أكَّد فضيلة الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية- أن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة أمر مخالف للشريعة الإسلامية وإجماع العلماء على مر العصور، فيما يتعلق بالنصوص التي فرضت استحقاق الرجل مثل حظ الأنثيين؛ كون تقسيم الميراث في هذه الحالات قد حُسِمَ بآيات قطعية الثبوت والدلالة، وهي قوله تعالى في ميراث الابن مع البنت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، وقوله تعالى في ميراث الأخت الشقيقة أو لأب مع أخيها الذي في درجتها وقوة قرابتها{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176].
وأضاف فضيلة المفتي في بيان له أنه لا اجتهاد في النصوص التي هي قطعية الدلالة قطعية الثبوت بدعوى تغيُّر السياق الثَّقافي الذي تعيشه الدول والمجتمعات الآن مثلما يدعي البعض؛ إذ إنَّ تلك النصوص المقطوع بدلالتها وثبوتها تُعد من ثوابت الشريعة، فالقرآن الكريم قطعيُّ الثبوت من ناحية آياته، وهو يشمل آيات كثيرة دَلالتها قطعية لا شك فيها، ولا تحتمل ألفاظها إلا معنًى واحدًا ينبغي أن تُحملَ عليه، والاجتهاد في مثل تلك الحالات يؤدي إلى زعزعة الثوابت التي أرساها الإسلام.
وأوضح مفتي الجمهورية أنَّ الإسلام كان حريصًا كل الحرص على مساواة الرجل بالمرأة في مجمل الحُقوق والواجبات لا في كل تفصيلةٍ، وقد بَيَّنتِ الشريعة الغراءُ أن التمايزَ في أنصبة الوارثينَ والوارثات لا يَرْجعُ إلى معيار الذُّكورةِ والأنوثةِ، وإنما هو راجعٌ لحِكَمٍ إلهيةٍ ومقاصدَ ربانيَّةٍ قد خَفِيتْ عن هؤلاء الذين جعلوا التفاوتَ بين الذكورِ والإناث في بعض مسائل الميراثِ وحالاته شبهةً على عدم كمالِ أهليةِ المرأةِ في الإسلامِ، فالمرأة في نظرِ الإسلام وشرعهِ كالرجلِ تمامًا، لها ما للرجل من الحقوق، وعليها ما عليه من الواجبات.
وتابع فضيلة المفتي: "إن تلك الدعوى التي يطلقها البعض من حتمية مساواة المرأة بالرجل، بزعم أنَّ الإسلامَ يُورِّثُ مطلقًا الذكرَ أكثرَ من الأنثى؛ هي دعوى لا يُعتدُّ بها وزَعْمٌ باطِلٌ؛ فالمرأةُ في دينِنا الحنيفِ لها أكثرُ من ثلاثينَ حالةً في الميراث، ونجدُ الشَّرعَ الحنيفَ قد أعطاها في كثير من الأحيان أكثرَ مما أعطى الرجل".
وضرب فضيلته مثالًا على ذلك: لو أن امرأةً ماتتْ عن زوج وبنتٍ، فما نصيبُ كلٍّ منهما؟ يأخذ الزوجُ الرُّبعَ، في حين أنَّ البنت -وهي أنثى- تأخُذُ النصف، فيكون نصيبها ضعف نصيب الرجل.
وتارةً جعلها الشارع تَرِثُ كالرجل تمامًا؛ بمعنى أنَّها تشاطِرُه المالَ المتروكَ وتكون مساوية له، ومثال ذلك: لو أنَّ رجلًا مات عن أولاد ذكور وإناثٍ وأمٍّ وأبٍ؛ ففي هذهِ الحالةِ نجدُ الأمَّ -المرأة- يكون نصيبها كنصيبِ الأب.
أمَّا عن الحالات التي تأخذُ فيها المرأةُ نصفَ الرجلِ، والتي يتَشَدَّقُ بها المزايدونَ على الإسلامِ، فأكد مفتي الجمهورية أنها لا تَعْدُو أَرْبَعَ حالاتٍ، وهي: إذا وُجِدَتِ البِنْتُ معَ الابنِ وإِنْ تَعَدَّدوا، وإذا وُجِدَتِ الأُخْتُ الشَّقِيقةُ مع الأخِ الشَّقِيقِ وإنْ تَعَدَّدُوا، وإذا وُجِدَتِ الْأُخْتُ لأبٍ مَعَ الْأَخِ لأبٍ وإنْ تَعَدَّدُوا، وإذا وُجِدَتْ بِنْتُ الابنِ مَعَ ابنِ الابنِ وإن تَعَدَّدُوا.
واختتم فضيلة المفتي بيانه مؤكدًا على دعم دار الإفتاء الكامل لجميع حقوق المرأة وعدم ظلمها، وأن الدار تدعو دائمًا إلى تمكينها من حقوقها العلمية والسياسية والمجتمعية، عبر الفتاوى التي تصدرها الدار، ولكنها في نفس الوقت تقف أمام محاولات التغيير فيما فرضه الله في كتابه الكريم من حقوق للرجل والمرأة على حد سواء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة