تحولت المساجد فى عهد الدكتاتور العثمانى رجب طيب أدروغان من دار للعبادة واقامة الصلوات الخمس، إلى منابر إعلامية تستخدمها قيادات حزب العدالة والتنمية للترويج لسياسات أردوغان من أجل تثبيت سطوته من خلال اللعب على الوتر الحساس من خلط الدين بالسياسة، وإضفاء نوع من القدسية على قراراته القمعية .
وعندما أراد "أردوغان" الترويج للاستفتاء على الدستور الذى يحول النظام فى تركيا من البرلمانى إلى الرئاسى ، وتوسيع صلاحياته التى تجعل منه نصف إله، لجأ إلى المساجد فانتشرت قيادات الحزب فى جميع مساجد تركيا وخاصة مسجد الفاتح، لحث الأتراك على التصويت بـ"نعم" لصالح الاستفتاء.
مسجد مليكة خاتون
ولم يتوقف عند ذلك بل فى كل مرة يتم فيها افتتاح مسجد كان يوجه رسائل سياسية، فعندما حضر افتتاح مسجد "مليكة خاتون" فى العاصمة التركية أنقرة فى 27 أكتوبر 2017 ، بدأ فى إرسال رسائل غير مباشرة بأنه سيكون الرئيس الأول لتركيا عقب تمرير الدستور فى إبريل من نفس العام .
وفى يوليو الماضى، افتتح "أدروغان" مسجدا ضخما على الطراز العثماني في شمال العاصمة القبرصية نيقوسيا مولت أنقرة بناءه بالكامل، ما أثار جدلا واسعًا بين القبارصة الأتراك، محذرين من كونها خطوة لتعزيز نفوذ تركيا في شمال قبرص.
خاتون
وقال شينير إلجيل رئيس نقابة المعلمين القبارصة الأتراك، إن هذا المسجد يجسد العقلية الإسلامية السنية وأيضا عقلية أردوغان الامبريالية، مشيرًا إلى أن المجتمع القبرصي التركي علماني وليس مجتمعا إسلاميا أصوليا.
وأوضح عزت إزجان العضو السابق في البرلمان ومؤسس حزب قبرص الموحدة الاشتراكي، أن سياسة أردوغان ترمي إلى تغيير هوية القبارصة الأتراك، داعيا أعضاء الحكومة إلى مقاطعة مراسم افتتاح المسجد، مضيفا "هويتنا ترتكز على قبرص.. لدينا الكثير من القواسم المشتركة في هويتنا مع القبارصة اليونانيين والارمن والموارنة، وكلهم لهم وجود على الجزيرة"، مؤكدا أن كل ما يحاول ارودغان فعله هو ضم الشمال وبناء هوية أخرى.
اردوغان
وتعد تركيا هي الدولة الوحيدة التي اعترفت بجمهورية "شمال قبرص التركية" المعلنة من جانبها فقط في عام 1983، وتدير أنقرة نظامها المالي وتنشر فيها نحو 35 ألف جندي تركي، وذلك بعدما انفصلت شمال قبرص عن الجزيرة في عام 1974 عندما اجتاحت القوات التركية الثلث الشمالي منها واحتلته ردا على انقلاب عسكري وقتها كان يهدف للوحدة مع اليونان.
وعلى نفس النهج سارت قيادات الحزب، حيث يستغل مرشحو حزب العدالة والتنمية في انتخابات المحليات المساجد في تركيا للدعاية الانتخابية الأمر الذي أزعج الأتراك كون المساجد دور عبادة وليست لممارسة السياسة.
مسجد محمد الفاتح
وذكرت صحيفة " زمان" التركية، أنه بعد أن شهدت بلدة أيفاجيك التابعة لمدينة سامسون المطلة على البحر الأسود في شمال تركيا، استغلال أحد أئمة الجامع المركزي في البلدة للمنبر للترويج لنفسه كمرشح لحزب العدالة والتنمية في انتخابات المحليات. فاجأ مرشح عن حزب العدالة والتنمية المصلين بعد صلاة الجمعة بحملة دعائية له على أبواب المسجد.
وشهدت مدينة يالوفا، قيام مرشح عن حزب العدالة والتنمية يدعى سرهات تيبير، بتعليق لافتات تابعة لحملته الانتخابية أمام المساجد قبل صلاة الجمعة، ضمن حملته الانتخابية استعدادًا لانتخابات المحليات المقررة في 31 مارس آ2019.
وأراد مرشح حزب العدالة والتنمية سرهات تيبير استغلال صلاة الجمعة، وتحويلها إلى فرصة دعائية للترويج لنفسه سياسيًا في بلدة تشيفتليك كوي بمدينة يالوفا. وقام بتعليق لافتات حملته الانتخابية على مدخل أكبر مساجد بلدة "تاش كوبرو" قبل صلاة الجمعة. وكتب على لافتاته الدعائية: "كل شيء من أجل بلدة تاش كوبرو. لنتوجه معًا جميعًا نحو أهدافنا مرة أخرى"،الأمر الذي تسبب في حالة من الغضب وموجة من الانتقادات بين المصلين، مما دفع المشرفين على حملته الانتخابية لإزالة اللافتات عقب صلاة الجمعة.
ومن جانبه، علق رئيس مدينة يالوفا من حزب الشعب الجمهوري نور كوتشاك على الواقعة، مؤكدًا أن دور العبادة ليست مكانًا لممارسة الأنشطة السياسية.
وقال إن المساجد هي دور عبادة لا يمكن بأي حال من الأحوال استخدامها للسياسة. ومن مهام الأئمة والخطباء ومفتي المدن والبلديات ومسئولي رئاسة الشئون الدينية، منع تلويث المساجد بالسياسة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة