أزمة كبيرة أثيرت خلال الـ24 ساعة الماضية، عقب تداول أنباء عن إقامة حفل زفاف داخل معبد الكرنك التاريخية بمحافظة الأقصر مساء الخميس الماضى، حيث تناثرت الانتقادات ضد رجال الآثار بالمحافظة عقب تنظيم الحفل داخل المعبد وبين أعمدته التاريخية الشاهدة على أكبر معبد دينى تاريخى فى العالم، والتى عقب ظهورها وجه الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أوامره إلى مدير منطقة آثار الكرنك بتحرير محضر فى شرطة السياحة والآثار ضد الشركة، وجاء ذلك حيث إن الشركة خالفت الموافقة الرسمية التى حصلت عليها من وزارة الآثار والتى نصت على عمل حفل عشاء كما هو متبع وليس عقد قران، كما أنه سيتم وقف التعامل مع هذة الشركة تماما، وأحال أيضا وزيرى مفتشى الآثار المشرفين على الحفل إلى التحقيق.
وفى هذا الصدد يقول الدكتور محمد عبد العزيز، مدير آثار مصر العليا، إن ما أثير عن تنظيم حفل زفاف داخل المعبد لم يحدث نهائياً وما تم داخل المعبد مساء الخميس الماضى، عبارة عن حفل عشاء لإحدى الشركات التى كان مالكها يعمل فى الأقصر فى بداية حياته، وقرر إقامة حفل الزفاف بالمحافظة رداً للجميل للمدينة التى بدأ فيها حياته المهنية ومشروعاته، وأقيم حفل الزفاف بأحد الفنادق، وتم تنظيم عشاء داخل المعبد لأسرته العريس والعروسة فى أجواء سعيدة بين العائلتين.
وأضاف الدكتور محمد عبد العزيز لـ"اليوم السابع"، أن حفل العشاء تم داخل المعبد بموافقات رسمية ودون أية مخالفات أو مشكلات كما أثير على مواقع التواصل الاجتماعى، وعقد قران العروسين تم يوم 30 سبتمبر الماضى بعيداً عن المعبد تماماً، ولكن ما تسبب فى ذلك اللغط حول مشاركة مأذون الزواج فى الحفل، وتحدث خلال العشاء لأسرة الزوج والزوجة عن الزواج فى الإسلام وكيفية معاملة الزوج لزوجته بما يليق بها فى الدين ويرعاها، وكذلك حقوق الزوج على زوجته وكيف يعيش الجميع فى حياة زوجية سعيدة، فقال المغردون إن ذلك حفل كتب كتاب وزفاف، قائلاً: "لم يحدث زفاف ولا توجد كوشة ولم يقوم المأذون بعقد القران فى المعبد نهائياً، ولكن الحفل كان عشاء عائلى فقط، وتم دفع جميع الرسوم بمعرفة الشركة المنظمة للحفل بمعرفة مندوبها بمحافظة الأقصر وسط إشراف رجال الآثار ومفتشى وعمال المعبد.
أما ثروت عجمى، مستشار غرفة شركات السياحة فى الأقصر، فقد طالب بضرورة التحقيق مع قيادات المعبد وآثار الأقصر فى تلك الواقعة بقيام الوزارة بالموافقة على إقامة حفل عشاء وعقد قران بحضور أكثر من 300 شخص داخل معابد الكرنك الفرعونية، مؤكداً أن إقامة هذا الحفل داخل حرم المعبد وبين معالمه وأعمدته وصروحه يعد أمر غير مقبول، ويجب اتخاذ التدابير اللازمة لعدم تكرارها، رافضا أن يكون تنمية موارد وزارة الاثار يتم عبر تحويل مناطقنا الاثرية لصالات أفراح ومطاعم ليلية.
وأوضح ثروت عجمى – فى بيان سابق – أن معبد الكرنك فى الأقصر، يشهد حفلات محلية وعالمية وغيرها دون تنظيم أية حفلات زواج أو زفاف لأن ذلك الأمر مخالف تماماً للوائح والقوانين بمصر، مشدداً على أنه تم تنظيم حفل عشاء وعقد قران لعروسين داخل المعبد وبين أعمدته ومعالمه التاريخية، كما قال محمد صالح منسق اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية بالأقصر، إن تنمية الموارد لا يعنى تحويل المعابد والمناطق الأثرية لساحات أفراح، مشيرا إلى أنه اعتاد على رؤية الحفلات فى الساحات المواجهة للمعابد، أو بعيدا عن المعالم الأثرية بالمعابد مثل ما يحدث فى معبد الأقصر، حيث تقام حفلات العشاء فوق ربوة تطل على المعبد وليس بين أعمدة المعبد.
وتحدث القذافى عبد الرحيم عزب، مدير منطقة آثار الكرنك، أن إقامة الحفلات أمام معبد الكرنك أو المواقع الأثرية أمر طبيعى تماماً وليس فى مصر فقط ولكن فى دول العالم، لأن ذلك يساعد على الترويج السياحى للبلاد التى تملك تاريخا حضاريا كبيرا، موضحا أن ما تم داخل المعبد حفل عشاء وليس زفاف كما قيل وحضره حوالى 250 شخصا، وتم دفع الرسوم والحصول على الموافقات بإمضاء مساعد وزير الآثار بالقاهرة ودفع الرسوم المقررة، حيث إنه لكل 100 فرد فى حفل داخل المعبد يتم دفع رسوم 20 ألف جنيه، وذلك بجانب الرسوم الأخرى وأموال الصناديق وغيرها، والشركة قامت بسداد كل التكاليف، وتم إخطار شرطة السياحة ومديرية أمن الأقصر والمالية بالمعبد لمراجعة الأعداد قبل وأثناء وبعد الحفل وتم تسديد رسوم الأعداد الزائدة بالحفل.
وأضاف مدير منطقة آثار الكرنك فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن منظم الحفل كان يعمل بالسابق فى الأقصر، وقرر أن ينظم حفل الزفاف فى أحد فنادق المحافظة، وأقام حفل العشاء للعائلتين وضيوفه من كبار رجال الأعمال بمصر للترحيب بهم، كما قام بذبح عجلين فرحة بالزفاف أحدهما تم توزيعه للفقراء بمنطقة الكرنك، والثانى تم ذبحه وتوزيعه فى مدينة البياضية، مؤكداً أن حفل العشاء كان طبيعيا تماماً والأكل كان بوفيه عبارة عن لانش بوكس ومأكولات سريعة وعصائر وشربات فرحة بزفاف أبنائهم، وتواجد معهم المأذون الذى قال خطابا سريعا حول الزواج فى الإسلام وكيفية حسن المعاملة بين الزوج وزوجته وغيره ولم يتم عقد القران أو كتب الكتاب داخل المعبد، حتى العريس والعروسة لم يرتديا ملابس زفاف من الأساس لأنه كان عشاء فقط.
وأشار القذافى عبد الرحيم إلى أن إقامة الحفلات تنظم بمنطقة آثار الكرنك، وهو المكان المخصص للحفلات والمتعارف عليه ولم تتم إقامة اى حفلة تضر بالآثار المصرية، لافتا إلى أن تلك الحفلات تعمل على الترويج للسياحة المصرية من خلال انتشار الصور الفوتوغرافية التى يتم التقاطها داخل المنطقة الأثرية، بالإضافة للعائد المادى الذى يعود على وزارة الآثار والدولة، وكذلك نية رجال الأعمال الذين يحضرون تلك الحفلات لتنظيم مثلها قريباً بالمعبد وهو أمر جيد للسياحة والآثار بالأقصر.
وحول تاريخ معابد الكرنك وعظمتها التى تجذب الجميع حول العالم لإقامة الحفلات ودفع رسوم كبيرة للاستمتاع داخلها، يقول الطيب غريب، كبير مفتشى معابد الكرنك، إن المعابد تعد مملكة كبرى تضم عددا من المعابد والمقصورات والأعمدة والمسلات وغيرها من التاريخ الفرعونى القديم ما زالت قابعة منذ آلاف السنين، وتعتبر الأعظم فى تاريخ القدماء المصريين، هى "معبد الكرنك"، الذى يعد أعظم دور عبادة فى التاريخ، حيث إن أعمال التشييد التى أجريت داخله استمرت لأكثر من 1500 عام، حيث سمى معبد الكرنك بهذا الاسم بعد الفتح الإسلامى لمصر، حيث إن كلمة "الكرنك" تعنى الحصن أو المكان الحصين، ومدخل المعبد عبارة عن "طريق الكباش" الملىء بتماثيل لحيوان كان رمزاً للقوة لدى الفراعنة، والطريق الذى يتوسط التماثيل هو الطريق الرئيسى المؤدى للمعبد، وترجع شهرة الكرنك إلى كونه فى الحقيقة مجموعة من المعابد المتعددة التى بنيت بدايةً من الأسرة الـ11 حوالى فى العام 2134 ق.م على مساحة 63 فدانًا، عندما كانت طيبة مركزًا للديانة المصرية، وهذه المعابد المحاطة بأسوار من الطوب اللبن ترتبط ببعضها البعض من خلال ممرات تحرسها تماثيل متراصة على صفين لأبى الهول، تبلغ مساحة معبد آمون 140 مترًا مربعًا، وهو مزود بقاعة ضخمة لها سقف محمول على 122 عمودًا بارتفاع أكثر من 21 مترًا ومصطفة فى 9 صفوف، هذا غير النقوش البارزة على الأعمدة والبوابات العملاقة والمسلات.
وأضاف الطيب غريب لـ"اليوم السابع" أن معبد الكرنك شيد فى الأساس ليكون داراً "لثالوث طيبة المقدس"، وهذا الثالوث مكون من الإله "آمون" (ومعنى اسمه "المخفى" Hidden)، وزوجته "موت" Mut الأم، وابنهما الإله "خون سو" Khonsu إله القمر الذى يعبر السماء، وكان مقرهم الرسمى هو معبد الكرنك، ثم رأى أن يشيد لهم معبدًا آخر فى إحدى ضواحى "طيبة" القديمة لتستريح فيه الآلهة فترة من الزمان، ولهذا شيد لهم الملك "أمنحتب الثالث" هذا المعبد فى الأقصر، وقيل أنه قام ببنائه على أنقاض بيت قديم من بيوت العبادة، وهكذا أصبح معبد الكرنك هو قصر آمون الرسمى، كما أصبح معبد الأقصر منزله الخاص الذى يقضى فيه مع عائلته فترة من الراحة والاستجمام فى ميعاد محدد من كل عام.
وأوضح كبير مفتشى معابد الكرنك، أنه يقع على شارع الكورنيش أمام النيل مباشرة، وعند منتصف جدار المعبد تقريباً يوجد باب صغير يؤدى إلى داخل المعبد، وهذا هو المدخل المخصص لدخول المعبد الآن، وهو يوصل إلى منتصف المعبد فى ذلك الفناء المعروف باسم فناء "أمنحوتب الثالث"، واشترك فى إنشاء وإقامة هذا المعبد كل من "توت عنخ آمون" والملوك "آى"، و"حور محب"، و"سيتى الأول"، كما أجرى الملك "رمسيس الثانى" توسعات فى المعبد، ولقد سجل "توت عنخ آمون" مناظر موكب "عيد أوبت" على الجدران المحيطة بصفى أساطين رواق الطواف، وكذلك رحلة "آمون" السنوية التى تنتهى عند الأقصر، وبدأ الملك "تحتمس الثالث" (1500 ق.م) بتشييد 3 مقاصير لثالوث "طيبة" المقدس على أنقاض ذلك المعبد القديم. وما زالت مقاصير "تحتمس الثالث" موجودة فى فناء الملك "رمسيس الثانى" بالمعبد، وفى عام 1834م سُرِق الكثير من هذا المعبد إلى فرنسا والقطع المسروقة موجودة إلى الآن فى متحف اللوفر فى باريس، وبعد ذلك بعدة سنوات تم إنشاء مصلحة الآثار المصرية عام 1858م لمراقبة الآثار والحفاظ عليها، وأمام معبد الكرنك توجد البحيرة المقدسة، وهى بحيرة أنشأها ملوك الفراعنة وكانوا يقيمون حولها الاحتفالات الرسمية، وعمقها 4 أمتار، ويتم عرض برنامج الصوت والضوء داخل معبد الكرنك، فهو عبارة عن عرض باهر بأضواء الليزر يصاحبه موسيقية تصويرية غاية فى الإبداع، ويروى قصة بناء هذا الأثر الرائع بالكلمة والضوء واللحن الموسيقى ويتم العرض مرتين يومياً ومدة العرض ساعة ونصف، ويشهده المتفرجون من المدرجات المُعدّة لذلك، وهو باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية واليابانية.
القصة-الكاملة-لأزمة-حفل-زفاف-معابد-الكرنك-بالأقصر-الخميس-الماضي-(7)
القصة-الكاملة-لأزمة-حفل-زفاف-معابد-الكرنك-بالأقصر-الخميس-الماضي-(8)
القصة-الكاملة-لأزمة-حفل-زفاف-معابد-الكرنك-بالأقصر-الخميس-الماضي-(9)
القصة-الكاملة-لأزمة-حفل-زفاف-معابد-الكرنك-بالأقصر-الخميس-الماضي-(10)
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة