أصبح حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية قاب قوسين أو أدنى من الحل، بعدما أُدرج قضائيا 164 قياديا من قيادات الحزب على قوائم الإرهاب من خلال محكمة جنايات القاهرة.
ففى شهر أكتوبر المنصرم حدثت واقعة قربت الحزب من مقصلة الحل، فبعدما قررت دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد أبو العزم رئيس مجلس الدولة، يوم 21 أكتوبر حجز طلب لجنة شئون الأحزاب السياسية، بحل حزب البناء والتنمية، وتصفية أمواله وتحديد الجهة التى يؤول إليها للحكم بجلسة 16 فبراير المقبل، أعقب هذا القرار واقعة مفاجئة للجماعة الإسلامية، ألا وهى إدراج 164 من قيادات الحزب على قوائم الإرهاب وهو ما يعنى أن حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية يتجه بخطى ثابتة نحو محطة حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان.
ووفقا لآخر تحديث لقوائم الإرهاب فى مصر، أجرته الدائرة 11 بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمى، تضمن إدراج 164 اسما جديدا تنفيذا لقانون الكيانات الإرهابية، ينتمون جميعا لحزب البناء والتنمية والجماعة الإسلامية.
وضمت قائمة الإرهاب الجديدة قادة حزب البناء والتنمية، وزعماء الجماعة الإسلامية، فى مقدمتهم حلفاء تنظيم الإخوان عاصم عبد الماجد، وطارق الزمر، ومحمد شوقى الإسلامبولى، وصفوت عبد الغنى، لاتهامهم جميعا بدعم وتمويل الأنشطة العدائية فى مصر.
وتعد هذه المرة الأولى التى يدرج القضاء بناء على طلب النائب العام المستشار نبيل صادق، قيادات الجماعة الإسلامية، وذراعها السياسى حزب البناء والتنمية، وبعض الشخصيات المحسوبة على التيار الجهادى، على قائمة الشخصيات الإرهابية، عدا طارق الزمر وعاصم عبد الماجد اللذان تم إدراجهما فى قضايا سابقة.
ما زراعته الجماعة الإسلامية حصدته بإدراج كوادرها على قوائم الإرهاب
ويرى هشام النجار، المتخصص فى شئون حركات التيارات الإسلامية، أن إدراج قيادات الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب هو ثمرة طبيعية لممارسات قادة الحزب ولطبيعة الخط الذى انتهجوه خاصة بعد عزل جماعة الإخوان عن السلطة؛ فمن جهة هناك هروب للقيادات لتركيا وقطر وهذا التصرف بمفرده كفيل بالعصف بأى كيان يمارس السياسة فى الداخل المصرى حتى ولو لم يكن يرفع شعارات إسلامية لأن هذين البلدين تقودان مشروعًا واضح الملامح ومكتمل الأركان لهدم الدول العربية وتفكيك جيوشها ومؤسساتها وفق استراتيجية معلنة ومتاحة للجميع فى كافة مراكز البحث الأجنبية والعربية بغية تقويض النظام العربى التقليدى الذى تدخل مصر ضمن أركانه الرئيسية واستبداله ووراثته بمشروع إقليمى مذهبى وأيديولوجي".
وقال النجار، إن هؤلاء القيادات ذهبوا فى هذا الاتجاه وهم من الأسماء المدرجة بالقائمة كأنهم يعلنون بوضوح أنهم أداة فى يد أجهزة "قطر وتركيا" ضد المصالح المصرى وضد الأمن والاستقرار المصرى، علاوة على التحالف مع جماعة الاخوان والإصرار على الاستمرار فيه على الرغم من أن الجماعة الإسلامية قبل تلك المسارات المعقدة ومركبة المصالح والمطامع كانت تمتلك أفضلية على الإخوان تمكنها من السير باستقلالية عنها وبمعزل عن الوقوع فى فخ توجيه الإخوان للجماعة للتخديم على مصالحها وأهدافها وتلك الأفضلية تتمثل فى المراجعات الفكرية مع العلم بأن الجماعة الاسلامية كانت الفصيل الوحيد داخل هذا التيار الذى أجرى مراجعات يعتد بها ومن الممكن البناء عليها لإتمامها ليصبح لهذا الفصيل شخصيته السياسية والدعوية الخاصة به والمميزة له والتى تحصنه من العبث بإرادته وقراراته سواء من قوى بالداخل أو بالخارج.
وأضاف المتخصص فى شئون حركات التيارات الإسلامية، أن ما حدث عكس ذلك تمامًا ومفاده العصف بالمراجعات ومناوئة الرموز الإصلاحية والتربص بها والاستهانة بمكانتها نتيجة مطامع رخيصة فى القيادة، ومؤداها هو ما نراه كنتيجة طبيعية مترتبة على معطيات ومقدمات وهو لحاق الجماعة بمصير حلفائها فى الخارج والداخل فتركيا وقطر تائهان ومعزولان ومحاصران ومن ورطة إلى أخرى ومن مأزق إلى آخر وكذلك الإخوان وهو بطبيعة الحال مصير من ارتضى التمادى مع تلك المسارات وقبل فتات لعب أدوار الأدوات لمشاريع الغير والتى هى وفق ما هو مجمع عليه من غالبية المفكرين الدارسين لتلك الملفات بعمق وروية تعاكس وتهدد وجود وأمن العرب والمصريين ودولهم ومجتمعاتهم.
حل حزب البناء والتنمية خطوة تالية لإدراج قيادات الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب
ومن جانبه، توقع المحامى وليد البرش، القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، أن يعجل قرار إدراج قيادات الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب بحل الحزب، قائلا: "النتائج المترتبة على إدارج قيادات وأفراد الجماعة الإسلامية على قوائم الأشخاص الإرهابيين هى طبقا لما نص عليه القانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية سيتسبب فى العصف بحزب البناء والتنمية".
وفند "البرش"، الأمور التى ستترب على الإدراج على قوائم، ممثلة فى المنع من السفر وترقب الوصول، وسحب جواز السفر أو إلغاؤه أو منع إصدار جواز سفر جديد، وفقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولى الوظائف والمناصب العامة أو النيابية، وتجميد أموال الإرهابى متى استخدمت فى ممارسة نشاطه الإرهابى، وحظر ممارسة كافة الأنشطة الأهلية أو الدعوية تحت أى مسمى.
وأضح القيادى السابق بالجماعة الإسلامية، أن الإدراج على قوائم الإرهاب يكون لمدة 5 سنوات، مضيفًا: "الخطوة القادمة من إدراج الجماعة الإسلامية على قوائم الكيانات الإرهابية حل الحزب وخاصة أن تقرير مفوضى الإدارية العليا أوصى بحله لانتهاكه كل مواد قانون الأحزاب السياسية".
اللجوء للطعن على القرار للهروب من الأزمة
بدوره كشف خالد الشريف، القيادى بحزب البناء والتنمية عن تحرك الحزب للرد على إدراج قياداته فى قوائم الإرهاب، ويتمثل هذا الرد فى الطعن على هذا القرار أمام محكمة النقض لإلغاء هذا الإدراج، معبرا عن أسفه لإدراجهم فى قوائم الإرهاب قائلا: "سيترتب على هذا القرار خطوات صعبة ممثلة فى عدم تجديد الجواز وفقدان السمعة وحسن السير والسلوك".
وأشار "الشريف"، إلى أن الهيئة القانونية للحزب بالإضافة للمحامين الذين لديهم توكيلات لقيادات الجماعة الإسلامية سيتحركون فى الطعن على القرار، متوقعا أن خطوة ادراج قيادات الجماعة الإسلامية على قوائم الإرهاب خطوة لتهيئة الأجواء لحل حزب والبناء والتنمية.
وزعم القيادى بحزب البناء والتنمية، أن حزب البناء والتنمية لا يحمل عداوة لأى أحد وقياداته يعترفون بكل مؤسسات الدولة المصرية القائمة وأنه – أى الحزب- لم يكون جزءا من نظام الرئيس المعزول محمد مرسى، كما زعم أن حزب البناء والتنمية تجربة فريدة داخل مصر ممثلة فى إدماج العائدين من العنف إلى المجتمع والحياة السياسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة