هل سبق وأن شاهدت فيلما وشعرت أنه موجه إليك أنت، لا ليحكى لك قصة خيالية، أو مقتبسة عن رواية أو قصة حقيقة، بل ثمة اختبارك وضعك فيه دون أدنى إرادة منك، لتجد نفسك فى النهاية، أم الجواب، إما أنك نجحت أو فشلت.
فى فيلم Alpha يتابع المشاهد منذ البداية كيف كان الإنسان يعيش حياته معتمدا على مواسم الصيد، وكيف كان زعماء القبائل يربون أبنائهم على الشجاعة ليكونوا جديرين بخلافتهم، وهى أمور بديهية كثيرا ما رأيناها فى العديد من الأفلام، ولكن ما هو الجديد الذى يقدمه فيلم Alpha؟ ربما يؤسفنى أن الإجابة هى: لا يوجد.
قبل مشاهدتى لفيلم Alpha رأى بعض الأصدقاء أن الفيلم لن ينال إعجابى، لكننى اعتقدت فى قرارة نفسى بأن لكل عين نظرتها وتأويلها الخاص لما تراه. تابعت الفيلم متوقعا بعض المشاهد بناء على البوستر الرسمى، ولهذا علمت بأن "كيدا" لن يموت بعد المشهد المثير، الذى يعود بنا إلى ما قبل اللحظة الآنية بأسبوع، لنتعرف على شخصيته ودوره وحساسية موقفه التى تجعله مختلفا، وربما من وجهة نظرى مميزًا أيضًا.
لن أتحدث هنا عن براعة الصورة التى يتمتع بها الفيلم، مثل الموسيقى التصويرية أيضًا التى حازت إعجاب الكثيرين، لكننى سأتحدث عن "كيدا" الذى لم يكن كغيره من أبناء قبيلته من هواة الصيد، والاستمتاع بالقتل من أجل إثبات قدراته، أو من أجل البقاء حيًا، لكنه أراد فقط أن ثبت لوالده زعيم القبيلة بأنه جدير بأن يفخر به.
طوال الرحلة، أثبت "كيدا" بما لا يدع مجالا للشك أمام شباب القبيلة أنه ليس مؤهلاً لتولى خلافة والده، حتى أتت اللحظة التى قال له والده فيها إن "الشجاعة تكتسب ولا تمنح فهى ليست بموهبة".
تعلمنا الرحلات، أن الوصول ما هو إلا مفتاح لمحطة أخرى ننطلق منها إلى غيرها، لكن ما نتعلمه فى الطريق، طريق الرحلة، هو ما لا يمكن اكتسابه بالاستماع أو مطالعة الكتب، وهذا ما يضعنا أمامه فيلم Alpha بل ويختبر إيماننا بأنفسنا، آمن "كيدا" بنفسه، ولم يفعل أشياءً يفعلها غيره من أجل رضاء والده، أو الزهو أمام شباب قبيلته، لكن الرحلة، رحلته القاسية من أجل العودة والوصول إلى قبيلته، كانت مثالا حيا وقويا على التمسك بهذه المبادئ، والاختبار الفعلى لما يؤمن به.
فى رحلته، تعلم "كيدا" كيف بإمكانه أن يجعل من عدوه صديقا له، وعلى الرغم من خطورة وحساسية موقفه، لم يكن أنانيا، علم أن هدفه لن يقوم به إلا غيره، وهو ما يتجلى فى علاقته مع "ألفا" بين الوصل والانقطاع حتى النهاية.
بنهاية الفيلم، التى أظن أن أغلب من شاهده توقعها، ما عدا أن "ألفا" كانت أنثى وتحملت مشقة الرحلة، وأن آلامها كانت بسبب الحمل، ناهيك عن أنها عاشت معه ولم تسمع لنصيحة "كيدا" بالبقاء مع أفراد عائلتها، فإن المغزى من الفيلم، والذى أتوقع أنه السبب وراء عدم وضوحه أو التقاط البعض له، هو ما يفسر لنا، آراء شريحة كبيرة من المشاهدين رأت أن الفيلم لم يكن مشوقا أو جذابا ولم يلب رغباتهم.
إن الرحلة مهما كانت، فى النهاية، تبقى رحلة، وأهم ما فيها، هو أن تكون لديك عزيمة الصبر، والإيمان بنفسك لاستكمالها، لكى تصل إلى المغزى منها، وبعض الأفلام وهى قليلة جدًا، هى التى تمثل فى نظرى اختبارا صعبا تضع القارئ فيه، وتختبره فيما يؤمن به، أما الغالبية العظمى فهى وجبات سريعة مليئة بالإثارة والتشويق وعناصر الإبهار لتحقيق أعلى عائدات، لكنك بعد الانتهاء منها، لن تجد لها أثرًا باقيا بداخلك، ولهذا لا يهمنى التقييم الذى حصل عليه الفيلم، بقدر ما يهمنى أن رسالته وصلتنى وأسعدتنى جدًا.
يشار إلى أن فيلم Alpha بطولة كودى سميت ماكفى، وناتاسيا مالثى، وليونور فاريلا، وجوهنيس هاوكور، ومرسيدس دى لا زردا، وينس هولتين، وبريا راجاراثنام، ومارسين كووالتشيك، ومن إخراج ألبيرت هيوز كما أنه شارك فى تأليف الفيلم بالمشاركة مع المؤلف دان ويدنهاوبت، بلغت تكلفة إنتاج الفيلم 50 مليون دولار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة