هل سبق وأن شاهدت فيلم The Words الذى يدور حول شاب يسعى لتحقيق حلم حياته بأن يكتب رواية، وبعدما ينتهى منها، ترفضها دور النشر، ثم يجد ذات يوم رواية داخل حقيبة لا يوجد عليها اسم، فينسبها لنفسه وتحقق له شهرة عالمية، ثم بعد ذلك يتعرف على كاتبها.
لا شك أن كل من شاهد هذا الفيلم من جمهور الأدب والثقافة يكن الكثير من الإعجاب لهذا الفيلم، خاصة وإن كان ممن لديهم تجارب فى عالم الإبداع، فلا شيء أصعب على الكاتب من سرقة عمله الأدبى، بأى شكل كان.
ولكن هل سبق وأن فقد أى كاتب فى عالمنا العربى مخطوطة رواية، سواءً كانت ورقية، أو إلكترونية؟.. هذا السؤال قمنا بطرحه على ثلاثة من رموز الإبداع فى مصر، وهم: الكاتب محمد سلماوى، والقاص سعيد الكفراوى، والكاتب إبراهيم عبد المجيد، وهذه إجاباتهم.
فى البداية أشار الكاتب الكبير محمد سلماوى، إلى أنه منذ 20 عاما، كان يكتب رواية بعنوان "بسكوى"، وفى ذلك الوقت، كان يكتب أعماله على الأوراق، وكان قد أوشك على الانتهاء من هذه الرواية، وأثناء التنقل للعيش من بيت إلى آخر، فقدت مسودة الرواية.
ويشير محمد سلماوى، إلى أنه لم يحاول منذ ذلك الوقت كتابة الرواية مرة أخرى، وذلك لإيمانه بأن العمل الإبداعى، هو ابن لظروف ومناخ ولادته، وإن لم يكتب فإن ظروف إنتاجه تكون قد تبددت.
ويوضح محمد سلماوى، أن "بسكوى" هو الخزف التى تشبه البسكويت، يتكون فى الأساس من عجينة ليتم تشكيل التماثيل بها، وكانت الرواية رمزًا لعلاقة عاطفية هشة جدا.
ومن ناحية أخرى، يشير محمد سلماوى، إلى أنه بعدما انتقل للكتابة على الـ IPad تعرض مرات عديدة لفقدان فقرات كبيرة من عمل كبير كان يعمل عليها، لكنه تمكن من إعادة كتابتها مرة أخرى.
أما القاص الكبير سعيد الكفراوى، فكشف لـ"اليوم السابع" عن كواليس تعرضه لفقدان إحدى قصصه، يقول: لقد حدث هذا بالفعل ولكن فى بداية مشوارى، وكانت قصة كنت قد كتبتها، وتقوم على أن يكون هذا النص هو جوهر المجموعة القصصية، وعادة الأدب أنك لا تستطيع إعادة إنتاجه، فالنسخة الأولى هى الأساس، وحتى إذا كتبت فإنها نسخ تخرج من الأولى، من الصعب إعادة إنتاج ما فقدته، سوف يكتب مرة أخرى، ولكن على نحو آخر.
يتذكر سعيد الكفراوى، موضوع قصته التى فقدها، ويقول: كانت القصة حول حلم ينتهى بكشف عن حقيقة تهم البطل فى القصة، ولم استطع مرة أخرى كتابة هذه القصة، وضاع المعنى مع فقد النص. فى الأدب، أى كاتب جيد يعرف قيمة أول النسخ، وهى أول كتابة، هى النسخة التى تلمس مشاعر وحقيقة الكاتب ومحاولة إلقاءه أسئلة على موضوعه، ومن ثم، المضمون حيا على الورق.
ويشير سعيد الكفراوى، إلى أنه يعرف عددًا من الكتاب فقدوا مخطوطات رواياتهم، وذهبت تلك الروايات إلى العدم، مثل الكاتب إبراهيم منصور، الذى فقد روايته، ولم يستطع كتابتها طول حياته، ورحل عن عالمنا بدون كتابة هذه الرواية.
ويشير سعيد الكفراوى إلى أن الكاتب عبد العال الحمامصى، أنجز رواية فى منحة تفرغ، وضاعت منه الرواية ففقد المنحة؛ لأنه لم يستطع إعادة كتابة الرواية مرة أخرى.
ومن المفاجآت التى كشف عنها سعيد الكفراوى، هى أن أديب نوبل العالمى نجيب محفوظ، كتب رواية فى بداية حياته، عن القرية المصرية وفقدها لكنها ظهرت فى آخر حياته، حينما وجد النص لدى أحد الأشخاص، لافتا إلى أنه لا يذكر اسم الرواية.
وفى نفس السياق، أشار محمد سلماوى، إلى أن هذه الرواية وجدها أحد النقاد، وقام بنشرها فى كتاب، إلا أن نجيب محفوظ لم يكن مهتما حينذاك بها، ولم تلق إعجابه أو إعجاب أحد.
كما أشار "سلماوى" إلى أن نجيب محفوظ أخبره، بأنه حكى ذات مرة مع أحد كبار كتاب المسرح، عن فكرة مسرحية تحمل اسم "العتبة"، لكنه فوجئ بعد ذلك بأن هذا الكاتب، قام بكتابة المسرحية باسم آخر.
على الجانب الآخر يقول الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، لم يسبق أن ضاعت إحدى مخطوطات رواياتى أبدا، لكننى أتعرض لمواقف طريفة أخرى، وهى أن إحدى الشخصيات فى الرواية، التى أكتبها، تجبرنى على تغيير الموضوع الأساسى للرواية، أو أجد إحدى الشخصيات التى تريد الرواية عن نفسها، وتأبى أن تكون شخصية ثانوية فى هذه الرواية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة