف الإيرانية عن النظام الدولي للتحويلات المالية
العقوبات أيضا تنذر المصارف الإيرانية بالمزيد من العزلة عن النظام المالى العالمى، حيث تشمل العقوبات المعاملات من قبل المؤسسات المالية الأجنبية مع البنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية المجددة بموجب المادة 1245 من قانون تخويل الدفاع الوطني للسنة المالية 2012، وتشمل فرض عقوبات على توفير خدمات الرسائل المالية المتخصصة للبنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية المحددة في قانون العقوبات الشامل، وسحب الاستثمارات الإيرانية لعام 2010.
إعلام إيران يهون من أثر العقوبات الأمريكية ويزعم: ترامب تراجع
أما إعلام طهران فكان مسندا إليه الدور الأكبر للتأثير على الرأى العام الإيرانى فى الداخل، ولتهدئة مخاوف الإيرانيون الذين يترقبون ما سيحل بهم يوم الأحد المقبل بعد فرض العقوبات، وخلال رصد اليوم السابع" اليومى للإعلام الإيرانى أظهر إعلام طهران براعته المعهودة فى توظيف الإجراءات الأمريكية الأخيرة المتمثلة فى اعفاء 8 بلدان من العقوبات، واستغلالها بشكل احترافى لخدمة النظام فى تهدئة الأوضاع الداخلية والحيلولة دون اندفاع الإيرانيين نحو مكاتب الصرافة لتحويل أموالهم إلى الدولارات تخوفا عما سيحل بالعملة الإيرانية بعد هبوط قيمتها بقعل العقوبات.
وعملت الألة الإعلامية الإيرانية حتى الساعة فى ترجمة هذه الأهداف وإضفاء طابع الهدوء على الشارع الإيرانى الملتهب أصلا جراء تردى الوضع الاقتصادى وارتفاع الأسعار، وتصدرت حزمة العقوبات الأمريكية الثانية أغلفة الصحف الإيرانية، الصادرة السبت، وبينما ناقشت الصحف المنتمية للمعسكر الاصلاحى تداعيات العقوبات، حاولت الصحف المتشددة والمنتمية للحرس الثورى، توظيف التقارير التى تشير إلى اعفاء 8 بلدان من العقوبات الأمريكية، لصالحها معتبرة أن هذا الإجراء يعد تراجع للولايات المتحدة عشية العقوبات.
ورغم أن تقارير تؤكد أن نتائج العقوبات ستكون فادحة على الاقتصاد والتنمية فى الداخل الإيرانى، كتبت صحيفة "تجارت" فى افتتاحيتها تحت عنوان "عجز أمريكا أمام قوة إيران النفطية"، أن إيران من حيث البعد العسكرى والاقتصادى والسياسي تتمتع بمكانة قوية حيث استمرت الإجراءات الأمريكية على مدار الـ 40 عام الماضية، معتبرة أن العقوبات لن تحدث خللا بمسيرة النمو فى البلاد" على حد تعبيرها.
Javan
من جانبها اعتبرت صحيفة "جوان" المتشددة والتابعة للحرس الثورى أن الـ 8 بلدان التى تم اعفاؤها من العقوبات هى من كبريات البلدان المشترية للنفط الإيرانى، وكتبت مانشيت "شعب مناهض للقوى العالمية ولا يقهر"، معتبرة أن خطوة الإعفاءات التى اتخذتها الولايات المتحدة عشية فرض العقوبات تنبع من "احباط" تعيشه واشنطن على حد تعبيرها. والصحف المستقلة أيضا تناغمت إلى حد ما لهجتها مع الصحف المتشددة، وكتبت صحيفة "جمهورى اسلامى" مانشيت "فشل سياسة ممارسة الضغوط القصوى الأمريكية على إيران".
وينتهج الإعلام الإيرانى أسلوب التهدئة مع إعادة فرض العقوبات الأمريكية، واخفاء نتائجها الكارثية على الداخل الإيرانى، ففى الوقت الذى تشير فيه تقارير إلى تقليص بعض البلدان المستوردة للنفط الإيرانى من حجم وارداتها من النفط الإيرانى الأمر الذى سيشكل أزمة للنظام الذى يعتمد دخله على عائد النفط، نشرت صحيفة "افكار" مانشيت "زيادة رغبة الصين والهند من النفط الإيرانى"، كما كتبت صحيفة "بهار" الاصلاحية تصريح للمحلل والمفكر السياسى الإصلاحي صادق زيباكلام الذى قال "لن يحدث شئ فى الرابع من نوفمبر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة